في قلب حي الزيتون بمحافظة القاهرة يقبع رافد ثقافي وفني بديع على 520 مترا وهو "متحف ناجي وسعد الخادم"، وهما زوجان وهبا حياتهما للفن والإبداع وتركا إرثا للفن التشكيلي من لوحات متنوعة يتعلم منها الدارسون ويستمتع بها المتذوقون للفنون في كل مكان. يضم المتحف 198 عملا من أعمال الفنانة عفت ناجي، والفنان سعد الخادم، وكذلك مجموعة من القطع الفخارية الشعبية بالإضافة إلى مكتبة خاصة بالفنانين بها كتب نادرة و15 رسالة دكتوراة، و26 رسالة ماجستير، كما يقدم أنشطة ثقافية متنوعة بين الرسم والشعر والموسيقى، وإقامة الحفلات والندوات والأمسيات، ويستمر في تقديم خدماته الثقافية لأبناء حي الزيتون والأحياء المجاورة. ويعد المتحف وعاءً لحفظ تراث الفنانين عفت ناجي، ورفيق رحلة حياتها الفنان والمعلم سعد الخادم، باعتبارهما اثنين من أعلام الفن في مصر في النصف الثاني من القرن العشرين ورائدين في مجال الفن الشعبي ودراسته. من هي عفت ناجي؟ رسامة مصرية من مواليد مدينة الإسكندرية عام 1905، وهي أخت الرسام محمد ناجي، رائد التصوير العربي المعاصر، وقد تشبعت وتأثرت بأعماله سواء في الرسم أو التصوير الزيتي الكلاسيكي. كانت عفت، مفتونة بالثقافة وتدربت على الرياضيات والموسيقى، وبجانب دروسها الخصوصية مع أخيها محمد ناجي، سافرت لتدرس في أكاديمية الفنون في روما عام 1947، وعملت في مصر عند الفنان الفرنسي أندريه لوتيه، وتأثرت باستخدامه الآثار المصرية كمادة خام في اللوحات الفنية. كانت عفت ناجي واسعة الاطلاع فقرأت في التاريخ والآداب وتوغلت في الفنون المصرية القديمة، قاصدةً أن تقتدي بهذا الخط الصارم والألوان الصريحة للقدماء، لتتدرج في الاطلاع شاملة الفترات الزمنية البعيدة والقريبة وأساليب الفن فيها، وقالت: "أدهشني ما رأيته في المخطوطات العربية، من رسوم وأشكال فلكية وجغرافية وسحرية، وتصميمات ميكانيكية، وقد ساعدتني في ذلك أبحاث زوجي سعد الخادم المتخصص في الفنون الشعبية (الفولكلور)، حتى أمكنني أن أستنبط منها موضوعات رأيت فيها صلة وثيقة بالفنون المصرية والبابلية والآشورية والإسلامية". وفي عام 1964 كانت عفت ناجي ضمن 64 فنانا تم تكليفهم لتسجيل الآثار التي من الممكن أن تضيع كالمغمورة تحت مياه سد أسوان عند بنائه، ونجحت ناجي في ذلك ببراعة. وتؤكد عفت، أنها عبرت بالخط واللون عن المنشآت الميكانيكية التي رأتها في أثناء العمل بالسد العالي، وقد كانت النوبة مصدرًا للإلهام والإيحاءات الموازية لفنون شعبية ارتبطت بأحداث ثورية تاريخية، ففكرت في إحياء تراث فني خاص يرتبط بالنيل، رأته كما لو كان جزءًا من الفنون الفرعونية والإسلامية، فأنجزت لوحات لها طابعها المعماري. تزوجت الفنانة عفت ناجي من الفنان سعد الخادم، رائد الدراسات والفنون الشعبية بمصر والمنطقة العربية عام 1945، وتعاونت معه فى إنجاز بحوثه المختلفة فكان اقترانها به مؤشرًا للتحول في إنتاجها الفني شكلاً ومضموناً، وتُوفي سعد الخادم في سبتمبر 1987. وقد اشترى قطاع الفنون التشكيلية منزل سعد الخادم، بمنطقة سراي القبة بحي الزيتون، وجرى تحويله إلى متحف عام 1991، وتوفيت عفت ناجي، في أكتوبر 1994، بعد أن أوصت بتحويل منزل زوجها لمتحف يضم أعمالهما، وتم افتتاح المتحف في الثامن من أبريل عام 2001.