اعرف أسعار الذهب اليوم 25 أبريل وتوقعات السعر الأيام المقبلة    أخبار مصر: زيادة أسعار سجائر وينستون وكامل وجولدن كوست، محافظة جديدة تنظم لمقاطعة الأسماك، وقف خدمات الكاش بشركات المحمول    نمو إيرادات فورد وتراجع أرباحها خلال الربع الأول    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على رفح الفلسطينية    وصول 162 شاحنة مساعدات لقطاع غزة عبر معبري رفح وكرم أبو سالم البري    موعد مباراة أهلي جدة والرياض اليوم في دوري روشن السعودي والقناة الناقلة    اليوم.. طقس شديد الحرارة نهارًا ورياح مثيرة للرمال وأتربة عالقة    شكرًا على حبك وتشجيعك.. ريهام عبدالغفور ترثي والدها الفنان الراحل بكلمات مؤثرة    ضرب نار في أسعار الفراخ والبيض اليوم 25 أبريل.. شوف بكام    الشرطة الأمريكية تعتقل عددًا من الطلاب المؤيدين لفلسطين بجامعة كاليفورنيا.. فيديو    حزب الله يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية مختلفة    ارتفاع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 25 إبريل 2024    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    «عمال البناء والأخشاب» تهنئ الرئيس السيسي والقوات المسلحة بذكرى تحرير سيناء    اضبط ساعتك.. موعد بدء التوقيت الصيفي في مصر 2024| وطريقة تغيير الوقت    أحمد جمال سعيد حديث السوشيال ميديا بعد انفصاله عن سارة قمر    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    "شياطين الغبار".. فيديو متداول يُثير الفزع في المدينة المنورة    بسبب روسيا والصين.. الأمم المتحدة تفشل في منع سباق التسلح النووي    ب86 ألف جنيه.. أرخص 3 سيارات في مصر بعد انخفاض الأسعار    محافظ المنيا: 5 سيارات إطفاء سيطرت على حريق "مخزن ملوي" ولا يوجد ضحايا (صور)    تطور مثير في جريمة الطفلة جانيت بمدينة نصر والطب الشرعي كلمة السر    ميدو يطالب بالتصدي لتزوير أعمار لاعبي قطاع الناشئين    حزب المصريين: البطولة العربية للفروسية تكشف حجم تطور المنظومة الرياضية العسكرية في عهد السيسي    «الاستثمار» تبحث مع 20 شركة صينية إنشاء «مدينة نسيجية»    عن تشابه «العتاولة» و«بدون سابق إنذار».. منة تيسير: التناول والأحداث تختلف (فيديو)    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    إصابة 9 أشخاص في حريق منزل بأسيوط    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    أبو رجيلة: فوجئت بتكريم الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    لتفانيه في العمل.. تكريم مأمور مركز سمالوط بالمنيا    أول تعليق من رئيس نادي المنصورة بعد الصعود لدوري المحترفين    الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني يعلن الترشح لفترة رئاسية ثانية    تدريب 27 ممرضة على الاحتياطات القياسية لمكافحة العدوى بصحة بني سويف    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    حصول 5 وحدات طب أسرة جديدة على اعتماد «GAHAR» (تفاصيل)    رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر: تخصصنا يحافظ على الشخص في وضعه الطبيعي    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    بعد نوى البلح.. توجهات أمريكية لإنتاج القهوة من بذور الجوافة    محافظ شمال سيناء: منظومة الطرق في الشيخ زويد تشهد طفرة حقيقية    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    كيف أعرف من يحسدني؟.. الحاسد له 3 علامات وعليه 5 عقوبات دنيوية    دعاء في جوف الليل: اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور واهدنا سواء السبيل    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    الهلال الأحمر: لم يتم رصد أي مخالفات داخل شاحنات المساعدات في رفح    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    محافظ شمال سيناء: الانتهاء من صرف التعويضات لأهالي الشيخ زويد بنسبة 85%    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    «زى النهارده».. عيد تحرير سيناء 25 إبريل 1982    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    ميدو: لاعبو الزمالك تسببوا في أزمة لمجلس الإدارة.. والجماهير لن ترحمهم    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كارم يحيى : من ملف ” العلاقة الحرام ” صحف قومية أم نشرات حزبية
نشر في البديل يوم 09 - 01 - 2011

للحزب الوطني الحاكم جريدة كان أسمها ” مايو ” تحولت الى ” الوطني اليوم “. وهي لمن لا يعرف لا تزال تصدر أسبوعية بدعم مالي سخي و إعلانات وفيرة ، رغم محدودية التوزيع الذي يعكس حقيقة شعبية ومكانة الحزب . ولعل “الوطني اليوم ” هي أقل الصحف الحزبية في مصر شهرة وشعبية لدى قراء الصحف .
