في الثمانينات بث التلفزيون المصري حملة إعلانية ضخمة عن منتج مياه غازية جديد يحمل اسم - شويبس - ، ودارت فكرة الحملة وقتها عن سر تفوق المنتج الجديد ، على أمثاله من المنتجات الغازية الأخرى ، وظل الفنان الراحل حسن عابدين يبحث عن سر – شويبس - لفترة طويلة ، وفى عدة إعلانات متتالية ، حتى مات ومات معه سر – شويبس - .. واتضح بمرور الوقت أن - شويبس - ليس له سراً، ومثله مثل المنتجات الأخرى مجرد مياه غازية .. وسر - شويبس - مثله مثل سر الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح حصان الانتخابات الرئاسية الجامح ، سيتكشف لنا بعد وصول الفارس الإخوانى الى قصر الرئاسة فى مصر ، وتتجلى لنا صورة المرشح الحقيقية : وسطى معتدل مستنير كما يطرح نفسه ، أم أنه لا يختلف عن خيرت الشاطر مرشح الإخوان الأصلي ، ومحمد مرسى مرشح الإخوان الاحتياطي ، سوى فى ملامح الوجه .. وهل كل الإخوان سواء على قلب رجل ، تُحركهم خريطة سياسية واحدة ، أم أن قلوبهم شتى وبينهم مثل غيرهم من الفصائل الأخرى تنازعات واختلافات فى الرؤى والتوجهات .. فى العقد الأخير ، تابعنا باحترام شديد الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح ، ووقعنا فى غرام حضوره الانسانى الملفت ، وخطابه السياسى المستنير ، الذى وضع فيه حداً فاصلاً بين الدعوى والسياسى ، وبين الثابت والمتغير ، وبين هداية الناس الدينية وتغيير أحوالهم المعيشية واليومية، ورأينا فيه وجهاً مختلفاً عن وجه الإخوان الذي ألفناه ، فالرجل طرح نفسه كرجل دولة ، وتحدث بلغة السياسيين ، لا بلغة خطباء المساجد ، ودافع عن الدولة المدنية دفاع المؤمنين الأوائل ، بل ورأى فيها دولة ديننا الحنيف .. وتابعنا بافتتان انفتاحه على كل التيارات السياسية المختلفة وتواصله معها ، وزيارته الرمزية للأديب الراحل نجيب محفوظ ، بعد أن طالته أيدي التطرف وغرزت سكين تعصبها فى رقبته ، كل ذلك رسّخ صورة أبو الفتوح الجديدة في أذهاننا ، ووصل احترامنا له أن عددناه أحد رموزنا المصرية ، التى تتجاوز تصنيف الانتماءات السياسية الضيقة .. ومع مرور الوقت زادت سقطات أبو الفتوح أمام أعيننا، فما زال الحصان الجامح على ولائه وانتمائه لجماعته، ولم يتخل لحظة واحدة عن تاريخه فيها أو تعلقه بها، كذلك لم يشفع له خطابه الوسطى من بعض الفلتات التي تنم عن تشبثه الحاد بمشروعه القديم ، واتكائه فقط على تقديمه بصورة جذابة وعصرية ، الى أن أعلنت الجماعات السلفية المختلفة ترشيحها له ووقوفها خلفه ، دون أن يتفضل أبو الفتوح أو الجماعات السلفية بإعلان الرأي العام عن أسباب وبنود الاتفاق بينهما بشفافية ووضوح .. أعتقد وبعض الاعتقاد خطأ أن جماعة يتجاوز عمرها الثمانين عاماً – 1928 - ، ومارست العمل السرى والعلنى لفترات طويلة ، حتماً اكتسبت عبر تاريخها وعياً سياسياً متمرساً ومغايراً ، خاصة أن هدفها منذ البداية معلن وواضح ومعلوم للجميع .. وأبو الفتوح مثله مثل غيره من الوجوه الاخوانية الأخرى : سعد الكتاتنى ، محمد البلتاجى ، عصام سلطان ، عصام العريان ، كمال الهلباوى ، وبالطبع مرشدهم محمد بديع ، و شيخهم يوسف القرضاوى ، فكل له دور ، وان اختلفت المواقع ، وتغيرت الوجوه ، وتنوعت خطابات الإرسال ، فجميعهم هدفهم واحد : وصول الإخوان الى مفاصل الدولة ، والإمساك بكل خيوط الدولة المصرية العتيدة .. وكما كل الطرق تؤدى الى روما ، فكل الوسائل متاحة لوصول الاخوان الى الحكم ، وما حزبى : الحرية والعدالة والوسط الا فروعاً أخرى لجماعة الاخوان المسلمين ، وما محمد البلتاجى الا قنطرة عبور الى القوى السياسية الاخرى ، وما عصام سلطان الا فرد من أفراد الجماعة البررة فى زى عصرى ، وما ... وما .. وما .. وما مبادرة أبو الفتوح بالترشح للرئاسة منذ البداية إلا إحدى خطط الجماعة البديلة ، التى تمرست وأدمنت نسج خططها مثل حائك الثوب الواحد ، الذي يعيد نسجه بطرق مختلفة .. أبو الفتوح إخوانى اتخذ طريقاً مختلفاً للوصول إلى الرئاسة ، طريقاً سيجمعه فى النهاية بأخوته فى الجماعة واخوته فى الهدف ، وذلك لا يضيره أو يضيرهم ، لأنهم فى النهاية أخوان .. أبو الفتوح برضه اخوانى .. برضه شويبس Comment *