حسين أبو حجاج يعلق على واقعة محافظ المنيا ومدير المدرسة: «الدنيا بخير»    رئيس الوزراء البولندي يعلن تخوفاته من لقاء بوتين وترامب بشأن الحرب مع أوكرانيا    نتائج مباريات الجولة الأولى من الدوري المصري    الداخلية تضبط المتهم بترويع الفتيات ب«كلب شرس»    لحمايتهم من ارتفاع درجات الحرارة.. وقف عمل عمال النظافة خلال ساعات الذروة في المنيا    جدل بعد مشاركة محمد رمضان في حفل نظّمته لارا ترامب.. دعوة خاصة أم تذكرة مدفوعة؟    في ذكرى رحيله.. أهم محطات في حياة فيلسوف الفن نور الشريف    12 Angry Men وثيقة فنية دائمة الصلاحية |فضح الحياة .. لا تمثيلها!    «هنخسرنا الدوري.. أنت المستقبل» ردود فعل مفاجئة من جماهير الأهلي على مصطفى شوبير    لليوم الثاني على التوالي.. تنفيذ 26 قرار إزالة واسترداد 1886 مترا من أملاك الدولة في أبشواي بالفيوم    باستثمارات 22.6 مليون دولار.. رئيس اقتصادية قناة السويس يوقع عقد إنشاء مصنع صيني لصناعة المنسوجات بالقنطرة غرب    شواطئ الإسكندرية تشهد حالة هدوء واستقرار.. ونسب الإشغال فوق المتوسط    نائب محافظ الأقصر: فعاليات تكريم المسئولين المتقاعدين تمثل حافزاً للموظفين المتميزين    جهاز تنظيم إدارة المخلفات يتابع مدى التزام شركات النظافة بتطبيق معايير السلامة والصحة المهنية    نجم الدوري الألماني يختار النصر السعودي.. رفض كل العروض من أجل كريستيانو رونالدو    تحليق مكثف للمسيرات الإسرائيلية فوق منطقة جزين جنوب لبنان    حريق ضخم فى "آرثرز سيت" يُغرق إدنبرة بالدخان ويُجبر الزوار على الفرار    وزير الري يؤكد أهمية أعمال صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    محافظ القاهرة يستقبل مديرة تعليم العاصمة السابقة ويشكرها على جهودها    أربعة أعوام من الريادة.. هشام طلعت مصطفى يرفع اسم مصر في قائمة فوربس    فريق مصري في طريقه.. الاتحاد الليبي يتأهل للكونفدرالية بمشاركة كهربا    "هل الخطيب رفض طلبه؟".. شوبير يفجر مفاجأة بعد مكالمة وسام أبو علي    15 صورة وأبرز المعلومات عن مشروع مروان عطية الجديد    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    شعبة الجمارك: تسويق الخدمات الجمركية مفتاح جذب الاستثمار وزيادة الصادرات    التعليم تصدر بيانا مهما بشأن تعديلات المناهج من رياض الأطفال حتى ثانية إعدادي    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    هآرتس: نتنياهو يواجه صعوبات في تسويق خطة احتلال غزة    رغم رفض نقابات الطيران.. خطوط بروكسل الجوية تُعيد تشغيل رحلاتها إلى تل أبيب    ترامب يتعهد بإخلاء واشنطن من المشردين..و"إف بي آي" يشارك في دوريات ليلية    فتوح أحمد: الإعلام الرياضي ومَن يبثون الفتن هاخدهم معسكر بسوهاج 15 يومًا- فيديو وصور    بفستان جريء.. نوال الزغبي تخطف الأنظار بإطلالتها والجمهور يعلق (صور)    قبل طرحه الأربعاء المقبل.. تعرف على شخصيات فيلم درويش    خالد الجندي: كل حرف في القرآن يحمل دلالة ومعنى ويجب التأدب بأدب القرآن    أمين الفتوى يحذر التجار من هذه التصرفات في البيع والشراء    ما يقال عند المرور على مقابر المسلمين.. المفتي يوضح    «عبدالغفار»: «100 يوم صحة» قدّمت 40 مليون خدمة مجانية خلال 26 يومًا    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    بعد مصرع شخصين وإصابة 7 آخرين .. التحفظ على كاميرات المراقبة فى حادث الشاطبى بالإسكندرية    هل يشارك أحمد فتوح في مباراة الزمالك القادمة بعد تدخل زملائه للعفو عنه؟ اعرف التفاصيل    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    مصر تواجه تونس فى البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة    الرعاية الصحية: إنقاذ مريضة من فقدان البصر بمستشفى الرمد التخصصي ببورسعيد    ضبط عاطل بالجيزة لتصنيع الأسلحة البيضاء والإتجار بها دون ترخيص    المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية تشارك في النسخة الأولى من بطولة العلمين للجامعات    إسلام عفيفي يكتب: إعلام الوطن    «لمحبي الصيف».. اعرف الأبراج التي تفضل الارتباط العاطفي في أغسطس    ضبط 8 أطنان خامات أعلاف مجهولة المصدر في حملة تفتيشية بالشرقية    نائب ترامب: لن نستمر في تحمل العبء المالي الأكبر في دعم أوكرانيا    لليوم ال 11.. «التموين» تواصل صرف مقررات أغسطس    نقص مخزون الحديد.. أجراس تحذير للجسم وطرق علاج الأنيميا    طب قصر العيني تطلق أول دورية أكاديمية متخصصة في مجالي طب الطوارئ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    الذهب يتراجع مع انحسار التوترات الجيوسياسية وترقّب بيانات التضخم الأمريكية    أمين الفتوى: رزق الله مقدّر قبل الخلق ولا مبرر للجوء إلى الحرام    إجمالى إيرادات الفيلم فى 11 ليلة.. تصدر شباك التذاكرب«28» مليون جنيه    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رباب يحيى : عرابي.. تراجيديا ثورة (2)
نشر في البديل يوم 05 - 09 - 2012

كانت الثورة العرابية أشد أحداث القرن التاسع عشر استفزازاً لأوروبا الاستعمارية، خاصة لبريطانيا "العظمى"، وبعد انتصار الجيش المصري على جيش الامبراطورية في معركة "كفر الدوار"، بدا وكأن الحظ يتخلى عن مصر، فلم يكد محمود باشا فهمي (أحد زعماء الثورة السبعة، وأعظم مهندسي الاستحكامات العسكرية)، ينتهي من اختيار المواقع والقواعد، ويضع التصميمات ويحدد ساعة المعركة الفاصلة وكانت في "التل الكبير"، حتى وقع ما لم يكن في تصور أحد، فبمحض صدفة سيئة وقع القائد الفذ الذي تعلقت به الآمال في الأسر، حيث كان يقف على تبة عالية يتفقد المواقع مع أحد معاونيه حينما فاجأته دورية بريطانية ضلت طريقها وتجاوزت الخطوط البريطانية، وكان يرتدي ملابس مدنية لا تدل على شخصيته، فأراد أن يقنع الضابط قائد الدورية بأنه مجرد مالك للأرض يتفقد حقوله ولا صله له بالحرب، وكاد يخلى سبيله لولا أنه رأى من الأفضل أن يصحبه إلى مقر القيادة، حيث قضى الأمر واكتشفوا هناك شخصيته.
لم يكن ممكناً أن يتوقع البريطانيون ضربة حظ سهلة مثل هذه، وقع في يدهم بمحض الصدفة القائد المصري الذي لا يعوض، لم تكن هناك ضربة أشد من هذه يمكن أن تنزل بالمصريين، وهم يستعدون لمعركة فاصلة في التل الكبير، وأسرع عرابي إلى الجبة الشرقية ووضع خطة المعركة، التي كانت تقضي بأن يبدأ الهجوم من "القصاصين" ويقوم محمود سامي بقواته بالهجوم على الجناح الأيمن من "الصالحية"، ويقوم راشد حسني بالهجوم من الأمام وتلتف قوة أخرى من الصحراء بقيادة علي فهمي وتفاجئهم من الخلف، وتولى القيادة أشهر قادة الميدان في الجيش المصري وهما راشد حسني وعلي باشا فهمي نائباً له.
وبدأ الاشتباك، الذي قالت عنه جريدة "التايمز" آنذاك: "صمد المصريون وقاتلوا بعناد شديد واستطاعوا أن يلحقوا خسائر كبيرة بالفرقة الرابعة"، وظلت نتيجة المعركة معلقة لأن الانجليز فوجئوا بالهجوم المركز، وكاد أن يقع في الأسر القائد الثاني للحملة وهو الدوق أوف كنوت ابن عم الملكة فيكتوريا، ليكون ثأراً كافياً لمحمود فهمي، لولا أن أصيب قائد المعركة ونائبه ونقلا من الميدان، ولم تصل القوات الاحتياطية التي كان مفروضاً أن تصل من الصالحية، وبذلك تغلب البريطانيون وإن لم تكن النتيجة فاصلة.