كل ذلك طبيعى ومفهوم . وبالأصل فإن القانون يمنح كل حزب حصل على رخصة من لجنة الأحزاب ( شبه الحكومية ) حق إصدار صحيفة أو أكثر . لكن أن تتحول الصحف القومية الى نشرات لأحد الأحزاب ، فهذا أمر يخالف نصوص الدستور والقانون ، فضلا عن فلسفة تحويل كبريات الصحف المصرية في عام 1960 من الملكية الخاصة العائلية الى “صحف الشعب ” مع الاعتراف بتعدد القوى الإجتماعية والتيارات السياسية . و يكفى هنا أن نعيد التذكير بالمادتين 206 و 207 من الدستور وقد أكدتا على استقلالية الصحافة بوجه عام ، والى المادة 55 من القانون 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة ” التي نصت صراحة وعلى نحو خاص على أنه : “تكون الصحف القومية مستقلة عن السلطة التنفيذية وعن جميع الأحزاب ،وتعتبر منبرا للحوار الوطني الحر بين كل الآراء و الاتجاهات السياسية و القوى الفاعلة في المجتمع “.
وواقع الحال أن الصحافة القومية التي لا تزال تتمتع بوضع شبه احتكاري في صناعة الصحافة المصرية تعاني من أزمة شرعية متعددة الأبعاد . وهى أزمة تعود الى ما قبل تغيير قيادات هذه الصحف إنطلاقا من صيف عام 2005 . وقد سعيت الى تشخيص هذه الأزمة في كتاب تضمن ست دراسات موثقة صدر قبل هذه التغييرات. وقلت في مقدمته، بعدما عددت مظاهرها في انخفاض التوزيع وتدهور الأداء المهني وضعف المصداقية وإهدار المال العام وغيرها ، ان أزمة الشرعية هذه تقوم على ” إختطاف هذه الصحف لحساب رئيس الدولة و الحزب الحاكم و نفر من الرجال المعينين في المناصب القيادية بها .. ” و في ” إعطاء إجازة مفتوحة للقانون في العديد من جوانب إدارة هذه الصحف ” . وصولا الى أن ” عباءة الصحف القومية و الصحافة المصرية إجمالا لا تتسع كثيرا للقوى الإجتماعية و السياسية المتعددة في مجتمعنا ” ولا تعكس مصالحها وإهتماماتها .
و الآن مرت اكثر من خمس سنوات على بدء حركة التغييرات في قيادات الصحف القومية . وهي حركة أثارت حينها في أوساط الصحافة المصرية مشاعر مختلطة . فهي كانت قد ولدت ارتياحا من حيث انها انهت الاوضاع غير القانونية للقيادات شبه الإقطاعية التي كانت شاخت في مقاعدها وتجاوزت كثيرا سن التقاعد . لكن هذه التغييرات جرت وفق الأسس المعيبة ذاتها من حيث انعدام الشفافية وغياب المعايير الموضوعية مما يفتح الباب لتحكم أجهزة الأمن ومراكز القوى غير الشرعية في هذه الاختيارات .ولقد طرحت هذه التغييرات أيضا تساؤلات لدى الجماعة الصحفية عن مدى توافر معايير الكفاءة و النزاهة . وفي كل الأحوال كان ملحوظا أن القيادات الصحفية الجديدة في الغالب ان لم نقل جميعها أعضاء في الحزب الحاكم . وفي ذلك تحد للدستور والقانون ولفلسفة انشاء الصحافة القومية . بل شاع أن غالبية القيادات الصحفية الجديدة ممن يصفهم البعض في كواليس الحزب الحاكم نفسه ب ” أولاد لجنة السياسات و صبيان جمال مبارك “.
