دراسة الحالة الاخوانية لا تهدف للتأريخ لهذه الجماعة الغنية بالمورثين والوارثين والتي تولي اهتماما كبيرا للتأريخ لنفسها لكنها للاستفادة من أخطاء التيارات المختلفة واتاحة الفرصة لجماعة متطرفة ترقد خارج السياق الحضاري العالمي لحكم اكبر دولة عربية واهم اقليم في الشرق الأوسط وتهدف أيضا الي التعرف علي وسائلها في السيطرة علي وجدان البسطاء والتي تشبه كثيرا اليات الصهيونية العالمية في الدعاية السياسية والالحاح بشكل يشي أن ثمة وحدة عضوية تربط بين التنظيمات الصهيونية وتنظيم الإخوان. استخدم الاخوان في السنوات الثلاثين الأخيرة أسلوب المنظمات الصهيونية في استجداء الشفقة عبر استعراض " الهولوكوست " أو المذابح التي تعرض لها اليهود علي يد النازيين الألمان وبدلا من هتلر وضع الاخوان صورة عبد الناصر في الأذهان واعتبروا اعدام سيد قطب وعبد القادر عودة واعتقال أعضاء الجماعة موازيا لمحارق اليهود في المانيا وركز الاخوان التهم الاعلامية في مصر والدول العربية والعالم الاسلامي علي كونهم ضحايا ذلك الدكتاتور الظالم الذي اضطهدهم وسرق الثورة من أيديهم . وبدءا من الحياة الجامعية لطالب الجامعة المصري كانت فكرة اضطهاد الاخوان علي يد عبد الناصر و ما تعرضت له السيدة زينب الغزالي – طبقا لروايتها – وطريقة موت حمزة البسيوني الذي كان يقود التعذيب وكيف أماته الله بطريقة معينة لينتقم للاخوان .. كل ذلك كان يتحول الي حكايات يومية يتم تلوينها باللون البيئي للفلاح أو الصعيدي حيث يعيش الشاب في القصة بانيا موقفه علي روايات تقرر ترويجها بشكل معين وفي أوساط معينة ليصبح رد الفعل شبيها برد فعل القصص الدينية التي تعلق بالوجدان الفردي والجماعي وتصبح جزءا من الايمان نفسه وقد استغلت الة الدعاية الاخوانية طبيعة التعليم التلقيني الذي لا ينشغل بأسئلة عن البناء المنطقي للحكاية والمبررات التي أدت الي سلوك معين في " حشر " هذه القصص في وجدان أكثر من جيل كما استخدمت لجان التربية والتنشئة في الاخوان الية عدم النقاش في تشكيل أعضائها علي السمع والطاعة وتحريم النقاش واعتباره من المكروهات بشدة في الدين وخرج الاخوان بمكتسبات تشبه تلك التي خرجت بها التنظيمات الصهيونية العالمية وفاز كل من التنظيمين عبر ابتزاز شعوب ونخبة العالم وحقق كلا الطرفين أهدافه في التمكين , حيث تمكنت الحركة الصهيونية العالمية من السيطرة علي فلسطين بتأييد عالمي ودعم غير محدود وخرج الاخوان بشعبية كبيرة مكنتهم من السيطرة علي حكم أكبر وأهم دولة عربية بعد أن قام نظام مبارك باخراجها من التاريخ لتصبح جاهزة لبناء دور اقليمي جديد علي مقاس أمريكي – صهيوني جديد دروس خاصة درس مؤسس الاخوان الصهيونية وتنظيماتها ودرس اتباعه وخلفاؤه اليات عملها واستفادوا منها الي أقصي حد ليس بهدف مواجهتها ولكن بهدف تعلم اليات السيطرة علي الشعوب , ونجحت أدواتهم في السيطرة بفضل الثقافة الاستهلاكية التي عمل علي نشرها نظام السادات ومن بعده مبارك والتي رافقها ظلم اجتماعي وفساد أشعر شباب مصر بالغربة في وطنه وفي مرحلة الستينات وحتي التسعينات أفرزت مجانية التعليم الجامعي التي جاءت بها الثورة شبابا يعاني معوقات اجتماعية مرتبطة بالنشاة والفقر جاء الي المدينة باحثا عن شهادة جامعية فشعر بالغربة أمام مظاهر التحرر التي لم ير مثلها في قريته وبين رغبته في تقليدها وعجزه عن هذا التقليد راهن علي الجنة بالحور العين والحدائق الغناء وتم تجنيده في عملية تشبه ما كان يفعله الحسن الصباح أمير طائفة الحشاشين مع من يرغب في تجنيدهم حيث كان يجلبهم الي قلعته " آلموت " الواقعة علي بعد مائة كيلومتر شمال شرقي طهران ويجلس معهم في حديقة رائعة ثم يشعل النبات الذي يستخرج منه مخدر الحشيش علي أطرافها ومع الوقت يغيب الشباب فيقدم لهم النساء والفاكهة وكل ما لقنهم به عن الجنة وحين يفيقون يحكون