نائب محافظ الجيزة يزور مطرانية الأقباط الأرثوذكس بطموه للتهنئة بعيد القيامة المجيد    شاهد| قوات الاحتلال تطلق النار على شخصين حاولا الخروج من ركام منزل مدمر في طولكرم    الإصابة تبعد لاعب بايرن ميونخ عن مباراة ريال مدريد في إياب الأبطال    بالصور.. محافظ الشرقية من مطرانية فاقوس: مصر منارة للإخاء والمحبة    محافظة الجيزة : دعم قطاع هضبة الأهرام بمنظومة طلمبات لتحسين ضخ المياه    25 مليون طن، زيادة إنتاج الخضراوات في مصر خلال 2023    خبير اقتصادي: الدولة تستهدف التحول إلى اللامركزية بضخ استثمارات في مختلف المحافظات    الإجازات الرسمية في شهر مايو 2024.. وقائمة العطلات الرسمية لعام 2024    بالصور.. محافظ الوادي الجديد يزور كنيسة السيدة العذراء بالخارجة    إصابة 9 أشخاص خلال مشاجرة بالأسلحة النارية بمدينة إدفو    السعودية تصدر بيان هام بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    لأول مرة، باليه أوبرا القاهرة يعرض "الجمال النائم"    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن مشروع تبليط هرم منكاورع    وكيل صحة الشرقية يتفقد طب الأسرة بالروضة في الصالحية الجديدة    استشاري تغذية يقدم نصائح مهمة ل أكل الفسيخ والرنجة في شم النسيم (فيديو)    التعادل السلبي يحسم السوط الأول بين الخليج والطائي بالدوري السعودي    أمريكا والسفاح !    السفير الفلسطيني بتونس: دولتنا عنوان الحق والصمود في العالم    قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة عامل دليفري المطرية |تفاصيل    السجن 10 سنوات ل 3 متهمين بالخطف والسرقة بالإكراه    غرق شاب في قرية سياحية بالساحل الشمالي    5 خطوات لاستخراج شهادة الميلاد إلكترونيا    "حريات الصحفيين" تثمّن تكريم "اليونسكو" للزملاء الفلسطينيين.. وتدين انحياز تصنيف "مراسلون بلا حدود" للكيان الصهيوني    شروط التقديم على شقق الإسكان الاجتماعي 2024.. والأوراق المطلوبة    صالون الأوبرا الثقافي يحتفل بيوم حرية الصحافة بمشاركة النقيب    رمضان عبد المعز يطالب بفرض وثيقة التأمين على الطلاق لحماية الأسرة المصرية    وزير الشباب يفتتح الملعب القانوني بنادي الرياضات البحرية في شرم الشيخ ..صور    رسميا .. مصر تشارك بأكبر بعثة في تاريخها بأولمبياد باريس 2024    بعد القضاء على البلهارسيا وفيروس سي.. مستشار الرئيس للصحة يزف بشرى للمصريين (فيديو)    دعاء تعطيل العنوسة للعزباء.. كلمات للخروج من المحن    إصابة 8 في انقلاب ميكروباص على صحراوي البحيرة    ميرال أشرف: الفوز ببطولة كأس مصر يعبر عن شخصية الأهلي    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    لاعب تونسي سابق: إمام عاشور نقطة قوة الأهلي.. وعلى الترجي استغلال بطء محمد هاني    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل وحل 154 منها بنسبة 99.76% بالقليوبية    تشييع جنازة الإذاعي أحمد أبو السعود من مسجد السيدة نفيسة| صور    «الصحة» تعلن أماكن تواجد القوافل الطبية بالكنائس خلال احتفالات عيد القيامة بالمحافظات    بعد رحيله عن دورتموند، الوجهة المقبلة ل ماركو رويس    ما حكم أكل الفسيخ وتلوين البيض في يوم شم النسيم؟.. تعرف على رد الإفتاء    خريطة القوافل العلاجية التابعة لحياة كريمة خلال مايو الجارى بالبحر الأحمر    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    إيقاف حركة القطارات