و لننظر الآن في الحصاد بعد أكثر من خمس سنوات من بدء التغييرات في قيادات الصحف القومية . وسوف نتجنب هنا الانطباعات العامة من قبيل القول ب “المزيد من التدهور في الخدمة الصحفية المقدمة للقراء” و” الأخطاء المهنية اليومية التي يصل بعضها الى حد جرائم نشر يعاقب عليها القانون” و حالة “الإسهال والاستسهال” في تدبيج مقالات متهافته اشبه ب “موضوعات إنشا ” تفتقد الى أي جهد أو عناية أو منطق متماسك ، مما دفع نفر في الجماعة الصحفية الى اطلاق اوصاف ساخرة على كتابها من قبيل ” الإسهاليون الجدد ” . وسوف نتجنب كذلك التأمل في المخالفة الدستورية والقانونية و المهنية في الظاهرة المستحدثة مع تغيير قيادات الصحف القومية في تحول نفر من هذه القيادات الى متحدثين امام وسائل الإعلام باسم الحزب الحاكم .سوف نتجنب كل ذلك ، و نلقى نظرة مجرد نظرة على ملامح من تغطية الصحف القومية الأشهر ” الأهرام ” و ” الأخبار ” و ” الجمهورية ” لمؤتمر الحزب الحاكم الأسبوع الماضي . و نعقب ذلك بمقارنات محدودة لكنها كاشفة .
فعلى مدى ثلاثة ايام ( 26 و27 و28 ديسمبر 2010 ) احتل مؤتمر الحزب الحاكم العناوين الرئيسية للصحف الثلاثة. و علاوة على ذلك خصصت ” الأهرام ” و ” الجمهورية ” اربع صفحات للمؤتمر في اليوم الأول فيما خصصت ” الأخبار ” ثلاث صفحات . لكن ” الأخبار ” عادت ومنحت المؤتمر خمس صفحات لليوم الثاني وثلاث صفحات لليوم الثالث . فيما خصص كل من ” الأهرام ” و ” الجمهورية ” صفحتين لكل من اليومين . أما ” الوطني اليوم ” الصحيفة الحزبية وهي اسبوعية فقد اكتفت في عددها الصادر بتاريخ 28 ديسمبر بتخصيص
أربع صفحات لأعمال المؤتمر علاوة على العنوان الرئيسي لها . و الأمر هنا لا يحتاج تعليق لاكتشاف الفارق بين جريدة الحزب من جانب وبين النشرات الحزبية التي أصبحتها صحافتنا القومية.
ولأنه في النظم الشمولية القائمة على الحزب الواحد و عبادة الفرد و الاندماج بين العائلة و العصبه و بين السلطة السياسية ، يستطيع المراقبون استقراء مراكز القوى الفعلية والصاعدة في النظام من خلال ملاحظة ظهور الشخصيات في الصور المصرح بنشرها في وسائل الإعلام . و قد قمنا برصد ظهور أربع شخصيات في الصور المنشورة بالصحف الأربعة على مدى أيام المؤتمر ، و هي : رئيس الحزب “مبارك الأب” .. و الأمين العام للحزب “صفوت الشريف” .. و الأمين العام المساعد وأمين لجنة السياسات “مبارك الإبن” .. و أمين التنظيم رجل الأعمال واسع النفوذ ” أحمد عز”. وقد تبين أن “مبارك الإبن” ودون منازع هو الشخصية الأولى في الحزب من حيث عدد الصور المنشورة في الصحف ” القومية” الثلاثة. ظهر في ” الأخبار ” في 15 صورة من إجمالي 29 صورة ضمت الشخصيات الأربعة . و في ” الجمهورية ” ظهر في 10 صور من إجمالي 28 صورة . و في ” الأهرام ” 9 صور من إجمالي 24 صورة. بل أن جمال مبارك ظهر في عدد واحد من ” الأخبار ” في 8 صور دفعة واحدة ( عدد 27 ديسمبر ) .