طوال السنوات ال42 الماضية كانت تمر مواسم الهجوم علي عبد الناصر همساً في البداية، ثم جهراً بعد فترة ..حتي أصبحت سنة مؤكدة لدى بعض من الأعداء التاريخيين للرجل الكبير، هذا العام انتظرت قليلاً حتي استطيع ان احصر العديد من الاسباب التي تجعل البعض مازال متمسكا بموقف اعتبره خاطئا وغير صحيح وظالما تماما لعبد الناصر، وذلك بمناسبة موسم الهجوم الظالم والدائم علي الرجل الكبير خلال شهري يونيو ويوليو من كل عام، واستطعت ان أحصر هذه الاسباب في الاتي: .أولاً : القضاء علي الحريات: وهذا افتراء بشع علي عبد الناصر والحريات ..حيث لم يكن الفلاح المصرى حرا قبل الثوره..كان عبداً عند الاقطاعي الذى كان يملك الارض ومن عليها وما عليها، وكان عبداً للفقر والجهل والمرض فحررته ثورة يوليو من كل هذا وأصبح سيداً علي فدادينه الخمسة التي وزعتها عليه.. وعلم أولاده ليصبح منهم المحامي والعالم والطبيب والمهندس وأستاذ الجامعه ...ورئيس الجمهوريه، كما نشر المستشفيات المجانية والوحدات الصحية في الريف والحضر. كما انتصر الزعيم للعمال الفقراء بتأميم المصانع وبناء آلاف غيرها كالحديد والصلب والالمونيوم والنصر للسيارات والمصانع الحربيه .. وغيرها وكانت التأمينات الاجتماعية والعلاج المجاني والمساكن الصحية والتعليم المجاني لأولادهم ... وهؤلاء جميعا صنعوا طبقه وسطى راقيه استطاعت ان تمثل قاطرة التحديث والاستناره في الخمسينات والستينات بل و حتي الآن زويل والباز ومجدى يعقوب وجمال الغيطاني ويوسف القعيد وكل قادة التيارات السياسية العاملة في مصر حاليا... هل هناك حريات أكثر من هذا ؟، ثم ان الديمقراطيه تقاس بعدد من يؤيد او يعارض السياسة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .. وهنا اتساءل: كم عدد الفلاحين والعمال والطبقة الوسطي بالنسبة للاقطاعيين وأصحاب روؤس الأموال؟، فإذا كانت الاغلبية الساحقة أيدت عبد الناصر حياً وميتاً وتاريخاً..حيا بكل مظاهر العشق التي مازلنا نتابعها في الصور والفيديوهات والحب الذى مازال الملايين يعبرون عنه بمختلف الوسائل حتي الآن.. وميتاً في جنازة مازالت هي الاعظم في التاريخ حتي الآن وشاركهم فيها ملاين من ابناء الامة العربية والشعوب الاسلامية، والعالم الثالث في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.. بل وفي أوروبا وأمريكا ذاتها ... أما بالنسبة للحريات بمعناها السياسي فقد كان كل ما فعله الرجل الكبير، انه كتب شهادة وفاة احزاب متهالكة طالما تمرغت في حضن المستعمر البريطاني والملك الفاسد طويلاً. ومع ذلك كانت حرية الرأى مكفولة للجميع ماعدا كل من يتآمر ضد بلاده، وهي تخوض المعارك العظمي ضد الفقر والجهل والمرض وضد الاستعمار الذى طارد الزعيم وحاصره لإفشال مشروعه الثورى، حتي لا يمثل نموذجاً يحتذي به أمام شعوب العالم الثالث، وهو ما فشل فيه المستعمر بامتياز بدليل استلهام كل حركات التحرر في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية للتجربة الناصريه حتي الآن نموذجا جعل من مصر كعبة المناضلين العظام من امثال نهرو وتيتو وسوكارنو ونكروما وموديبوكيتا وبن بيلا ومانديلا وجيفارا وكاسترو ..بل وحتي هوجو شافيز الذي مازال يجاهر بناصريته حتي الآن في فنزويلا، فهل كان عبد الناصر ديكتاتورا بعد كل هذا ؟ .