بين محطتى الحمام والعُميد بخط القباري مرسى مطروح مؤقتا    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    توريد 398618 طن قمح للصوامع والشون بالشرقية    المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة "ابدأ" .. الليلة مع أسامة كمال في مساء dmc    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 473 ألفا و400 جندي منذ بدء العملية العسكرية    أبرزها متابعة استعدادات موسم الحج، حصاد وزارة السياحة والآثار خلال أسبوع    مستشار الرئيس للصحة: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل للآداب آخلاق؟
نشر في البديل يوم 03 - 03 - 2018

يقول لنا البعض أن الحياة "بذيئة"، لذلك علينا أن نكتب أدباً"بذيئا" أو فيه "بذاءة". وإنَّ استعمال جملٍ أو كلمات "شوارعية" أو "شتائم" هو أمرٌ بديهي في الأدب والثقافة لأنّهما تعبيرٌ عن الحياة. ذلك أمرٌ فيه نقاشٌ بالتأكيد، أنا لست مع "لجم" الأدب، ومنعه من التطوّر، وحتى وضع "حدود" له. في نفس الوقت، لست أقبلُ إلا بوضع "لافتات" تحذيرية على أدبٍ من هذا النوع، كما تفعلُ كل الدول الغربية الكبرى والصغرى على حد سواء (أليس معظم المتشدّقين بهذه التعابير والحرية حولها مفتونين بالغرب؟)، بمعنى أن توضع لافتة: "للراشدين فقط" على كتابٍ شعري يحتوي ألفاظاً سوقية لا لسبب إلا لأنَّ كاتبه اعتبر أنه يحق لي أن أفعل ذلك.
في البداية سيثير الأمرُ ضجةً أن نضع تلك اللافتة فوق كتاب، بعد ذلك، وكما يحصل في الغرب، سيعتاد الجميع الأمر، وسيصير التمييز سهلاً واضحاً: هذه الكتب ليست لنا، هذه الكتب لنا. التمييز أحياناً يسهّل الأمور، ويصنّفها، ويجعل الأمر أسهل، وأكثر هدوءاً.
للأسف، الأمرُ أعقدُ من هذا بكثير، إذ على ما يبدو فإن إستعمال الألفاظ السوقية والشتائم بات نوعاً من "التقنية" التي يستخدمها كثيرون للإشارة إلى انتمائهم إلى طبقاتٍ ما: كما لو أن الطبقات الشعبية لا تمتلك أي شيءٍ خاصٍ بها سوى "الشتائم" و"الفقر". إنك لا ترى أبداً فقيراً في أي مسلسل/فيلم/مسرحية إلا بثيابٍ ممزقة/قديمة/مهترئة وألفاظٍ سوقية وشتائم. هكذا تصبحُ طبقةٌ اجتماعية بقدها وقديدها مختصرةً بصفاتٍ محددة، ويصبح هناك سهولةٌ من جانب "الكتّاب" في التعامل معها والكتابة والحديث عنها. يحاول أحد كتاب الرواية العرب ان يعطي لروايته بعداً "إنسانوياً" "شوارعياً" أو بحسب ما قال في مقابلته الصحافية حول الرواية: "بعداً شهوانياً"، من خلال استعمال الألفاظ الجنسية الشوارعية. هو يريد أن يكون حقيقياً، حسبما يقول. ألا يمكن أن تأتي الحقيقةُ بطرقٍ أخرى؟ أليس هناك وجهٌ آخر مختلفٌ؟ هل الحقيقة كما يراها هذا الكاتب هي الحقيقة المطلقة؟ أي بمعنى أن الجميع يرى الأمر "بعداً شهوانياً" مثلاً حين استعمال كلماتٍ بذيئة؟ أم أن البعض يراه أمراً مقرفاً أو مزعجاً؟
هذا الكاتب، وإن اختلفنا معه، كان لديه وجهة نظرٍ في استخدامه لكلماتٍ سوقية أو شوارعية، لكن ماذا عن كثيرين يستعملونها ككلماتٍ عابرةٍ خلال المشهد الذي يقومون بتمثيله أو كتابته. يشكل هؤلاء مشكلةً أكبر بالتأكيد، إذ ليس هناك سببٌ حقيقي سوى محاولتهم تقليد الواقع. طبعاً مشكلةُ التقليد أنه "تقليد" أولاً وآخراً، المشكلة الأخرى فيه أنه غالباً ما يعطي شعوراً بقلة القيمة. إذ تأتي هذه "الشتائم" في غير موضعها، فيشعر المشاهد/القارئ بأنه لا فائدة لها سوى أن الكاتب اعتقد أنّها ستضفي لمسة من تغيير على النص.