و للمفارقة فان الرئيس حسني مبارك ظهر على صفحات نفس الجريدة وكذا في ” الأهرام ” في صورتين فقط ( عدد 26 ديسمبر ) ، وظهر على صفحات ” الجمهورية ” في ثلاث صور عن ذات اليوم . أما الشخصية المفترض انها الثانية في الهيكل التنظيمي للحزب ” صفوت الشريف ” فقد حل تاليا للأمين المساعد للتنظيم ” مبارك الإبن” ، و ظهر على مدى الأيام الثلاثة في 10 صور بجريدة ” الأخبار ” و 8 صور في كل من ” الأهرام “و ” الجمهورية “. وبشأن أمين التنظيم ” أحمد عز” فقد حل ثالثا و ظهر في ” الجمهورية ” في 6 صور ، وفي ” الأهرام ” في 5 صور ، أما في ” الأخبار ” فقد ظهر في صورتين فقط. ومن الأمور المثيرة أيضا ان ترتيب مراكز القوى يختلف بعض الشئ على صفحات جريدة الحزب ” الوطنى اليوم ” . فقد جاء الأمين العام ” صفوت الشريف ” أولا وظهر في أربع صور، فيما حل “مبارك الإبن” ثانيا بثلاث صور ، أما “مبارك الأب” و” أحمد عز ” فقد حلا أخيرا وظهر كلاهما في صورتين . وفي هذه المؤشرات ما يطرح تساؤلات وافتراضات حول سطوة ” مبارك الإبن ” على الصحف القومية بدرجة أشد من سطوته على صحيفة الحزب ذاتها التي لا تزال تعكس ولاءا خاصا لأمينه العام ” الشريف ” . ومرة أخرى فان السؤال الأهم : هل الصحف القومية قد تحولت على أيدى القيادات المستجدة الى نشرات حزبية وإتجهت الى حسم ولائها الأخير لصالح ” مبارك الإبن ” ، وكأنه مركز القوة الفعلي و القادم الى موقع رئيس الحزب و الدولة وفق قراءة الصور ، رغم التصريحات الحزبية عن أن “مبارك الأب ” هو مرشح الحزب في انتخابات الرئاسة عام 2011 .
هذا عن الصور و ما تطرحه من دلالات و تساؤلات. و لننظر الآن كيف قامت الصحف ” القومية ” و قد تحولت الى نشرات حزبية بتغطية أبرز حدثين في حياة حزب ” الوفد ” خلال عام 2010.وهو الحزب الذي يراه الحزب الحاكم و أبواقه الدعائية القوة الثانية في هذه الحياة الحزبية المريضة والمقيدة أصلا . في 16 إبريل الماضي عقد ” الوفد ” جمعية عمومية طارئة لتغيير لائحته الداخلية .فمنحت ” الأهرام ” الحدث مساحة عمودين في 15 سم بأسفل الصفحة التاسعة بعدد 17 إبريل . أما “أخبار اليوم ” فقد القت بالخبر في منتصف الصفحة الحادية عشرة على مساحة ثلاثة أعمدة . واللافت ان الصفحة الأولى بالعدد ذاته اتسعت لنشر خبر عن الحزب الحاكم بعنوان : ” صفوت الشريف : تقرير للرئيس حول البرنامج الانتخابي للشورى “. و نأتي الى ” الجمهورية ” التي لم يجد القائمون عليها أي أهمية في حدث ” الوفد ” ، فغاب عن عدد الصحيفة الصادر في يوم 17 إبريل تماما . وإن كان الصحيفة ذاتها قد وجدت ما هو أكثر اهمية في خبر يحمل عنوان ” الدكتورة زينب عبد الله : الإشراف القضائي الكامل لا يمنع التزوير ” ومنحته مساحة في صفحتها الأولى بالعدد ذاته . ولمن لايعلم فان ” الدكتورة زينب ” وفق نص الخبر هي رئيس قسم القانون بجامعة الأسكندرية .