فيؤكد لهم انهم ماتوا وروأوا الجنة وبعثوا من جديد فيستقر في وجدانهم ايمان مطلق به وهكذا تمت برمجة أجيال الاخوان وكما قامت حكومة بريطانيا العظمي بدعم اليهود بوعد بلفور 1917 واعترفت بها الدول الكبري تباعا بعد اعلانها مباشرة عام 1947 قام السادات بدعم الاخوان ومعه دول عربية كما قامت هذه الدول بدعم تيارات وجماعات اسلامية مختلفة ( سلفية وجهادية ) كانت تري أن وجودها وتضخم عددها يدعم وجود هذه الدول الصغيرة ويجعل تأثيرها أكبر من حجمها والغريب أن الدور الأمريكي مع الجماعات الدينية في الشرق الأوسط وعلي رأسها الاخوان لا يقل أهمية عنه مع الجماعات الصهيونية اذ كانت المواجهة مع الجيش السوفييتي في أفغانستان فرصة للجميع كي يضعوا أيديهم معا في هذه المواجهة ومعهم أمراء الحرب الاسلاميين في أفغانستان ليتم تريب الاسلاميين المصريين علي الحرب واستخدام السلاح بشكل احترافي واذا كان ميراث التنظيم الخاص للاخوان لا يتجاوز استخدام المسدس غدرا ومن خلف القتيل فان الحرب في افغانستان علمت التيار الاسلامي كله كيف يخوض حرب عصابات ويستخدم الأسلحة الثقيلة وبعد انتهاء الحرب جاء المحترفون الي مصر والدول العربية ببنادقهم وتطرفهم لتغرق مصر في احداث ارهابية أول التسعينات ويتحول عدد من المفكرين تحت تهديد السلاح الي اسلاميين ويبدأ الترويج لجماعة الاخوان عبر وضعها في خانة المظاليم من جديد ولكن هذه المرة كان الترويج علي مستوي اعلام النظام الذي بدا – في الظاهر – علي عداء شديد معهم لكن الدارس لتأثير ما كان يروج اعلاميا وقتها كان يعلم جيدا ان الجماعة لن تجد دعما داخل المجتمع وترويجا أفضل مما فعله نظام مبارك وساعدها به علي تأكيد أسطورة الهولوكوست الناصري وفي الوقت ذاته كانت الجماعة تنسق مع قيادات النظام وتتفق علي أعداد المقاعد التي سوف تحصل عليها في انتخابات برلمانية هي تعلم بالضرورة أنها مزورة وتشارك فيها دون أدني اعتراض وهو ليس ليس جديدا علي الجماعة التي تتقلب بين القيم وتغيرها كما يغير شخص ملول أحذيته . ما قبل التمكين يطلق الاخوان علي مرحلة حكمهم لمصر الان " ما قبل التمكين " وهو أمر ليس أقل من مرعب لمن يحلم بدولة ديمقراطية عادلة وحديثة وهي تسمية تحدد معني التمكين في نظرهم وتشير الي أن ممارسة في الحكم لن تترك لمختلف مكانا علي الأرض الا اذا رأينا كيف يعيش عرب 48 في فلسطينالمحتلة أو مجاهدي خلق في ايران أو الليبرالين في السعودية .. سيكون كل المختلفين مواطنون درجة ثانية وحتي في مرحلة ما قبل التمكين التي يتحدث عنها الاخوان فان قتل شاب باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و اهدار دم الفن والثقافة والتضييق علي كل ماله علاقة بالحضارة الانسانية واعتباره تغريبا غير مرغوب فيه واستبعاد الكفاءات التي لا تتفق معهم وتجاهل دماء الشهداء واستخدام اتهامات مبارك ونظامه للمعارضة وتجنيد عبيد مبارك ليصبحوا عبيدا للنظام الجديد كلها ظواهر تؤكد علي أن مرحلة الاستبعاد والاقصاء والقسوة الشديدة مع الطرف المختلف سوف تصل الي أقصي مدي ليس الا لأن هؤلاء الاخرين " أغيار" بمعني أقرب للمعني التوراتي وسلوك أشبه بسلوك الصهاينة في أرض فلسطين لن تجدي الفضائيات في مواجهة صهاينة مصر في التنظيم الاخواني الصلب والمدعوم بمستوي معيشة مزري لشعب يتوق الي الجنة عوضا عن حياة لا تشبه الا الموت ..لن تنجح المواجهة مع مثل هذه التنظيمات الا بتعليم الشعب كيف يدافع عن حقوقه وتعليمه كيف يمكن الفصل بين الدنيا والاخرة وعلي التنظيمات اليسارية أن تنتبه الي أن الكسل عن الحركة في الشارع والتعالي عن التواجد مع العمال والجبن والتخلي عن التضحية من أجل البسطاء سوف تكون جريمتها الأكبر من ترك الساحة في الأعوام الثلاثين الماضية لتنظيم مرتبط عضويا بمصالح الامبريالية العالمية وترك الشعب المصري ووعيه فريسة لهم. Comment *