هنا، ينبغي الإشارة غلى أنَّ القراء/المشاهدين المراهقين هم أوّل من يتنبه لهذه الشتائم والألفاظ الخارجة لأسبابٍ بسيطة، أولها أنهم لايزالون تحت نظام الوصاية العائلي، ثانياً أنهم يريدون الثورة على كل شيء، والشتائم هي أول هذا الخروج، وآخرها أنهم يريدون إشعار الآخرين بأهميتهم وبأنّهم هنا. لذلك فإن أي شتيمة داخل كتاب/مسرحية ستنتشر كالنار في الهشيم بين المشاهدين/القراء المراهقين، لا لأهميتها ولكن لأنه في المعتاد إما لا تلفظ هذه الكلمات بشكلها المباشر أمامهم، ولأنهم ببساطة يشعرون بأن الأمر "طبيعي" و"يمكن استعماله" و "لا ضير فيه" ولا مشكلة.
لاحظ كتّاب الغرب هذه الميزة، لذلك نجد في أغلب كتب المغامرات للفتيان شتائم كثيرة، وبحسب مقال لإلكسندرا سيفرلين فإنَّ باحثين من جامعة بيرغهام يونغ بعد دراستهم لأكثر من 40 رواية موجهة للشباب (ضمن قائمة النيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعاً العام 2008) وجدوا بأن هذه الكتب غارقة في الكلمات البذيئة وأن الأهل –لأنهم لا يتوقعون ذلك- آخر من يعلم، حتى أنّهم لا يناقشون الأمر مع أطفالهم باعتبار أنها روايات مخصصة للشباب.
الأمر الأكثر خطورة الذي خلصت إليه الدراسة، أن هذه الكتب تحاول تصوير "الشباب الذين يتلفظون بالشتائم" على أنّهم ناجحون، أثرياء، محبوبون، ويمتلكون كل شيء؛ في الوقت عينه نبهت إلى أنَّ الشباب المتأثرين بهذه الشخصيات هم الأكثر "عنفاً" واستعداداً للقيام بأعمالٍ عنيفة. طبعاً هذه دراسةٌ تخص المجتمع الأميركي، وهي تحتاجُ تقنيناً علمياً للتأكد من تطابق نتائجها معنا، ولكنها تعطينا إيحاءاً بما هي الحال عليه هناك.
باختصار، هو نقاشٌ ٌمفتوح، وليس حسماً وقطعاً لا نقاش فيه. هناك ثقافة أدبيةٌ تنتشر حالياً قائمةٌ على استخدام اللغة والأدب والثقافة دون أي قيود أو ضوابط بما فيها قيود اللغة وقوانين الكتابة وسواها، ترتكز هذه "الثقافة" على منطق أنه لا حدود ولا قوانين. مشكلة هذه "الثقافة" أنها ولأنها بلا قوانين وضوابط تفتقد لأي بنية، بالتالي يستطيع أيٌ كان الحديث عن تفرده وتميّزه واعتبار ما يكتبه أدباً عظيماً ورائعاً لا يتم تقديره.
على الجانب الآخر هناك أناسٌ يعتبرون الأمر "قلة أدب" وأنَّ اللغة والأدب والثقافة يمكنها أن تكون "اخلاقية" دون ألفاظٍ سوقية من أي نوع: وأكبر مثالٍ على هذا "ر ر تولكين" مؤلف الروائع "الهوبيت" و"سيد الخواتم"، أو "ج ك رولينغ" مؤلفة هاري بوتر، وكلاهما يكتبان بلغةٍ ليس فيها سوقية أو ألفاظٍ خارجة من أي نوع. يذكر أن تولكين كان يقول ويؤكد أنه يريد أن يقرأ الجميع هذه الكتب، وليس فقط العمال في المرافئ (هو يشير إلى فكرة أن البحارة وعمال المرافئ هم أكثر من يشتمون ويشربون الكحول).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.