عاش عبد الرحمن الخميسى حياة الصعلكة، و ظل يعانى من عدم الاستقرار فى شتى أمور حياته، وكان كاتبا كبيرا وشاعرا مغامرا ومناضلا حقيقيا يعرفه أصدقاؤه ومحبوه باسم "القديس". كان الخميسي يمارس الصحافة، إلى جانب إبداعه الأدبي في مجال القصة والشعر، ومهد الطريق لمواهب كبرى مثل يوسف إدريس، واكتشف طاقات أخرى مثل الفنانة سعاد حسني وغيرها، وترك أثرًا خاصا بدوره في فيلم "الأرض" ليوسف شاهين. وبدأ ترجمة الأوبريتات في تجربة كانت الأولى من نوعها في تاريخ المسرح الغنائي خاصة أوبريت "الأرملة الطروب"، وألف العديد من الأوبريتات المصرية، ثم اتجه إلى تأليف وإخراج الأفلام السينمائية. وعندما هاجر الخميسي من مصر في رحلة طويلة لم تنتهِ في بيروت، حيث سافر منها إلى بغداد ومنها إلى ليبيا ومنها إلى روما ثم باريس ثم موسكو، حيث قضى ما تبقى من سنوات حياته في الغربة حتى وفاته في إبريل 1987، فنقل جثمانه ليدفن في المنصورة حسب وصيته الأخيرة. ترك الخميسي سبعة دواوين شعرية هي: "أشواق إنسان" (مايو 1958) القاهرة، ثم "دموع ونيران" 1962 القاهرة، ثم ديوان "الخميسي" دار الكاتب العربي 1967، وديوان "الحب" 1969 القاهرة، و"إني أرفض؟" بيروت، و"تاج الملكة تيتي شيرى" 1979 بيروت، و"مصر الحب والثورة" 1980 بيروت. واعتبره الدكتور لويس عوض: "آخر الرومانسيين الكبار"، وأشار إلى قصيدته "في الليل"، معتبرًا أنها "من أروع ما نظم شعراء العربية"، واعتبر الدكتور محمد مندور أن الخميسي "بلغ بشعره حد السحر". وتوالت أيضا مجموعاته القصصية بعد أن أعاد صياغة "ألف ليلة وليلة الجديدة" على صفحات "المصري"، وصدرت في جزئين، ثم ظهرت مجموعته الأولى "من الأعماق"، ثم "صيحات الشعب" في نوفمبر 1952، ثم "قمصان الدم" مارس 1953، و"لن نموت" مايو 1953، ثم "رياح النيران" مكتبة المعارف بيروت إبريل 1954. كما قدم "ألف ليلة الجديدة"، و"دماء لا تجف" في نوفمبر 1956، و"البهلوان المدهش" أكتوبر 1961 ضمن - الكتاب الذهبي روزاليوسف، وأخيرا "أمينة وقصص أخرى" (الكتاب الماسي) عام 1962، وكانت تلك آخر مجموعة قصصية له، فلم يعد إلى فن القصة. وله أيضا قصة طويلة لم تطبع نشرت في "المصري" أواخر الأربعينيات تحت عنوان "الساق اليمنى". وكون المبدع الراحل عبد الرحمن الخميسى فرقة مسرحية في 21 مارس 1958 حملت اسمه، وقدمت عرضها الأول على مسرح 26 يوليو الصيفي بثلاث مسرحيات قصيرة من تأليف الخميسي وإخراجه وتمثيله، وهي "الحبة قبة"، و"القسط الأخير" و"حياة وحياة". ثم قدمت فرقته مسرحية "عقدة نفسية" المترجمة عن الرواية الفرنسية "عقدة فيلمو" لمؤلفها جان برنار لوك، واقتبسها للمسرح الإنجليزي جون كلمنتس، وسماها "الزواج السعيد، ثم مصرها أحمد حلمي لفرقة الخميسي. وكانت "عزبة بنايوتي" تأليف محمود السعدني ثالث عروض الفرقة، وفيها قام الخميسي بدور كشف عن طاقاته كممثل بارع. وقدمت الفرقة بعد ذلك عملها الرابع والأخير وهو "نجفة بولاق" تأليف عبد الرحمن شوقي في مارس 1961، وجابت الفرقة محافظات القاهرة، ثم توقفت بسبب الظروف المالية. كما اتجه الخميسى إلى تعريب الأوبريتات وكتابتها، وقدم أيضا أربعة أفلام شارك في وضع قصصها وسيناريوهاتها وألف الموسيقى التصويرية لبعضها، ومثل في بعضها الآخر وهي: "الجزاء" 1965 بطولة شمس البارودي وحسين الشربيني، و"عائلات محترمة" عام 1968 لحسن يوسف وناهد شريف، و"الحب والثمن" 1970 بطولة أحمد مظهر وزيزي البدراوي، و"زهرة البنفسج" 1972 لزبيدة ثروت وعادل إمام. كذلك قدم للسينما اكتشافه الرائع سعاد حسني في فيلم حسن ونعيمة، والذي كتب له السيناريو، كما قام بأداء دور الشيخ يوسف في فيلم "الأرض" ليوسف شاهين - تأليف عبد الرحمن الشرقاوى. وقدم عبد الرحمن الخميسى كتاب "الفن الذي نريده" - الدار المصرية عام 1966، وكتاب "مناخوليا - محاورات ونظرات في الفن" - وكتاب "المكافحون" وهو سير لحياة العظام مثل عبد الله النديم وغيره، صدر عن مطبوعات المصري في سبتمبر 1951. وترجمت أعماله إلى لغات عديدة منها الإنجليزية والروسية والفرنسية وغيرها، وكانت موضوعا لرسائل الدكتوراه في جامعات أوروبية عدة. ورغم كل ما قدمه الخميسى من أعمال شعرية وقصصية ومسرحية لفتت أنظار العالم إلى مبدع عملاق، إلا أن حياته الخاصة وصموده فى مواجهة مخاطر الحياة ومصاعبها، وهو من قال عنه يوسف إدريس إنه: "أول من حطم طبقية القصة"، وأنه: "عاش قويا عملاقا مقاتلا إلى ألف عام" ، وكتب أحمد بهاء الدين قائلا: "دهشت عندما قرأت في نعيه أنه توفي عن سبعة وستين عاما فقط، وكنت أظنه أكبر من ذلك لكثرة ما أنتج وكثرة ما عاش، وكثرة ما سجن، وكثرة ما سافر في أنحاء الدنيا، وكثرة ما ترك من الأبناء والبنات في شتى عواصم العالم". Comment *