شقيقة الشهيد محمد أبو شقرة شهيد الوطن ضمن مرشحى القائمة الوطنية    وزير المالية: المسار الاقتصادي لمصر متوازن ومستقر ويتحسن بشكل متسق وأصبحنا جاذبين لاستثمارات القطاع الخاص    رئيس الوزراء: وسط مشاهد الحرب المؤلمة بغزة وقفت مصر تؤدى واجبها بقوة وشرف    «قفز من الشُرفة».. مصرع أب وإصابة زوجته وأبنائه في حريق شقة سكنية بالإسكندرية    «النقض» تُصدر حكمًا نهائيًا في نزاع شيرين عبدالوهاب و«روتانا» بشأن دعوى حذف الأغاني    فيروس «الميتانيمو» يطرق أبواب المدارس.. و«التعليم» تتحرك سريعًا لحماية الطلاب    «أبيض ولا بني؟».. خبراء التغذية يحسمون الجدل حول القيمة الغذائية للبيض    شاهدها الآن ⚽ ⛹️ (0-0) بث مباشر الآن مباراة منتخب المغرب ضد فرنسا في كأس العالم للشباب 2025    برشلونة يعلن تمديد عقد دي يونج حتى 2029    حسين هريدي: القمة المصرية السودانية بحثت وقف الحرب في السودان والتحضير لاجتماع واشنطن    محافظ شمال سيناء: مجهزون بفرق طبية وأجهزة الأشعة لاستقبال المرضي الفلسطينيين    محافظ أسوان يشهد مراسم توقيع بروتوكول تعاون بين المحافظة والهيئة العامة للكتاب    مواعيد عرض فيلم "هابي بيرث داي" في مهرجان الجونة    مسؤول سابق في الناتو يكشف الهدف من الاجتماع المرتقب لوزراء الدفاع في الناتو    مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع مساعدات إغاثية في مخيمات النازحين في قطاع غزة    محافظ جنوب سيناء يبحث آليات البدء في تنفيذ مشروع محطة إنتاج الطاقة والهيدروجين الأخضر بمدينة الطور    بث مباشر.. لحظة انتشال سيارة ملاكى سقطت فى ترعة المريوطية بدون خسائر بشرية    انطلاق الدورة السادسة عشر من مهرجان المسرح العربى من 10 ل 16 يناير    بعد مقاضاة طليقته بالنفقة.. محمد العمروسى: العائلة هى الكنز الحقيقى    هل يجوز شراء شقة بنظام التمويل العقارى بقصد الاستثمار؟.. أمين الفتوى يجيب    تكثيف أمني لكشف غموض العثور على جثة شقيقين بالعياط    كرة يد - إلى ربع النهائي.. سيدات الأهلي تكتسحن اتحاد النواصر في بطولة إفريقيا    الصحة العالمية: برنامج التطعيم الإجباري بمصر نموذج يحُتذى به على مستوى العالم    مستشار مركز السياسات الأوكراني يُطالب بتعزيز النفقات لصد الهجمات الجوية    ضبط 850 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بكفر الشيخ    ننشر مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الخامس الابتدائي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15-10-2025 في محافظة الأقصر    الشيخ خالد الجندي: جنات عدن في القرآن رمز للخلود وتمام الأجر الإلهي    أجندة سيتي حتى توقف نوفمبر.. 7 مباريات في 22 يوما ل مرموش قبل العودة لمنتخب مصر    جامعة قناة السويس تنفذ برنامجًا تدريبيًا توعويًا بمدرسة الجلاء الابتدائية    الصين: مصر شريك محوري في أفريقيا والعالم العربي    صحة المنوفية تواصل استعداداتها للاعتماد من هيئة الاعتماد والرقابة    شفاء المرضى أهم من الشهرة العالمية    وزير العمل يلتقي رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر لتعزيز التعاون بالملفات المشتركة    موعد مباراة الأهلي ضد إيجل نوار في دوري أبطال إفريقيا والقنوات الناقلة    تحت رعاية محافظ بني سويف: بلال حبش يُكرّم لاعبي ولاعبات بني سويف الدوليين ولاعبات السلة "صُمّ"    شريف حلمي: الأكاديمية العربية شريك أساسي في إعداد كوادر مشروع الضبعة النووية    رفع كفاءة المنشآت لخدمة الشباب..