إثيوبيا تغرق.. سيول وفيضانات عارمة تشرد آلاف الأسر    سعر الريال السعودى اليوم الجمعة 3-10-2025.. المتوسط 12.68 جنيه للشراء    المجلس القومى للمرأة يشارك بجناح متميز في معرض "تراثنا 2025"    وزير البترول يبحث مع بتروناس الماليزية تعزيز الشراكة الاستراتيجية بمجال الغاز الطبيعي    وزيرة التخطيط تلتقى المبعوث الرئاسى الكورى خلال فعالية الاحتفال باليوم الوطنى لكوريا    انطلاق أسطول الحرية نحو غزة بعد "الصمود"    استشهاد 5 فلسطينيين بينهم أطفال في قصف إسرائيلي لخيام النازحين بميناء غزة    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    حالة الطقس غدًا السبت 4 أكتوبر 2025 .. أجواء خريفية ودرجات الحرارة المتوقعة    تحريات لكشف ملابسات تورط 3 أشخاص فى سرقة فرع شركة بكرداسة    المخرج عمر عبد العزيز: ليلى علوى حالة خاصة ونسمة فى مواقع التصوير    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على أول أيام الشهر الكريم    عشان أجمل ابتسامة.. بسمتك دواء مجانى ب 8 فوائد اعرفها فى يومها العالمى    بالصور.. قائمة الخطيب تتقدم رسميا بأوراق ترشحها لانتخابات الأهلي    صلاح يشارك في الترويج لكرة كأس العالم 2026    وزير الرياضة يشيد بتنظيم مونديال اليد.. ويهنئ الخماسي المصري على الأداء المميز    نائب بالشيوخ يشيد بمشروع مستقبل مصر ويؤكد دوره في توفير فرص العمل وتعزيز التنمية المستدامة    ضبط 295 قضية مخدرات و75 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    القبض على المتهمين في مشاجرة «أبناء العمومة» بالمنيا    ابنة الملحن محمد رحيم تعاني وعكة صحية وتخضع للرعاية الطبية    خاص| ميمي جمال تكشف تفاصيل شخصيتها في فيلم "فيها إيه يعني"    محمد رمضان ينافس على جائزة Grammy Awards    لاورا ريستريبو: غزة كشفت سوءات القيم الغربية    أسماء محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    محافظ المنوفية: 87 مليون جنيه جملة مشروعات الخطة الاستثمارية الجديدة بمركزي تلا والشهداء    حزب العدل يعلن استعداده للانتخابات ويحذر من خطورة المال السياسي بانتخابات النواب    تعرف على جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة لمكافحة جرائم السرقات    الأونروا تنتصر قضائيا في أمريكا.. رفض دعوى عائلات الأسرى الإسرائيليين للمطالبة بتعويضات بمليار دولار    إدارة مسار تشدد على ضرورة الفوز أمام الأهلي.. وأنباء حول مصير عبد الرحمن عايد    محمد صلاح على موعد مع التاريخ في قمة ليفربول وتشيلسي بالبريميرليج    طائرة مسيّرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية قرب صياد لبناني في الناقورة    الليلة.. ختام وإعلان جوائز الدورة ال21 من مهرجان مسرح الهواة بالسامر    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول العربية المعتمدين لدى اليونسكو لدعم ترشيح خالد العنانى    دار الكتب والوثائق القومية تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    مجلس الإدارة ينضم لاعتصام صحفيي الوفد    جامعة قناة السويس تواصل دعم الحرف اليدوية بمشاركتها في معرض تراثنا الدولي    إجراءات وقائية تجنب طفلك عدوى القمل في المدارس    نجاح أول جراحة قلب مفتوح بالتدخل المحدود داخل مستشفى النصر في بورسعيد    الداخلية تواصل ضرباتها ضد المخالفات بضبط 4124 قضية كهرباء و1429 بالمواصلات    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    حكم البيع الإلكترونى بعد الأذان لصلاة الجمعة.. الإفتاء تجيب    ضبط شبكات تستغل ناديا صحيا وتطبيقات إلكترونية لممارسة أعمال منافية للآداب    سعر بنزين 92 اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    اليوم العالمى للابتسامة.. 