أما الحدث الثاني لأكبر قوة سياسية تاليه للحزب الحاكم وفق المنظور الرسمي فقد كان انتخاب الجمعية العمومية لحزب”الوفد” في 28 مايو 2010 لرئيس جديد للحزب ،وقد انطوى الحدث على تداول في المواقع القيادية لا يعرفه تاريخ الحزب الحاكم . وهنا فقد منح “الأهرام ” الحدث مساحة ثلاثة أعمدة في 7 سم بالنصف الأسفل من صفحته الأولى بالعدد 29 مايو و ثلاثة أعمدة أخرى في الصفحة 15 بالعدد ذاته ، و قد احتل خبر مثل رحيل الكاتب أسامة أنور عكاشة ضعف المساحة في الصفحة الأولى بالعدد ذاته. أما ” الأخبار ” فقد اكتفت هي الأخرى بمنح حدث ” الوفد” مساحة عمودين أسفل الصفحة الأولى ، فيما ارتفع بأعلى الصفحة ذاتها خبر لجمال مبارك على ثلاثة أعمدة. وسارت ” الجمهورية ” على نفس النهج ، فوضعت خبر ” الوفد ” في النصف الأسفل من الصفحة الأولى على ثلاثة أعمدة ، فيما منحت خبرا عن المؤتمرات الانتخابية للحزب الحاكم بخصوص مجلس الشورى ضعف المساحة في النصف الأعلى من الصفحة ذاتها. وفي كل ما سبق ما يتناقض مع دعاوى الحزب الحاكم ورئيسه عن تقوية الحياة الحزبية و” الأحزاب المدنية “والتي جرى اطلاقها كمبرر للتعديلات الدستورية غير الديموقراطية في ربيع عام 2007.
و لعله مما يفيد في هذا السياق أن ننظر الى ماض قريب ، لندرك كيف تحولت صحفنا القومية الى نشرات حزبية على ايدي من يطلق عليهم في كواليس الحزب الحاكم نفسه ” أولاد لجنة السياسات” . وأمامي لحسن الحظ دراسة علمية منشورة في “المجلة المصرية لبحوث الإعلام ” الصادرة عن كلية إعلام القاهرة ( عدد اكتوبر / ديسمبر 2002) .والدارسة للباحث ” سلام أحمد عبده ” ، وتحمل عنوان ” معالجة الصحف القومية المصرية اليومية للشئون الحزبية في النصف الأول من عام 2002 “. وقد انتهت الدراسة بعد تطبيق أداة تحليل المضمون على ” الأهرام” و ” الأخبار ” و ” الجمهورية ” خلال هذه الفترة الى ارتفاع اهتمام الصحف الثلاث باخبار الحزب الوطني الحاكم و متابعة نشاطه وانخفاض اهتمامها بمتابعة انشطة أحزاب المعارضة في الأغلب الأعم الا ما يخدم السياسات الحكومية .
وبصرف النظر عن الفروق النوعية و النسبية بين الصحف الثلاثة والتي تفيد بأن “لأهرام ” كان في عام 2002 اكثر اهتماما بالحياة الحزبية و أقل انحيازا للحزب الوطني مقارنة بكل من من ” الأخبار ” و ” الجمهورية ” . فثمة ملاحظتان على ضوء التطورات اللاحقة : الأولى ان ” الأهرام ” في ظل قيادته المستجده قام بالغاء صفحتى ” نواب و أحزاب ” و” حياتنا الحزبية ” ، في اطار سياسية تحريرية ليس مجال مناقشتها هنا الآن. و الثانية ان الدراسة التي نوهت بهاتين الصفحتين كانت قد دعت الصحف القومية الى “التخلى عن انحيازها لوجهة النظر الرسمية و أن تكون قومية بمعنى الكلمة و تبرز الآراء المتعددة حتى لو تعارضت مع وجهة النظر الرسمية “.كما اقترحت الدراسة :” إعادة النظر في تبعية الصحف القومية لمجلس الشورى وأن تكون تابعة لهيئة مستقلة غير حكومية “.