محافظ الجيزة يتفقد مركز شباب المناجم بالواحات البحرية    السيسي والبرهان يجددان رفضهما لأي إجراءات أحادية تتخذ على النيل الأزرق    عملية أمنية شاملة لاستهداف المتعاونين مع الاحتلال في قطاع غزة    رسوم إنستاباي على التحويلات.. اعرف التفاصيل الكاملة    متحدث الحكومة: تمويل 128 ألف مشروع بالمحافظات الحدودية ب4.9 مليار جنيه    سلوك عدواني مرفوض.. «خطورة التنمر وآثاره» في ندوة توعوية ل«الأوقاف» بجامعة مطروح    حكم تشغيل القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت قبل الفجر والجمعة    الجامع الأزهر يقرر مد فترة التقديم لمسابقة بنك فيصل لذوى الهمم حتى 20 أكتوبر الجارى    التعليم توجه المديريات بخطوات جديدة لسد العجز في المدارس للعام الدراسي الحالي    إيفاد: الحلول القائمة على الطبيعة تحسن رطوبة التربة وتزيد كفاءة أنظمة الري    وزير الثقافة: قافلة مسرح المواجهة والتجوال ستصل غزة حال توفر الظروف المناسبة    «القوس بيعشق السفر».. 5 أبراج تحب المغامرات    بعد تعيينه شيخاً للمقارئ أحمد نعينع: أحمد الله على ما استعملنى فيه    أول تعليق من وزير الشئون النيابية على فوز مصر بعضوية مجلس حقوق الإنسان    اللجنة الخاصة: استثناء "فوات الوقت" في استجواب النيابة للمتهمين    ب 20 مليون جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    السجن المشدد ل 7 متهمين بحيازة المواد المخدرة في المنيا    الكرملين: بوتين سيجري محادثات مع الرئيس السوري اليوم    أسرة سوزي الأردنية تساندها قبل بدء ثاني جلسات محاكمتها في بث فيديوهات خادشة    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    رغم منع دخول أعلام فلسطين.. إيطاليا تهزم إسرائيل وتنهي فرصها في التأهل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رباب يحيى: الولس الذي كسر عرابي
نشر في البديل يوم 15 - 08 - 2012

فى مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك، وتحديداً 27 رمضان عام 1329 ه، الموافق 21 سبتمبر 1911، توفى أحمد عرابي زعيم الثورة العرابية. وبمناسبة ذكراه نتذكر أكبر رشوة في تاريخ الامبراطورية البريطانية لاحتلال بلد، هو مصر.
فقد قامت الامبراطورية البريطانية واستمرت بفضل مدافع أسطولها، ولكنه لم يكن السلاح الوحيد، بل كان هناك ما لا يقل فتكاً، وهو سلاح برعت فيه بريطانيا وتقدمت في استخدامه، واشتهرت به، ومارسته في كل أنحاء الشرق، اسمه في القاموس السياسي البريطاني سلاح "الخائن المحلي".
أعدت بريطانيا خطة كبرى للرشوة وشراء النفوس في مصر، أشرف عليها وزير البحرية اللورد نورثبروك، الذي تفاخر بأنها سوف تكون من المآثر التاريخية في تاريخ الامبراطورية.
توجه ضابط مخابرات بريطاني يدعى "الكابتن جيل" إلى جامعة كامبردج، ودعى المستشرق البريطاني "جون بالمر" أستاذ اللغة العربية لمقابلة وزير الحربية البريطاني في لندن، وعلى مائدة الإفطار شرح له الوزير الهدف وأنه اختاره لمهمة وطنية دقيقة هي اقناع بدو الصحراء الشرقية وسيناء وغزة بمساندة بريطانيا خلال عملية غزو قريبة لمصر، ووعده بمبلغ كبير ومرتب شهري ووضع تحت تصرفه كل الأموال اللازمة، وسيكون مرافقه الكابتن جيل.
وسافر بالمر إلى الجهة الشرقية، ولحق به بعد أيام الكابتن جيل يحمل مبلغاً طائلاً من المال، ويحمل أيضاً قائمة سلمها إليه الخديوي توفيق بأسماء مشايخ البدو الذين يمكن أن يستميلهم ويقنعهم باسم الخديوي، وطلب إليه أن يتوجه إلى اثنين منهم خاصة هما "سعود الطحاوي" و"محمد التبلي"، وكان أشد المشايخ استجابة وتلبية للرسالة "سعود الطحاوي" وهو بلديات "عرابي" ومن أقوى أنصاره وأشد المقربين إليه، وكان محل ثقته التامة، كما كان من أعيان مديرية الشرقية وأوسعهم نفوذاً. ولم يكن ممكناً أن يعثر البريطانيون على صيد أثمن من الرجل الذي وضع الخاتمة وهو رئيس مجلس النواب المصري "محمد سلطان باشا"، واستطاع اللورد دوفرين السفير البريطاني في أسطنبول أن يقنع السلطان العثماني بان يصدر منشوراً بإعلان عصيان عرابي وخروجه على الشرع وعلى الأمة.
