من المعوقات الرئيسية التي تواجه التوسع في الإنتاج الحيواني ندرة المراعي الطبيعية في مصر؛ لجفاف مناخها، حيث يقتصر وجود المراعي في مصر على شمال سيناء والساحل الشمالي، ولذلك يعتمد مربو الماشية والدواجن في التغذية على العلائق المركزة وهي غالية الثمن، كما أن الأعلاف الخضراء أسعارها مرتفعة هي الأخرى؛ بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، بالإضافة إلى أن إنتاجها بالكميات اللازمة لسد احتياجات مزارع الإنتاج الحيواني يستلزم زراعة مساحات شاسعة من الأراضي بمحاصيل الأعلاف، ويكون ذلك على حساب المساحات التي تزرع بالمحاصيل الغذائية؛ مما يؤدي إلى زيادة الفجوة الغذائية؛ ولذلك توصلت الأبحاث والدراسات العلمية إلى إنتاج الأعلاف الخضراء عن طريق استنبات بعض حبوب النجيليات "القمح – الشعير – الذرة – الشوفان" باستخدام تقنية الزراعة بدون تربة. ومن ناحيته قال الدكتور أحمد لطفي ونس، أستاذ ورئيس قسم النبات بزراعة دمياط، إن تقنية استنبات بعض الحبوب لإنتاج أعلاف خضراء آمنة وعالية القيمة الغذائية هو الحل الأمثل لتفادي مشكلة التغذية عند مربي الماشية، وخاصة في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف الخضراء التقليدية والعلائق المركزة ، لافتًا إلى أن تلك التقنية لا تحتاج سوى غرفة مجهزة لا تتعدى مساحتها ال 60 مترًا، لإنتاج طن من العلف الأخضر يوميًّا؛ ولذلك تسمى هذه الغرف بمصانع الأعلاف، وإنشاء عدد قليل من الغرف في كل محافظة سيكفي احتياجات المربين، سواء كانوا مربي الدواجن أو ماشية اللحم والألبان، وبذلك نستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه الأعلاف وتوفير المساحة الشاسعة من الأراضي التي تزرع بمحاصيل الأعلاف كل عام؛ لاستخدامها في زراعة المحاصيل الاستراتيجية، علاوة على أن إنتاج الأعلاف بهذه الطريقة يرشد استهلاك المياه بدرجة كبيرة جدًّا، حيث يحتاج إنتاج الطن من العلف الأخضر بهذه التقنية إلى حوالى 350 لترًا مكعبًا من الماء، وهو أقل بكثير جدًّا؛ مما يتم استهلاكه فى حالة إنتاج الأعلاف الخضراء عن طريق الزراعة في الحقول المفتوحة. وأوضح "ونس" أن تكلفة الغرف المجهزة هي أبرز العوائق لتعميم تلك التقنية، وذلك لأنه يتم شراؤها من الخارج، ويصل ثمن الوحدة منها إلى حوالى 150 ألف دولار، وهو ثمن باهظ، مشيرًا إلى أنه يفضل إعداد غرف، أو صوب مجهزة تجهيزات بسيطة، وبخامات محلية، وبدون تجهيزات معقدة، وباستخدام أي حاويات مناسبة، قد تتوفر بالمنزل أو المزرعة، مع الأخذ فى الاعتبار ببعض الاحتياطات البسيطة؛ لضمان الحصول على علف أخضر عالي القيمة الغذائية وخالٍ من أي عفن، ليؤدي نفس الغرض وبأقل تكاليف ممكنة؛ مما يساعد على سهولة وسرعة تنفيذ هذه الفكرة، ويساعد على انتشارها بشكل أسرع وأفضل، ويحقق الهدف المرجو منه. ومن جهته قال أحمد فوزي، أستاذ تغذية الحيوان المتفرغ، إن ما تم تطبيقة من تقنية الحجبوب المستنبته في مصر هو الشعير، لكونه من أحد محاصيل الأعلاف المتعارف عليها عند المربين، لافتًا إلى إن إنتاج 15 طنًّا يوميًّا من الشعير المستنبت يعادل إنتاج فدان من البرسيم طوال العام، كما أن تلك التقنية توفر 28 ضعف كمية المياه المستخدمة في زراعة البرسيم، فضلاً عن توفير مساحة أراضٍ زراعية بمقدار 316% من الأراضي المزروعة بالبرسيم، والتي تؤدي إلى زيادة المساحات المزروعة بالقمح، بالإضافة إلى توفير الأعلاف الخضراء طوال العام للماشية، وهو ما يؤدي إلى زيادة إدرار الألبان بنسبة تصل إلى أكثر من 15% للحيوانات الحلابة. وأوضح أستاذ تغذية الحيوان أن الشعير المستنبت يوفر 50% من العلف المقدم للحيوانات والثروة السمكية والداجنة، حيث إن الوحدة منها يمكن أن تكفي لتغذية 60 رأسًا من الأغنام، و12 رأس ماشية في اليوم، كما أن نسبة البروتين فيها تصل إلى ضعف ما يحتوية البرسيم من بروتينات، ويمتاز بسهولة الهضم والامتصاص واستفادة الحيوانات منه، كما أنه يمتاز بارتفاع نسبة الفوسفور والبوتاسيوم والبورون والكالسيوم.