“حروب الأنفاق ومواجهة الصواريخ هي نقطة ضعفنا” هكذا قال أبيب كوتشافي رئيس جهاز الاستخبارات العسكري الإسرائيلي”آمان” أمام مؤتمر هرتسليا السنوي الذي يناقش فيه أهم التحديات الاستراتيجية من الناحية الأمنية والعسكرية. وفي أعقاب حرب 2006 شكلت إسرائيل وحدة عسكرية خاصة تابعة لسلاح المهندسين سميت ب”ياهالوم” (الماس في اللغة العبرية) للتدرب على معارك الأنفاق. تضمنت الوحدة عناصر من خمسة لواءات يمثلون قوات النخبة الإسرائيلية وهم جفعاتي وجولاني ونحال وكفير، بالإضافة إلى لواء المظليين. وذكرت صحيفة السفير اللبنانية في تقرير لها اليوم أن جيش الاحتلال يدرب جنود وعناصر هذه الوحدة على معارك تحت الأرض والمطاردات واقتحام الأنفاق بدعم تقني من الرادارات والمجسات الأرضية والروبوتات لاكتشاف الألغام والعبوات الناسفة والكلاب المدربة. وأضافت أن وحدة ياهالوم تقوم حاليا بجمع المعلومات عن الأنفاق والتحصينات تحت الأرض لبناء نماذج محاكية لها لتدريب جنود وحدتها عليها. ويتسلح أفراد الوحدة بأسلحة أوتوماتيكية قصيرة الماسورةSub machine gun ، وأجهزة استشعار واتصال متطورة وكذلك بأجهزة للتنفس في حال وجود مشاكل في التهوية بالأنفاق. وذكر نيكولاس بلانفورد، وهو محلل في مؤسسة جينز العسكرية مقيم في بيروت، للسفير: “لقد فوجئت القوات الإسرائيلية تماما بحجم هذه الشبكات تحت الأرض وتطورها”. وأضاف: “هذه الأنفاق مكنت حزب الله من إطلاق صواريخ على إسرائيل عام 2006.” ومضى يقول “مع وجود بعض مخابئهم على مقربة كبيرة من الحدود، لن يفاجئني على الإطلاق أن يكونوا قد حفروا تحت الحدود لاستخدامات لاحقة”. ومن جانبه، قال المتحدث باسم جماعة لجان المقاومة الشعبية أبو عطية متحدثا عن التدريبات الإسرائيلية “نحن مستعدون لمواجهتهم فوق الأرض وتحت الأرض وهذه الدعاية وهذه التدريبات لا تخيفنا”. وتأتي هذه التدريبات للحد من تأثير شبكات الأنفاق التي تستخدمها المقاومة سواء في لبنان أو غزة، والتي مكنتها في حربي 2006، و2009 من نصب الشراك والأكمنة لجنود الاحتلال، وتخزين الصورايخ وأستخدمها كشبكة ربط بين مواقع مقاتلي المقاومة. وتخشى إسرائيل في أي مواجهة قادمة سواء في غزة أو في الجنوب اللبناني أن يكون تكون المقاومة قد حفرت أنفاقا تتجاوز الحدود وتستخدم لتسلل أفراد المقاومة إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة للقيام بعمليات عسكرية أكثر تطورا ًمن عمليتي خطف الجنديين في2006 من جانب حزب الله أو خطف جلعاد شاليط من جانب فصائل المقاومة في غزة في العام نفسه. وخلال حرب لبنان العام 2006، عمل المقاومون في حزب الله على شق أنفاق لصد القوات البرية الإسرائيلية. وتشتبه إسرائيل في أن “حزب الله” منذ ذلك الحين أقام شبكات تحت الأرض لنصب الكمائن في أي صراع في المستقبل. أما عن الصورايخ فقد حذرت “آمان” على لسان رئيسها كوتشافي في كلمته أمام مؤتمر هرتسليا في فبراير الماضي، أن هناك ما لا يقل عن 200 ألف صاروخ يستهدفون إسرائيل في حالة نشوب حرب، معظمها لا يتجاوز مداه 40كيلومتر إلا أنه على أقل تقدير، هناك بضع آلاف من تلك الصواريخ يصل مداها إلى مئات الكيلومترات، بالإضافة أن قوة ودقة الصواريخ قد ازدادت. وعبر عن تخوفه من أن تكون هذه الصواريخ ذات رؤوس حربية كيماوية أو بيولوجية. وتمتلك إسرائيل ثلاث منظومات مضادة للصواريخ، القبة الحديدة للصواريخ قصيرة المدى، ومقلاع داوود للصواريخ متوسطة المدى، والسهم للصواريخ طويلة المدى، واعتمدت إسرائيل بشكل كبير على الدعم الأمريكي المادي والتكنولوجي، لتطوير تلك المنظومات. فمثلا ً منظومة السهم نقلت بالكامل من الولاياتالمتحدةالأمريكية ويقوم بتشغيلها أطقم عسكرية أمريكية، فيما تعاني المنظومتين الأخيرتين من قصور في عملهما، وإلى الآن لم يتم تشغيل كافة بطاريات صواريخ المنظومتين، وذلك بسبب تقليص الميزانية العسكرية الإسرائيلية. وعند تجربة القبة الحديدة لم تفلح في اعتراض أكثر من 40% من الصواريخ المنطلقة من قطاع غزه، ناهيك عن تكلفة اعتراض الصاروخ الواحد التي تقدر بمئات الآلاف من الدولارات في حين أن صاروخ مثل القسام يتكلف ما بين ألف أو ألفين دولار على أقصى تقدير. وفي أخر تقرير لهيئة تأمين الجبهة الداخلية في وزارة الدفاع الإسرائيلية نشرته “يديعوت أحرنوت” في أواخر فبراير الماضي، توقعت الهيئة أن تقصف بعدد ما بين 7500 إلى 10000 من الصواريخ قصيرة المدى، وما بين 1800 إلى 2300 من الصواريخ متوسطة المدى وحوالي300 صاروخ طويل المدى. وتوقع التقرير أن تتسبب هذه الصواريخ، على أقل تقدير، في قتل 200 إسرائيلي وتدمر آلاف المنازل، وذلك في حالة الجهوزية التامة لجميع أجهزة ووسائل التأمين والدفاع العسكرية كمنظومات الإنذار المبكر والمنظومات المضادة للصورايخ، أو المدنية كالإطفاء والإسعاف والملاجئ. وعلى أرض الواقع، تحذر الهيئة من أن هناك أكثر من 1.5 مليون إسرائيلي على الحدود الملتهبة لا يوجد لهم ملاجئ، وأن الاختبارات الدورية التي تجرى على المنظومات سالفة الذكر تدلل على تدني مستوى الاستجابة والجهوزية.