في مساء 6 يونيو من عام 2010, خرج الشاب السكندري خالد سعيد البالغ من العمر وقتها 26عاما, من بيته متجها إلي مركز "انترنت كافيه" مقابل لمنزله, لم يكن يعلم خالد وقتها أنها المرة الأخيرة التي يري فيها منزله وصورة والدته التى كانت تقيم وقتها بالولايات المتحدةالامريكية مع شقيقه الأكبر, وينظر لجدران منزله الذى عاش فيه طفولته وكان شاهدا علي أسعد لحظات حياته, وربما أبشعها. وبعد مرور ساعات, اقتحم أمناء شرطة ومخبرين سريين لقسم شرطة محرم بك الذي يتبعه خالد, وطلبوا منه إظهار بطاقته الشخصية, ووقتها كان البرلمان قد أقر قبلها بأسابيع قرارا بتمديد العمل بقانون الطوارئ, وعندما اعترض "خالد" علي الطريقة التي يتعامل بها رجال الداخلية, ما كان منهم إلا أن قاموا بالاعتداء عليه وتعذيبه حتي التقط أنفاسه الاخيرة, ليلقي ربه " شهيدا للطوارئ ". وفي 10 يونيو، أصدرت وزارة الداخلية بيانا أكدت فيه أن خالد سعيد توفي نتيجة ابتلاعه "لفافة بانجو", وليس نتيجة التعذيب الذي تعرض له قبل وفاته, مُستندة في ذلك علي التقارير الطبية التي كشف عنها الطب الشرعي, ولكن هذا البيان لم يكن نهاية المطاف, ففي الفترة من 10 يونيو وحتي 19 يونيو خرجت مظاهرات في القاهرة والاسكندرية للتنديد بمقتل خالد, حتي أمر النائب العام بإعادة التحقيق وندب لجنة للتحقيق في القضية. وزاد من غضب الشباب المحتجين علي مقتل الشاب السكندري، التقرير الطبي الذى خرج به الدكتور السباعي كبير الأطباء الشرعيين, والذي لقي هجوما عنيفا وقتها بسبب انحيازه لرواية وزارة الدخلية وقتها, حتي تم استخراج تقرير طبي, وإحالة المتهمين للجنايات بتهمة " القبض علي مواطن دون حق واستخدام العنف والقسوة معه ". لم يكن يتصور أقرب الناس لخالد أن اسمه وقصة وفاته ستظل خالدة في قلوب وعقول ملايين المصريين, الذين طالما عانوا من قانون الطوارئ وطالبوا باسقاطه, حتي خرج الآلاف وقتها في الميادين وأمام منزله للتظاهر والتنديد بمقتله علي يد رجال الداخلية، كما حدث في أحداث مماثلة لحالة خالد من قبل. وبعد شهور قليلة, اندلعت الثورة المصرية، لم تغارد صورة الشهيد خالد سعيد ميدان التحرير أو التظاهرات والمسيرات التي جابت مصر كلها منذ يوم 25 يناير وحتي الآن, حتي أصبح "شهيد الطوارئ" ايقونة الثورة وأحد أسباب اندلاعها, خاصة وأنه كان حالة مماثلة لحالات التعذيب والتعسف ضد المواطنين المصريين وتتكرر بشكل يومي. Comment *