نشر موقع "أوبن ديموكراسي" مقالا لفريق مشروع "InnovaPolíticaLatAm"، الذي يهدف إلى إنشاء استراتيجيات سياسية مبتكرة لأمريكا اللاتينية، يتحدث عن صناعة الوهم المتمثلة في الانتشار الجامح في جميع أنحاء العالم للأخبار الزائفة والتضليل الإعلامي لأغراض سياسية. وذكر المقال أننا نعيش حاليا عصر التضليل والتحريف المعلوماتي؛ حيث أصبحت الأخبار المزيفة نوعا من التكتيكات السياسية المستخدمة للتلاعب بالرأي العام، ورغم أن هذه الاستراتيجية السياسية تعرضت لانتقادات شديدة، لكنها أثبتت أيضا فعاليتها العالية. القضية تبعث على الأسى بالنظر إلى أن كثيرا من بلدان العالم ستشهد عامين من الحملات الانتخابية المكثفة؛ ففي عام 2018 وحده تجرى 14 عملية انتخابية مؤكدة، ومن المتوقع عدد مماثل لعام 2019، ومن الواضح أنه سيتم إجراء هذه الانتخابات في سياق سياسي مستقطب بشكل كبير، ما يوفر أرضا خصبة للتلاعب بالمعلومات لأغراض سياسية، فالأخبار المزيفة ليست ظاهرة حديثة، إنما استراتيجية للاحتكارات الإعلامية ضد أشكال الإعلام المستقلة والمجتمعية. وأوضح المقال أن الرغبة في السيطرة على المعلومات وتشكيل الحقيقة لطالما كانت موجودة دائما، الفرق حاليا أن التكنولوجيات الرقمية تمكنت من تزييف (فبركة) الأخبار والمعلومات ونشرها على شبكات واسعة الانتشار، لهذه الأسباب، من المهم ليس فقط التعامل مع منظور الأخبار المزيفة، لكن أيضا معالجة التضليل والتلاعب وتركز وسائل الإعلام في أيادي حفنة احتكارية قليلة. التلاعب المعلوماتي في العصر الرقمي يتم انتقاد أجهزة الإعلام دائما لميولها الاحتكارية، لكن الابتكار العظيم الذي أدى إلى البنية التحتية للإنترنت، سهل ظهور نوع جديد من الاتصال أسماه البروفيسور المتخصص في علم الاتصالات مانويل كاستيلز ب"الاتصال الذاتي الجماهيري". الاتصال الذاتي الجماهيري، في الأساس، قدرة المستخدمين على التواصل مع بعضهم مباشرة، دون وسطاء أو وجها لوجه، مما يتيح فرصة لاختراق عمليات احتكار وسائل الإعلام، وفقا لمقال "أوبن ديموكراسي". ومع ذلك، كان هذا النوع من المعالجة لاستراتيجية الاحتكارات الإعلامية المدفوعة سياسيا موضع تساؤل عندما أظهرت سلسلة من الأحداث، بما فيها الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإمكانية الكبيرة لاستخدام المنصات الرقمية كأداة سياسية على نطاق واسع. فجأة، نفس البنية التحتية التي مكنت انتفاضات الربيع العربي في الشرق الأوسط أو حركات مثل "احتلوا وول ستريت" في الولاياتالمتحدة، تحولت إلى تمثيل مصالح الذين قاتلوا في السابق ضدها. زيادة انخراط أم سيطرة الدولة؟ وأشار المقال إلى أن أحد أكبر التهديدات لزيادة تداول الأخبار المزيفة، تعميق انخراط الدولة وسيطرتها على المعلومات، وحاليا فرنساوالبرازيل في طور إنشاء مثل هذه الأطر. وضعت البرازيل لجنة في ضوء الانتخابات الرئاسية المقررة العام الجاري من أجل حجب وإيجاد حلول لصفحات الويب التي تحتوي على أخبار مزيفة، ومن المقرر أن تعمل اللجنة وفقا للمحكمة الانتخابية العليا، وستتألف من كيانات حكومية بما فيها الجيش ووكالة الاستخبارات الوطنية وبعض المنظمات غير الحكومية. ومع ذلك، أثار الاقتراح مجموعة من ردود الفعل حول احتمالية أن تمهد اللجنة الطريق أمام رقابة شاملة على وسائل الإعلام سواء المستقلة أو التقليدية. كما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قانونا ضد الأخبار المزيفة من شأنه أن يشجع على زيادة الشفافية فيما يتعلق بالوسائط الرقمية ومصادر تمويلها (بما فيها معلومات عن الأموال الإعلانية التي قد تتلقاها)، كما سوف يسمح للسلطات خلال فترات الانتخابات بالقضاء على المحتوى الذي يعتبرونه "أخبار كاذبة". وأضاف المقال أنه لا يبدو أن هذه الاستراتيجيات التنظيمية تصل إلى الجذر الحقيقي للمشكلة، بل تبرر رغبة كبيرة لدى الأنظمة الحاكمة في زيادة سيطرة الدولة على وسائل الإعلام، وقبل كل شيء المنافذ الإعلامية المستقلة والمواطنين الذين يتابعوها ويستخدموها. الحل التقني ويأتي استخدام التكنولوجيا حلا بديلا لمكافحة الأخبار المزيفة، رغم أنها في بعض الأحيان ليست فعالة تماما، وعلى سبيل المثال، أدخل موقع التواصل الاجتماعي الأشهر في العالم (فيسبوك) أداتين محددتين: الأولى تسمى "disputed flags"، التي تورد المقالات الإخبارية التي تبدو كاذبة مع رمز أحمر كنوع من علامة التحذير، ومع ذلك، أفادت تقارير أن هذه الأداة غير فعالة لعدة أسباب من بينها أنها تتطلب فترة تحقق مدتها 3 أيام. ومن هنا، قدم فيسبوك مرة أخرى أداة موجودة بالفعل تسمى "المقالات ذات الصلة"، وتظهر هذه الأداة المقالات الإخبارية ذات الصلة عند نشرها، بحيث يمكن إثبات مصدر المقال على الفور، ما يسهل التحقق من الخبر والوقائع. وهناك أدوات أخرى يجري استخدامها كبرامج المحادثات الآلية، مثل التي سيجرى استخدمها في الانتخابات البرازيلية، تجيب هذه الدردشات الآلية على الاستفسارات العامة بشأن طرق التحقق من المعلومات لكنها مقيدة تماما في ردودها. أداة أخرى هي برامج الإضافات للمتصفحات الإلكترونية التي تحدد وتورد الروابط إلى المقالات الإخبارية المشكوك فيها استنادا إلى قواعد بيانات مثل كاشف بي إس (( B.S. detector، لكن المشكلة أنها تعتمد على التحديث المستمر لقواعد البيانات التي أنشئت عليها والتي لا تنطبق على كل سياق وبلد. كل هذه الأدوات، محاولات لمكافحة انتشار الروابط التي تحتوي على أخبار مزيفة، لكنها لا تحل السبب الحقيقي للمشكلة، حيث يثبت أن السياسيين والأحزاب يرغبون في التلاعب بالرأي العام بغض النظر عن العواقب. حل آخر هناك مبادرات مهمة ناشئة عن مجموعات من الناشطين والصحفيين الذين يقومون بفحص الحقائق، ورغم الجهود التي يبذلونها، فمن المهم أن يصبح لدى المواطنين عين أكثر نقدية فيما يتعلق بالمعلومات التي يستخدمونها، وعندما يواجهون مصادر إخبارية مشبوهة، يجب أن يتعلموا عدم مشاركتها. المصدر