حفريات، وديناصورات، وكائنات انقرضت منذ آلاف السنين، صخرة نيزكية مريخية، وصخور نادرة تم اكتشافها في مصر، وعينات صخرية من سطح القمر مهداة من الولاياتالمتحدةالأمريكية، هذا كله جزء من عالم أسطوري يعود بك ملايين السنين، لا تحتاج للقيام برحلة فضائية للقمر لاستكشاف أسراره طالما يمكنك زيارة المتحف الجيولوجي المصري، الذي يقع على كورنيش المعادي. يعتبر المتحف الجيولوجي المصري من الكنوز المنسية والمهملة، فهو الأول من نوعه في الشرق الأوسط والعالم العربي وإفريقيا، ومر على افتتاحه أكثر من 117 عاما إذ أنشئ عام 1901 عقب إنشاء الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية المصرية عام 1896، والتي أمر بإنشائها الخديوي إسماعيل، وتم إنشاء المتحف الجيولوجي المصري كأحد أقسام المساحة الجيولوجية في مبنى على الطراز اليوناني الروماني، داخل حديقة وزارة الأشغال بشارع السلطان حسين (شارع الشيخ ريحان حاليا)، وافتتح للجمهور في الأول من ديسمبر عام 1904 وضم حفريات لحيوانات فقارية وثديية جمعت من محافظة الفيوم عام 1898، وظل المتحف في مكانه حتى عام 1980 حين تم هدم المبنى الأصلي لإنشاء مترو أنفاق القاهرة، ونقلت مقتنياته إلى موقعه الحالي بمنطقة أثر النبي على كورنيش النيل. كان أول أمين للمتحف هو تشارلز وليم أندروز 1904، ثم تبعه هنري أوربورن 1906، بينما كان الدكتور حسن صادق، هو أول أمين مصري للمتحف، وفي الحرب العالمية الثانية دُفِنت معظم العيّنات المهمة في الرمال كي لا تكون عرضة للتلف إذا ما قُصِف المكان، وبعد الحرب، أعيدت العيّنات للعرض. يتبع المتحف الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والتي كان الغرض من إنشائها دراسة كل أنواع الصخور والتربة بالأراضي المصرية والرواسب المعدنية وغيرها مما له قيمة اقتصادية، ويوجد بالمتحف العديد من الحفريات الفقارية علاوة على هيكل عظمي كامل لحوت من نفس النوع الذي تم اكتشافه سنة 1901 بواسطة العالم الإنجليزي بيدنل، إضافة إلى اكتشاف العالم جورج شفينفورث عام 1879 عن أول عظام متحجرة في بحيرة قارون بالفيوم، كما يضم المتحف نيزكا مصدره كوكب المريخ وهو نيزك سقط على قرية نخلة في محافظة البحيرة عام 1908، ويعد واحدا من 33 نيزكا فقط على مستوى العالم مصدرها المريخ. يعتبرالمتحف الجيولوجى بمثابة متحف التاريخ الطبيعي المصري الوحيد، ويقارن بمثيله في لندن الذي يدر على لندن الملايين سنويا ومثيله في نيويورك، ورغم العديد من الاكتشافات والحفريات المثيرة التي تمثل إضافة كبيرة للمتحف، لكن الإهمال يضربه. يضمّ المتحف 6 إدارات ومعامل للإحفوريّات والمعادن، ويعتبر معمل الإحفوريات، خصوصا الفقاريّة، من المعامل النادرة في المنطقة العربيّة، إذ يضم مجموعة من المتخّصصين الذين يجهّزون الإحفوريّات على مراحل تستغرق شهورا، كما ينظّفون العيّنة قبل تدعيمها بمواد حافظة مناسبة، تمهيدا للانطلاق في عملية ترميمها، كذلك ينتِج المعمل نماذج من الجبس والبلاستيك لبعض الإحفوريّات النادرة، بهدف تمكين الدارسين من الاطلاع على تفاصيلها، ويجهّز معمل الصخور والمعادن، عبر تقطيعها وتعريفها وعمل مجموعات منها للمدارس والبحّاثة، بهدف دعم الوسائل التعليميّة والثقافيّة لزوار المتحف. ويهتم معمل الإحفوريّات اللافقاريّة بتنظيف العيّنات لإزالة الصخور العالقة بها، باستخدام مواد كيماويّة كي تصبح جاهزة للدراسة، ويشارك المعمل في عمل نماذج اصطناعيّة عنها، كذلك تتوزّع مقتنيات المتحف على صالات العرض الثلاث فيه التي تشرف عليها مجموعة متميزة من الجيولوجيين، ويمكن تعريف تلك الصالات على النحو التالي: صالة عرض المعادن والصخور، وتقدّم مجموعة كبيرة من المعادن وخاماتها، مرتّبة ومُصنّفَة بطريقة علميّة، وينطبق الوصف عينه على مجموعة من الحجارة الكريمة والأصداف المشغولة التي تعود ملكيتها إلى الأسرة الملكيّة السابقة، إضافة إلى مجموعات من الياقوت وال"سافير" وغيرها، كما تضم الصالة عيّنات تمثّل 3 أنواع من الصخور (الناريّة، المتحوّلة والرسوبيّة)، وهي مصنّفة وفقا للنوع. أما الصالة الثانية فهي للإحفوريّات الفقاريّة التي تعرض إحفوريّات عن حيوانات فقاريّة عاشت في أزمنة جيولوجيّة مختلفة، من أبرزها تلك التي اكتُشِفَت في منطقة الفيوم، وأخيرا، صالة الإحفوريّات اللافقاريّة التي تتضمن بقايا لكائنات حيوانيّة أو نباتيّة عاشت في عصور جيولوجيّة مختلفة.