وكانت الوفود من مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي قد سبق أن بايعت عرابي في موسم الحج زعيماً للإسلام والمسلمين، وتؤكد له ولاءها وتعلق آمال المسلمين به، وأثار هذا قلق السلطان بقدر ما أثار قلق بريطانيا، وتسلح "سلطان باشا" بسلاح خروج عرابي على الإسلام، وبدأت حملته المنظمة للغزو من الداخل، وكان له نفوذا واسعاً داخل المجلس والجيش، مكنه من استقطاب وشراء عدد من ضعاف النفوس، من السياسيين والعسكريين، كان أهمهم عبد السلام المويلحي زعيم المعارضة في عصر الخديوي إسماعيل وأحد أقطاب مجلس النواب خلال الثورة، ومن العسكريين أحمد عبد الغفار قائد سلاح الفرسان ونائبه القائمقام عبد الرحمن حسن، ثم القائمقام علي يوسف خنفس قائد المشاة، واستطاع كل منهم أن يشتري بعضاً من ضباطهم المرؤسين، وسرى السم في قلب القوات المصرية.
وقبل أن تبدأ معركة "القصاصين" كانت خطة الجيش المصري بخط وخريطة عرابي مع القائد البريطاني، سلمها له القائمقام علي يوسف خنفس، وتولى سعود الطحاوي تضليل جيش محمود سامي البارودي حتى لا يصل إلى مواقعه وتهاوت الخطة.
وتحقق الحلم البريطاني ووقعت مصر في أسر الامبراطورية، وأصبحت قناة السويس في قبضة بريطانيا، وأصبحت أفريقيا القارة المجهولة والتي اشتد الصراع عليها مفتوحة الأبواب أمام بريطانيا.
ولم يقدر للأسطورة أن تعيش طويلاً.. وكشف زيفها.
عثر على جثث المستشرق البريطاني بالمر وضابط المخابرات البريطاني الكابتن جيل مقتولين في الصحراء، فقامت أسرتاهما بتسليم مذكراتهما التي يرويان فيها تفاصيل مهمتهما وكل ما قاما به إلى "بلنت" الذي قام بفضح عملية الرشوة الكبرى التي راح ضحيتها شعب بأكمله في مصر، والتي انحطت بالشرف البريطاني إلى أدني مستوى.
وكان ثمن الخيانة فادحاً بالنسبة لمرتكبيها، لم يف البريطانيون بوعدهم إلى خنفس ولم يدفعوا له شيئاً مما اتفق عليه، وظل يطالب به حتى مات، بل وأحيل إلى الاستيداع وعاش منبوذا لا يستطيع أن يكلم أحداً، واختفى عبد الرحمن حسن ولم يعرف عنه شيئاً، وأودع عبد الغفار السجن مع الضباط الوطنيين وكان عذاباً أشد إيلاماً، وحينما ذهبت زوجته لتنفق من الجنيهات البريطانية اكتشفت أنها مزيفة وانها من الرصاص المطلي بالذهب، واكتشف كل الذين قبضوا من البريطانيين هذه الحقيقة أيضاً، وكانت صدمة شفت غليل المصريين فيهم، وحصل سعود الطحاوي على نصيبه ذهباً خالصاً وعلى الف فدان من الأرض، ولكنه أصبح رمزاً للخيانة تجنبه الناس جميعاً هو وكل قبيلته، وأنعم على سلطان باشا بأرفع وسام بريطاني واصبح "السير محمد سلطان باشا"، ولكن لم يثق الخديوي أو البريطانيين في اهليته لتولي أي منصب، وظل معتكفاً في منزله حتى مات.
أفاقت مصر من الصدمة.. واستانفت المقاومة.. ولم تتوقف حتى انتهت الامبراطورية كلها، وغرقت بعد أربعة وسبعين عاماً في مياه السويس (1956) في ذات المكان الذي نزلت فيه قوات ولسلي.
Comment *


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.