3 أبراج البسمة مش بتفارق وشهم أبرزهم الجوزاء    «العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 3-10-2025 في محافظة قنا    الفيضان قادم.. والحكومة تناشد الأهالي بإخلاء هذه المناطق فورا    ترامب يستغل الإغلاق الحكومي لشن عمليات فصل وعقاب سياسي    «كوكا حطه في جيبه».. أحمد بلال ينتقد بيزيرا بعد مباراة القمة (فيديو)    سورة الكهف يوم الجمعة: نور وطمأنينة وحماية من فتنة الدجال    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    مختار نوح: يجب محاسبة محمد حسان على دعواته للجهاد في سوريا    فلسطين.. غارات إسرائيلية على خان يونس وتفجير مدرعات مفخخة    «هيدوب في بوقك».. طريقة سهلة لعمل الليمون المخلل في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إكرام يوسف : نظام يعيد ترتيب أوراقه
نشر في البديل يوم 16 - 01 - 2011

أغلب الظن أن الرئيس التونسي المغادر لبلاده، لم يرحل بقصد التخلي عن السلطة.. وفي اعتقادي أنه خرج لتهدئة الأمور إلى أن تستطيع أركان نظامه السيطرة على مجريات الأمور، على غرار ماحدث مع شاه إيران السابق أثناء اضطرام ثورة الشعب بزعامة مصدق عام 1953، عندما غادر البلاد عدة أيام إلى أن استطاعت قوات أمنه بمساعدة أمريكية إخماد الثورة وقتل مصدق، فعاد إلى البلاد يسومها القمع والفساد إلى أن قامت الثورة الشعبية في 1979، التي سرقها الملالي.
ويؤكد هذا التصور خروج بن علي وتولي رئيس وزرائه صلاحياته على هذا النحو، حيث اعتبر أن ما حدث يعتبر “تعذرا وقتيا” على قيام رئيس الجمهورية بمهامه..تطبيقا للمادة 56 من الدستور التونسي الذي ينص على أنه في حال”تعذر على رئيس الجمهورية القيام بمهامه بصفة مؤقتة أن يفوض سلطته إلى الوزير الأول”..ومن ثم، لم يكن هناك تحايلا على الدستور، وإنما محاولة لاختطاف ثورة الشعب. وربما كان مايؤكده أيضا، بيان الديوان الملكي السعودي حول استضافة بن علي بسبب “ظروف استثنائية تمر بها تونس”.. فهي استضافة مؤقتة إلى أن تزول الظروف الاستثنائية!
غير أن أغلب الظن أيضا، أن أركان الظام الذين بقوا في البلاد وتولوا السلطة لن يسمحوا بعودته مرة أخرى وإنما سيقدمونه كبش فداء للمحافظة على بقاء النظام ككل.. فالمسألة لن تتعدى تغيير شخوص بشخوص أخرى، وليس تغييرا للنظام. وهذا ما أكده أيضا إعلان رئيس مجلس النواب “شغور منصب رئيس الجمهورية” والدعوة لانتخابات رئاسية خلال 60 يوما، لاشك أنها ستجيء بأحد أركان النظام أيضا نظرا لغياب حياة ديمقراطية سليمة تتيح تغييرا حقيقيا.
وهي حقيقة، وإن كانت تسبب قلقا للبعض ممن راهنوا على أن تكون انتفاضة الشعب التونسي خاصة مع ما وقع بعد رحيل التونسي من فوضى يبدو أنها متعمدة من النظام الذي مازال قائما لتمديد حالة الطوارئ وتبرير التدابير الأمنية لقمع الانتفاضة ثورة حقيقية إلا أنها لا تفاجئ من يقرأون الأحداث قراءة عميقة، ويتعلمون من دروس التاريخ. فلم يحدث أن أطيح بنظام بأكمله عقب انتفاضة شعبية غير منظمة استمرت بضع أيام! غير أن هذا لايقلل من روعة الحدث ومن عظمة نضال الشعب التونسي. وهي في نهاية الأمر خطوة أولى لابد أن يليها خطوات.. وربما تنجح عناصر الثورة المضادة، وأركان النظام القائم في حرف مسار الثورة مرحليا، أو قمعها والالتفاف عليها.. لكن حركة الشعب التونسي لابد أنها ستتواصل، مضيفة إلى الجماهير التونسية مزيدا من الوعي وتراكم الخبرة النضالية، حتى تحقق النصر النهائي، الذي تسعد به أرواح الشهداء وملايين الشعب التونسي.
