في ظل الإيقاع المتسارع للمعارك في الغوطة الشرقية، تمكن الجيش العربي السوري من السيطرة على أهم المزارع الاستراتيجية، وفصل بين مقرات جبهة النصرة الإرهابية، وغرف عملياتها الأساسية، تمهيدًا للضغط عليها أكثر وفصلها عن بعضها بشكل كامل وصولا للقضاء عليها. بعد 10 أيام من المعارك التي يخوضها الجيش السوري والتقدم الواسع له على أطراف دمشق، تمكن الجيش من زيادة نسبة سيطرته على الغوطة لترتفع إلى ما يزيد عن 40% من المساحة الإجمالية، أي حوالي 40 كيلومترا مربعا، وضمت المنطقة عددا كبيرا من البلدات والقرى أهمها حوش الفضالية وحوش خرابو والنشابية والصالحية وبيت نايم وحرزما وكتيبة الدفاع الجوي شمال اوتايا وفوج النقل، وأثر الهجوم السوري المكثف على محاور الغوطة بشكل كبير على تقهقر الفصائل المسلحة المتواجدة في الغوطة وانحسارها في المناطق التي يتواجد فيها. ووفقًا لتصريحات عسكرية للحكومة السورية، فإن عملياتها في الغوطة تستهدف شطر الغوطة إلى قسمين، حيث تركزت العمليات على المحور الشرقي والجنوبي الشرقي، فكانت آخر المناطق المحررة أوتايا والشيفونية ومزارع العب، وصولا إلى القطاع الأوسط على مشارف مسرابا وبيت سوا وسط المنطقة المذكورة، لتصبح القوات المتقدمة من المحور الشرقي على مقربة نحو كيلو مترين اثنين من القوات المتواجدة في إدارة المركبات في حرستا على المحور الغربي، وبالتالي شطر الغوطة إلى قسمين شمالي وأبرز مدنه دوما وحرستا وجنوبي وأبرز مدنه عربين وحي جوبر. وتواصل الحكومة عملياتها في الغوطة في ظل دعوات غربية وأمريكية بالالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي الداعي إلى وقف إطلاق النار لمد شهر في كل أنحاء البلاد، وتستند سوريا باستكمال الهجوم على الغوطة، على أن القرار الأممي 2401 يستثني التنظيمات الإرهابية من أي هدنة، وفي الغوطة يتواجد تنظيم النصرة المصنف على قوائم الإرهاب، كما أن العديد من الفصائل المتواجدة في الغوطة الشرقية كجيش الإسلام وفيلق الرحمن متحالفة معه. ووجهت واشنطن أكثر رسائلها شدة باتجاه موسكو، وقال البيت الأبيض في بيان له، يوم الإثنين الماضي إن روسيا تتجاهل قرار مجلس الأمن الدولي الصادر أخيراً، والداعي إلى وقف إطلاق النار في سوريا لمدة 30 يوماً، وأضاف البيان أن موسكو "تواصل ارتكاب الأخطاء وتستمر في قتل المدنيين العزل تحت مسمى مكافحة التنظيمات المتشددة". الانتقادات الأمريكيةلروسيا لا تخفي خلفها الوجه الأمريكي القبيح في سوريا، فدموع التماسيح التي تذرفها واشنطن على مدنيي الغوطة، رغم أن الفصائل المسلحة في الغوطة تمنع خروج المدنيين منها وتتخذهم دروعا بشرية، تحبسها عن مدنيي الشرق السوري، فخلال الهدنة الأممية التي تشمل كامل الأراضي السورية، صعّد "التحالف الدولي" الذي تقوده الولاياتالمتحدة من خارج مجلس الأمن عدوانه على السوريين واستهدف الجمعة الماضية قرية السراجية في منطقة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي. وكانت طائرات "التحالف الدولي" قد اعتدت يوم الخميس الماضي على قرية الصفاوي القريبة من الحدود السورية العراقية ما تسبب باستشهاد وجرح 5 مدنيين على الأقل علما أن "التحالف" ارتكب خلال الأيام الأخيرة 4 مجازر استشهد خلالها 69 مدنيا على الأقل وجرح العشرات في منطقة ظهرة العلوني والشعفة والبحرة بريف دير الزور. ويبدو أن الولاياتالمتحدة لا تريد أن تسيطر الدولة السورية على الغوطة الشرقية، فالغوطة تشكل ورقة ضغط على الحكومة السورية، نظرًا لقربها الشديد من المحيط الحيوي للعاصمة السورية دمشق، ولكن من الواضح أن النظام السوري في طريقه لتخليص الفصائل المسلحة من هذه الورقة التي قد تستغلها واشنطن في أي مفاوضات مستقبلية كجنيف. وفيما يخص المساعدات الإنسانية، أعلنت الأممالمتحدة أن قافلة المساعدات الإنسانية دخلت ظهر أمس، الغوطة الشرقية وهي الأولى منذ بدء التصعيد العسكري قبل أسبوعين، وأضاف مسؤول أممي أنّ قافلة مساعدات إنسانية ثانية ستدخل الخميس المقبل إلى الغوطة أيضا. وتتألف القافلة المشتركة بين الأممالمتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري من 46 شاحنة محملة بالمواد الغذائية والطبية وتكفي ل27 ألفا وخمسمائة شخص، ويأتي ذلك في وقت قال فيه الجيش الروسي إن مسلحي الغوطة الشرقية تعهّدوا بالسماح للمدنيين بمغادرة مناطقهم عبر الممرات الآمنة التي وفرها الجيش السوري لهم على مدار الأيام الماضية، وأعلن اليوم مركز المصالحة الروسي، أنه وافق على مناقشة إرسال قوافل إنسانية إلى الغوطة الشرقية مع المنظمات الدولية. وتُطبّق موسكوودمشق وقفًا يوميًا لإطلاق النار في الغوطة الشرقية يستمر لخمس ساعات منذ أسبوع، وعمل الجيش السوري على توفير ممر آمن لخروج المدنيين عبر معبر مخيم الوافدين، إلا أن الجماعات المسلحة قامت باستهداف الممر والمعبر بعدة قذائف وبرصاص القنص.