ثانيا :القضاء علي الخصوم وأصدقاء السلاح والمشاريع الفاشلة، هذا أيضا غير صحيح تماماً، فالرجل لم يقض علي كائنات حية، بل كانت الاحزاب القديمة قد تهالكت للدرجة التي اصبح من الواجب دفنها، والعرف عندنا يقول ان إكرام الميت دفنه، ماتت هذه الاحزاب عندما فشلت في تحقيق التحرر من الاستعمار البريطاني وهو ما نجح فيه الرجل في غضون سنتين من الثورة، بل واستطاع عبر الصمود في معركة 56 ان يحول دولتين من الدول العظمي ( انجلتراوفرنسا ) الي دول من الدرجه التانية، منهياً عصر الاستعمار القديم، حيث سقط جي مولييه في فرنسا، وانتوني ايدن في بريطانيا، وانطلق المارد الناصري ليحقق اعظم المشروعات بعد تأميم قناة السويس، فكان السد العالي واستصلاح مليون فدان في التحرير وتوزيعها علي المعدمين من الفلاحين المصريين، ونشر التعليم والعلاج المجاني، وبناء 13 جامعة إقليمية وعشرات الالاف من المدارس والمعاهد الأزهرية، وبناء المساكن الشعبيه لمحدودى الدخل، وبناء الف مصنع من اعظم المصانع حتي تم بيعها في عهد المخلوع ، من من أصدقاء السلاح قضي عليه الرجل ؟؟ باستثناء حادث انتحار المشير عامر، فلا يوجد أحد من رفاق السلاح تم القضاء عليه او استبعاده من الحياة السياسية او اعتقاله ..البعض كان يركن للراحة والابتعاد عن العمل السياسي لأسباب تتعلق به، منها الاعتراض علي بعض سياسات الرجل الكبير، ولم يكن عبد الناصر يرفض لرفاقه مثل هذا الطلب، بل ان خالد محيي الدين ظل يمارس العمل السياسي حتي اعوام خلت ،وكان الراحل حسين الشافعي ضيفاً علي كل المنتديات والقنوات الفضائية حتي وقت قريب، يوسف صديق وصلاح سالم وعبد اللطيف بغدادى وكمال الدين حسين وحتي اللواء نجيب ..لم يتعرض واحد فيهم للاعتقال، فقط كان اللواء نجيب رهن الإقامة الجبرية لظروف تحالفه مع جماعة الاخوان المحظورة آنذاك - والتي كانت تمارس أعمالاً تخريبية ضد الثوره، وصلت الي حد محاولة اغتيال الرجل نفسه . .أين هي المشاريع الفاشلة؟ هل كان السد العالي مشروعاً فاشلاً؟، وهو الذى وفر المياه لاستصلاح الاراضي والكهرباء للتصنيع والتحديث، هل كانت مصانع الحديد والصلب والالمونيوم والسيارات والسلاح والدواء والغزل والنسيج والحرير الصناعي والاسمنت و....الخ فاشلة؟، الم يستطع القطاع العام المصرى الصمود وتحمل تكلفة إعادة بناء القوات المسلحة وحائط الصواريخ بعد هزيمة يونيو؟..ألم يتحمل القطاع العام المصرى تكلفة التعليم والعلاج المجاني ونشر الثقافة عبر السينما والتليفزيون والمسرح وقصور الثقافه الجماهيرية؟ ..هل كان استصلاح الأراضي وتوزيعها علي معدمي الفلاحين المصريين مشروعا فاشلاً؟. . وأخيراً نأتي للحديث عن هزيمة يونيو، كانت هزيمة مريرة لاشك، وثقيلة بلا جدال، وتحمل الرجل الكبير المسئولية كاملة، واعترف بها وأعلن استقالته وتنحيه وتمسكت به الجماهير وأعادته للرئاسة بشرط إعادة بناء القوات المسلحه والثأر للهزيمة،.وهو ما فعله الرجل بعد 10 ايام فقط من الهزيمة، فكانت معركة "رأس العش" وضرب إيلات والحفار وبناء حائط الصواريخ والقوات المسلحه بالكامل بعد ان تمت محاكمة المسئولين عن الهزيمة، وكانت حرب الاستنزاف تمهيدا للمعركة الكبري التي لم يسعفه القدر بإتمامها، ولكن القوات المسلحه المصريه ثأرت لهزيمتها في اكتوبر 73 رغم ان هناك عشرات الاسباب التي كانت تصلح كمبرر له ليتنصل من المسئولية عنها من تخاذل المشير عامر رحمه الله رغم اعلامه بتاريخ الهجوم وتوقيته وأهدافه ولكنه لم يفعل. .عندما يتعلق الامر برجل كانت له كل هذه الانجازات وغيرها، علي الجميع ان يعقل كل كلمه قبل ان يردد الدعاية السوداء التي روجتها آلة الدعاية الصهيونية والأمريكية حتي تغتال الرجل ميتا بعد ان فشلت في ذلك وهو حي. .وفي النهايه..لن انسي ما كان للمصريين من عزة وكرامة في كل أنحاء وطننا العربي الكبير احتراما للرجل الكبير ..بل امتد الاحترام الي كل المواطنين العرب في كل انحاء العالم. Comment *