منح القائد العام قواته ليلة راحة استعداداً للمعركة الفاصلة في "التل الكبير"، بعد يوم أو يومين على الأكثر، التي سوف يتقرر بها المصير: إما أن يرتد البريطانيون وتتحرر مصر، وإما أن ينتهي كل شئ ويصبح الطريق إلى القاهرة مفتوحاً.
كانت القوات تنام في حراسة قوات الخيالة "الساهرة"، وهي صفوة قوات الجيش المصري، ويقودها أحد كبار ضباط الثورة الأمناء أحمد عبد الغفار، وسهر القائد في خيمة القيادة مع بعض ضباطه، وكانت ليلة هادئة صافية من ليالي الخريف في مصر، وفجأة في الساعات الأخيرة من الليل، استيقظ الجميع على دوي الإنفجارات وسيل من قنابل المدافع وطلقات الرصاص، وفوجئت المعسكرات بأن القوات البريطانية وسطهم وفي كل مكان، تمعن فيهم قتلاً وهم نيام، لم تترك لأحد الوقت لأن يصل إلى ملابسه أو سلاحه، وانهارت القوات المصرية وسط الفوضى والفزع، وأبيدت قوات الوسط واليمين، لكن قائد قوات الميسرة استطاع أن يجمع جنوده وأن يستثير وطنيتهم وحماسهم وأن يشن هجوماً مضاداً، وساندته بعض قوات المدفعية، ممن استطاعوا الوصول إلى مواقعهم وسط هذا الجحيم، كان عملاً بطولياً، لكنه يائساً.
استشهد الفارس العنيد القائمقام محمد عبيد ومعه زهرة قوات الجيش المصري النظامي، وصفوة من رجال المدفعية الذين صمدوا على مدافعهم حتى انتهوا معها، ودامت المعركة ساعة واحدة، لم يعرف أحد يومها سبب الكارثة، ولم يكن هناك تفسير ولكن القائد العام أدرك على الفور أن الخطوة القادمة والأخيرة هي القاهرة، ولابد من العمل على عرقلة الزحف البريطاني حتى يتم تنظيم الدفاع عن العاصمة، وأسرع إلى هناك لدعوة المجلس العرفي للانعقاد.
لم يكن هناك من أسباب يستطيع أن يقدمها عرابي للانهيار في التل الكبير، لم يكن ليصدق لو أخبره أحد أن قائد الخيالة "أحمد عبد الغفار" ونائبه "عبد الرحمن حسن"، وقائد القوات الرئيسية في الوسط "علي خنفس" قد باعوه ثلاثتهم مقابل عشرة آلاف جنيه ذهب، قبض كل منهم ألف جنيه على أن يقبض الباقي في القاهرة.
كان "أحمد عبد الغفار" من الرواد المقربين إلى عرابي، حتى أن الخديوي أراد يوم مظاهرة سبتمبر أن يثنيه عن الانضمام إليها، لكنه تحداه وأهانه، ولاشك أن عرابي لم يكن ليصدق لو أخبره أحد أن المعلومات التي أمده بها "سعود الطحاوي" بأن البريطانيين يعيدون ترتيب قواتهم بعد "القصاصين"، ولهذا لن يهجموا قبل بضعة أيام، مضللة، لأن الشيخ "سعود الطحاوي" بلديات عرابي، من مديرية الشرقية، ومن الذين لا ينقطعون عن التردد على خيمته وإثبات الولاء له، ووضع قبيلته وثروته في خدمة الثورة!.
لم تكن معركة بأي حال، وراح ضحيتها آلاف، لم يجدوا حتى الفرصة لأن يقاتلوا أو يسلموا أنفسهم، وحينما وصل عرابي إلى القاهرة، كانت الأخبار قد سبقته ودعت لجنة الدفاع الوطني المجلس العرفي إلى اجتماع دام ليلة كاملة، انتهى بأنه لم تعد هناك أي قوات أو إمكانيات لاستمرار المقاومة، وأنه لا سبيل لإنقاذ العاصمة إلا بالتسليم، وأن الدفاع عنها قد يؤدي بها إلى مصير أسوأ من الإسكندرية.
وحينما سلم عرابي سيفه للقائد البريطاني، انتهت أطول سنة في تاريخ مصر، والتي بدأت بالثورة العرابية في 9 سبتمبر 1881، وانتهت بالقضاء عليها في معركة "التل الكبير" في 13 سبتمبر 1882، واحتلال الانجليز لمصر.
Comment *


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.