وللعلم والذكرى فان التطورات اللاحقة على هذه الدراسة قد دفعت في شراع العلاقة الحرام بين الصحف القومية والحزب الحاكم بالمزيد من الرياح المسمومة . فلم يقتصر الأمر على التغيير في قيادات الصحف باتجاه ما يطلق عليه” أولاد لجنة السياسات ” اعتبارا من صيف عام 2005 ، بل كان أمين عام الحزب الحاكم قد بدأ يجمع و للمرة الأولى بين موقعه الحزبي و بين رئاسة مجلس الشورى و المجلس الأعلى للصحافة منذ عام 2004 ( وفق توجيه الى الهيئة البرلمانية للحزب الوطني بمجلس الشورى صدر عن الرئيس مبارك خلال رحلته العلاجية لألمانيا في يونيو من العام نفسه ). كما أنه لا يمكن فهم وتفسير الاتجاه الخطير لتحول صحفنا القومية الى نشرات حزبية دون النظر في التطورات الاقتصادية السياسية المرتبطة بصعود رجال الأعمال الجدد على المسرح . وحقيقة ان في سيرة هذا الصعود و تجلياته في مرآة الإعلام والصحافة والحزب ما يدعو للتفكير في أي نمط من الرأسمالية ينتعش ويهيمن في مصر الآن . وبالأصل فان أية محاولة لقراءة هذا المشهد في بلد تصعد فيه الرأسمالية و تسيطر و تهبط فيه مساحة الحريات و تضيق تعيدنا الى قراءة هذا النوع من الكتابات التي بشرت ببناء رأسمالية بلا ليبرالية سياسية او فكرية . وهو نمط من الكتابات أظنه ظهر في صفحات الرأي بخاصة بالصحف القومية منذ عقد الثمانينيات . وكان يبشر صراحة ببناء الرأسمالية بذات المنهج الشمولي التعبوي الفوقي الذي كان سائدا في عهد الحزب الواحد . و إذا ما راجعنا الصحف في هذه الفترة لن ندهش إذا ما اكتشفنا أن هؤلاء المبشرين بهذا النمط السلطوي من الرأسمالية هم ذات الأسماء التي التحقت فيما بعد بلجنة السياسات في الحزب الحاكم ، وتمكنت من السطو على صفحات الرأي في صحفنا القومية . وهي تمارس الآن إحتكارا موزايا للاحتكار الحاصل في مجال الاقتصاد .. إحتكار الرأي . ويكفى احصاء سريع لاسماء الكتاب في أبرز صفحات الرأي في صحفنا القومية، كي نتبين قصة النفوذ المتزايد لأعضاء لجنة السياسات بالحزب الحاكم خلال السنوات القليلة الماضية ، و معها إقصاء الكتاب المستقلين المحترفين و ممارسة فنون شتى من الرقابة والتهميش وقمع تعدد الآراء.
ولكن ماذا عن الصحفيين انفسهم العاملين في الصحف القومية ؟
هنا لا تتوافر الى حينه دراسات علمية . إلا ان ثمة اعتقاد له شواهده بان الغالبية العظمي من هؤلاء الصحفيين ليسوا من أعضاء الحزب الحاكم . وهم في ذلك على عكس ما تدين به قيادات هذه الصحف المنتقاه على خلاف الدستور والقانون . و غالبية هؤلاء الصحفيين شأنهم شأن السواد الأعظم من المصريين غير منتمين للأحزاب المرخصة بقرارات لجنة الأحزاب شبه الحكومية وغير مبالين بها. لكن ثمة ثلاث وقائع كنت شاهدا عليها في الأيام الأخيرة التي اعقبت الانتخابات التشريعية . في الأولى .. أسر زميل بأنه اضطر للالتحاق بالحزب الحاكم اخيرا لأنه أدرك ان الباب بات مغلقا في وجه أي طامح لتولى مسئولية ما في صحيفته القومية إذا لم ينضم للحزب . وفي الثانية أسر زميل آخر بأنه يخجل من انه يوما ما وقع استمارة عضوية للحزب الحاكم و يتمنى أن يستقيل من هكذا حزب ، لكنه يخاف العواقب . فلما سألته : لماذا ؟ . أجاب :” دول .. لا يقبلون بالخروج عليهم”. أما الثالثة فتتعلق بحديث بدأ يعود همسا في أروقة الصحف القومية يشبه ماكان في الأيام الأخيرة للحرس القديم من القيادات الصحفية قبل نحو خمس سنوات .
إنه حديث وقائع فساد و سفه و إهدار للمال العام تشيب لها الرؤوس ، وقد تزامن هذه المرة مع طرح السؤال : هل هي صحف قومية أم نشرات حزبية ؟
مواضيع ذات صلة
1. كارم يحيى : يحيا الهلال مع الجمل
2. كارم يحيى : “حزب كفرة وخونه”
3. كارم يحيى : ذاكرة “الأهرام ” في خطر
4. كارم يحيى : مجزرة الإسكندرية والمسألة المصرية
5. كارم يحيى: “جاسوس في الحزب” رواية تخيلية سياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.