وتؤكد دروس التاريخ أيضا أن القمع الذي تمارسه النظم الديكتاتورية بغل يد القيادات الطليعية المثقفة عن تولي قيادة الحركة الشعبية، عبر تكميم أفواه المثقفين وحرمانهم من إنشاء الأحزاب الحقيقية المعبرة عنهم، وغياب حياة ديمقراطية وبرلمانية سليمة تمنح أملا في التغيير السلمي هو المسئول الوحيد عن الانفجارات الشعبية العفوية والعشوائية، من دون قيادات منظمة واعية، وما يتبعها من فوضى وأعمال قمعية تالية. فالجماهير الفقيرة والمقهورة، عندما تتدهور أحوالها، مع انعدام الأمل في أي تغيير سلمي تسمح به متلازمة الاستبداد والفساد، إلى حد يجعلها توقن أن ليس لديها ما تخسره، لن تنتظر فذلكات المثقفين ونظرياتهم، ولا تنظيمات ورقية سمحت بها الحكومة، وإنما ستخرج إلى الشوارع تشعلها نارا ودمارا.
وكم تحفل صفحات التاريخ بمواقف سبقت فيها حركة الجماهير غير الواعية، تحرك النخبة المثقفة.. وكم تحفل أيضا بأحداث فوضى وعنف من هذه الجماهير يليها عنف وقمع مضاعف من الديكتاتورية. ولاشك أنه مامن مثقف يتمنى أن يتصاعد التخريب والفوضى وتسيل الدماء، بيد أن الديكتاتوريات لاتترك أمام الجماهير المقهورة حلا آخر بعدما حرمتها من الانتظام في تنظيمات مستقلة حرة تحت قيادة طليعة واعية ومثقفة. فلا يكون أمام هذه الجماهير سوى الخروج بلا قيادة منظمة للتعبير عن نيران القهر المشتعلة داخلها. ومن ثم، فعلى الديكتاتوريات ألا تلوم سوى نفسها على قطع الطريق أمام التحام القيادات المثقفة بجماهيرها. وعلينا أن نتقبل دفع ثمن الحرية، خسائر وتضحيات ودماء شهداء، إلى أن تتعلم الجماهير بمنطق التجربة والخطأ ويزداد وعيها، وتفرز من بين صفوفها قياداتها الطبيعية التي تنظم صفوفها، وتوحد قبضاتها في قبضة واحدة قوية تطيح بكامل النظام الديكتاتوري الفاسد.. ولا شك أن هذا سوف يستغرق المزيد من الوقت، والخسائر، والتضحيات؛ إلا أن غباء الديكتاتورية لايترك خيارًا آخر..فهي تحفر بنفسها قبرها، ولكن دونه الكثير من النضال الشاق والعسير.
الانتفاضة العفوية في تونس، نجحت في الإطاحة بشخص بن علي، لكن مازال أمامها الكثير حتى تنتصر على متلازمة الفساد والاستبداد. وهي، على أي حال، خطوة تستحق الإشادة والتهنئة، فليس مطلوبا من جماهير عشوائية، حيل بينها وبين كيانات تنظيمية معبرة عن مصالحها الحقيقية أن تتصرف بوعي وحنكة لم تكتسبهما من قيادات مثقفة. لم تترك الديكتاتورية أمامهم خيارا فلتتذوق ثمار ما زرعت يداها، وليس أمام الجماهير سوى قبول التحدي، ومواجهته بالمزيد من الحركات العفوية، ولتكتسب الوعي والخبرات في الشوارع، بعدما حرمت من النضج السياسي الذي تضمنه الحياة الديمقراطية السليمة. وهو درس ليس من المنتظر أن تتعلمه أنظمة مازالت تصر على أن شعوبها لم تنضج إلى مستوى تستحق معه حياة ديمقراطية.
مواضيع ذات صلة
1. إكرام يوسف : احذروا سارقي ثورات الشعوب
2. إكرام يوسف تكتب عن انتفاضة تونس : كل ما تهل البشاير من يناير
3. إكرام يوسف : مطلوب دروع بشرية لحماية الكنائس
4. إكرام يوسف : ميزان الحسنات الكئيب
5. إكرام يوسف تكتب عن أعداء الوطن الذين حرمونا من العيد: السكوت عار وخيانة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.