علقت صحيفة فايننشال تايمز على زيارة الدكتور محمد مرسي، الرئيس الجديد لمصر، إلى المملكة العربية السعودية وقالت انها تمثل اختبارا مبكرا لقدرته على تهدئة مخاوف حليف اقليمي هام وللحفاظ على العلاقات السياسية والاقتصادية مع المملكة الغنية بالنفط . وأشارت الصحيفة الى أنه على الرغم من أن المسؤولين السعوديين لم يتحدثوا كثيرا بشكل علنى عن الاضطرابات القوية في السياسة الداخلية المصرية منذ الثورة التي اطاحت بحسني مبارك ، الا أن المملكة تنظر الى هذه التغييرات الهائلة بتشكك كبير. ولذلك كان مرسي حريصا في خطاب تنصيبه على أن يشير إلى أن مصر ليس لديها نية فى " تصدير الثورة"، وهو ما تم تفسيره على أنه رسالة إلى حكام المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى. كما أن ذلك عكس مخاوف من أن جماعة الإخوان المسلمين، قد تتعاون مع المعارضة الاسلامية في جميع أنحاء المنطقة. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي عربي قوله أن " السعوديين كانوا معارضون بشكل طبيعي للثورة "، واضاف " انهم ليسوا مع وجود تغيير جذري . وهذه هي المرة الأولى التى يناقش فيها البلدين ما حدث في ال 18 شهرا الماضية ، والأهم من ذلك، الى أين ستذهب الامور من الان حيث أن التحول في مصر لم ينته بعد . " وقالت الفايننشال تايمز الى أن الاقتصاد المصري من المقرر أن تكون في صلب المناقشات بين الرئيس مرسي والملك عبدالله . مشيرة الى أن المملكة العربية السعودية بالنسبة لمصر هي مصدر حاسم للمساعدات والاستثمارات وهى كانت قد قدمت بالفعل لمصر التى تعاني من ضائقة مالية 500 مليون دولار في دعم للموازنة بالإضافة إلى قرض على مدار ثماني سنوات دولار بقيمة واحد مليار دولار لتعزيز الاحتياطي الأجنبي. وأضافت ايضا أن أكثر من مليون مصرى يعملون في المملكة العربية السعودية وتحويلاتهم تعد مصدرا لا غنى عنه للعملة الاجنبية فى البلاد، التي أنخفضت بشكل خطير . لذلك يقول معلقون ان الرئيس المصري الجديد سيكون حريصا لتجنب أي اضطرابات في تدفق هذه التحويلات المالية. كما انه يمكن لأي توتر كبير في العلاقة بين القاهرة – التى تعانى من ارتفاع معدلات البطالة -- والرياض أن يكون له أثر سلبي على وظائف المصريين المغتربين . وذكرت الصحيفه ما كتبه الكاتب السعودى جمال خاشقجي يوم الاربعاء بان الحكام الجدد لمصر "يدركون جيدا أن بدء بداية جيدة مع الشعب المصرى يعتمد على عدد الوظائف التى سيخلقوها وعلى القانون والنظام أكثر من التركيز على مواجهة فورية مع الجنرالات أو تغيير واسع في السياسة الخارجية". وأشارت الصحيفة الى ان المملكة العربية فى حاجة ايضا أن يكون لديها علاقة جيدة مع مصر قوية ومستقرة حيث انه بالنسبة للمملكة العربية السعودية ، عودة مصر الى دورها السابق كحليفا يمكن الاعتماد عليه سيمثل مصدر ارتياح لأولئك المسؤولين عن السياسة الخارجية للمملكة، حيث تواجه المملكة مشاكل في كل اتجاه تقريبا . فعلاقتها متوترة مع دولة العراق المجاورة، التى تعتبرها محكومة من قبل وكلاء لإيران، العدو اللدود لها. وعلى الحدود الجنوبية للمملكة يوجد اليمن، حيث الميليشيات المرتبطة بتنظيم القاعدة هى في حرب مفتوحة مع الحكومة المركزية الهشة للبلاد. وفيما يتعلق بسوريا، فقد دعمت المملكة تسليح وتمويل قوات المتمردين في محاولة لاسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وعلاوة على ذلك، بعد إرسال المملكة العربية السعودية قوات للمساعدة في سحق انتفاضة من جانب الأغلبية الشيعية في البحرين، أصبحت المملكة الضامن الفعلى للاقلية السنية الملكية فى البلاد. وتابعت الصحيفة انه لذلك مع هذا العدد الكبير من تحديات السياسة الخارجية التي تواجه الحكم الملكي المسن فى المملكة , فان وجود مصر كحليفة صديقة هو شيء يقول محللون ان المملكة حريصة على تأمينه - وعلى استعداد لدفع ثمن من أجل تحقيق هذا. ونقلت الصحيفة عن جان فرانسوا سيزنيك ، وهو خبير في الشأن السعودي في جامعة جورج تاون فى واشنطن , أن " هناك كلمة واحدة تصف ما يريده السعوديون وهى : الاستقرار " ، وأضاف " إن آخر ما يريدونه هو عدم الاستقرار فى مصر . فهم ربما لا يعجبهم وجود الاخوان المسلمين فى السلطة ، ولكنهم يفضلون ان يكون الاخوان فى السلطة مع حكومة مستقرة عن أستمرار كثير من الاضطرابات فى مصر . " ويضيف سيزنيك انه في مقابل ضمانات للاستقرار وثقة في السياسة الخارجية ، السعوديون من المرجح ان يقدموا مساعدات للمساعدة في استقرار الاقتصاد المصري , فالسعودية هى أكبر مصدر للاستثمار العربى في مصر . ويعتقد مراقبون أنه وراء المساعدات المباشرة , هناك إشارة بأن القيادة السعودية قد توصلت الى تفاهم مع السيد مرسي يمكن أن يؤدي إلى انتعاش الاستثمار . Comment *