نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لبرنارد كوشنير، وهو وزير الخارجية الفرنسى السابق، يشير فيه إلى أن الطريق الوحيد الذى لا يزال مفتوحا الآن فى الأزمة السورية هو المحكمة الجنائية الدولية ويعلق على الوضع فى سوريا وردود الفعل العالمية عليه فيقول إنه دائما ما يقال لنا "ينبغى أن نتجنب الحرب الأهلية في سوريا حتى وهي تتكشف الآن أمام أعيننا. نحن نهدد وحتى الآن لا نفعل شئ، ونعقد اجتماعا دوليا تلو الآخر . ولكن كل اجتماع لم يقدم سوى مجموعة صغيرة من العقوبات والتصريحات ذات اللهجة التصاعدية، بينما الانتهاكات لا تزال مستمرة“. ويشير الكاتب إلى أنه فى الواقع لا أحد يريد حربا، فالأمريكيون لديهم ذكريات من العراق والرئيس أوباما يواجه حملة انتخابية صعبة. والروس يدعمون بقوة النظام العلماني الأخير في المنطقة. أوروبا، التى تواجه أزمة مالية حادة، تفضل الإعراب عن الغضب عبر قنوات التلفزيون، بينما بريطانيا وفرنسا لا تظهران أي تدخل. مثل هذا التردد والإحجام من الغرب أمر مفهوم ، بالنظر لمنطقة الشرق الأوسط التي هي دائما على استعداد للاشتعال، خصوصا أن هذا سيكون بمثابة حرب بين التيارين الكبيرين فى الإسلام، الشيعة والسنة . وفي شمال لبنان، في المنطقة المحيطة بطرابلس، تشتعل بالفعل مواجهات، وجميع الطوائف مسلحة. كما أن حليفي دمشق - حزب الله وإيران – سيلجآن إلى السلاح، بينما قطر والمملكة العربية السعودية ودول الخليج - الذين ينخرطون بالفعل بشكل غير مباشر في الصراع – سيضطروا للدخول أيضا فى المعترك . وفى هذه الحالة لن تكون مصر وهي أكبر الدول المجاورة، ولا العراق قادرين على البقاء بعيدا، وكذلك لن تستطيع تركيا وإسرائيل. ويتسائل كوشنير: هل الغرب مستعد- من أجل وقف حرب اهلية سورية -- لاندلاع مثل هذا الاشتعال الهائل فى المنطقة؟ الاجابة لا؟. ويقول الكاتب أنه من دون إجماع في مجلس الأمن الدولي، لا يمكن اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذى يتضمن اتخاذ قرارات تسمح بتدخل عسكري. وحلف شمال الاطلسي ( الناتو) هو صامت. ولا يوجد سوى فقط عدد قليل من المراقبين الشجعان الذين يسارعون لمراقبة الوضع فى سوريا فى محاولة لمنع وقوع الضرر، لكن دائما بعد فوات الأوان . وقد تمت مهاجمتهم بواسطة صواريخ الجيش السوري.. وحتى الآن تراجعت حقوق الإنسان وتزايد ضحايا تجارب غير محترفة ومناورات سياسية. والمساعدات الإنسانية إلى سوريا لا تصل دائما، وخطة كوفي عنان للسلام تحتضر. لذلك الضرورة الملحة لهذه الأزمة تتطلب نداء إلى العدالة الدولية . فهذا هو الطريق الوحيد الذي لا يزال مفتوحا في الوقت الراهن . فمن المعروف أن المحكمة الجنائية الدولية تفتح تحقيقات فى قضايا بناءا على طلب من مجلس الأمن ، وحتى الان نحن نعرف ان روسيا والصين سوف يمنعان حدوث ذلك . ولكن الأمين العام للأمم المتحدة يمكن أن يوصي بإجراء تحقيق من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية والضحايا أنفسهم لديهم الحق في إحالة قضيتهم إلى المحكمة . والغرب لابد ان يؤيدهم ويدعمهم ، وأن يستمر فى دعمه لهم ، وأن يقوم بتعظيم احتجاجاتهم وتضخيم صوت صرخات العائلات في أروقة المحكمة الجنائية الدولية . كما يجب على جميع الشهود أن يساعدوا ويتقدموا بما لديهم من مشاهدات ومعلومات . جميع منظمات حقوق الإنسان يجب أن يطالبوا أن العدالة الدولية تقتنع . والمحكمة الجنائية الدولية يجب أن تبدأ فى التحقيق . والدول الموقعة على معاهدة روما للمحكمة الجنائية الدولية يجب أن تدعم الضحايا بكل قوتها الدبلوماسية. وعلى الجبهة السياسية ، نحن – الغرب -- يجب علينا أن نشجع مبعوث الأممالمتحدة كوفي عنان لعقد مؤتمر دولي مع الروس والصينيين وحتى الإيرانيين. ودعونا لا نتظاهر بالغضب والسخط، فنحن نتحدث بالفعل مع طهران. في هذه المرحلة، فمن غير الواقعي والوهمي المطالبة برحيل بشار الأسد، فهذا بالتأكيد سينتهى بالفشل . لصنع السلام، فإنه من الضروري دائما التحدث الى العدو . وزير الخارجية الفرنسي السابق يطالب بتقديم النظام السوري للمحكمة الجنائية الدولية