تربية النعام.. صناعة اقتصادية واعدة، بدأت منذ عام 1998 على نطاق المزارع المتوسطة والصغيرة، ويتوافر لها المناخ المناسب في جميع أنحاء الجمهورية، حيث تعتبر درجة حرارة الجو من العوامل المحددة لكثير من أوجه الإنتاج الحيواني، ويتحمل النعام ارتفاع درجة حرارة. وشجعت الظروف الجوية المناسبة، اتجاه الكثير من المربين في أوروبا إلى إنشاء مزارع للنعام في مصر بالمشاركة مع المستثمرين المصريين، حيث تواجه صناعة النعام في أوروبا مشاكل انخفاض درجة حرارة الجو وارتفاع قيمة الأرض وارتفاع تكلفة العمالة ومشاكل معارضة جمعيات حقوق الحيوان لذبح الحيوانات ومنها النعام، إلا أن الصناعة تواجه الكثير من المعوقات والمشاكل التي تقف حائلا أمام انتشارها في مصر. وقال الدكتور أحمد حسين عبد المجيد، استشارى تغذية الدواجن بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني، إن مشروع مزرعة النعام يمتاز بتعدد منتجاته، التي يمكن أن تدر عائدا مجزيا على المربي؛ فلحم النعام يتميز بانخفاض نسبة الدهن والكوليسترول، ما جعل الطلب العالمي يتزايد عليه يوما بعد الآخر، حيث بلغ حجم ما صدرته إحدى الدول 200 مليون دولار سنويا من لحوم النعام فقط، أما جلودها، تتميز بأنها على درجة عالية من النعومة وذات سمك رفيع جدا ومقاومة عالية تماثل جلد التمساح، وأسعارها تماثل خمسة أضعاف أسعار جلود الحيوانات الأخرى، ويصنع منها أفخر أنواع المنتجات الجلدية. وأضاف عبد المجيد ل"البديل"، أن هناك العديد من الصناعات الأخرى القائمة على مستخرجات النعام الأخرى مثل البيض والريش والدهن والعظام والمخلفات، لذا تمتاز مشاريعها بجدوى اقتصادية ممتازة، مؤكدا أن مزارع النعام ومنتجاتها ذات أهمية كبيرة لمصر؛ كونها مؤهلة استراتيجيا للمنافسة العالمية في المجال، وتعد من أفضل المناطق لإقامة الصناعة من الناحية الاقتصادية، في ظل الموارد المحدودة من المياه العذبة، خاصة أن طائر النعام مثالي في التربية؛ حيث يمكنه شرب المياه المالحة ومياه العيون والآبار؛ لوجود غدة تنظم الملح في جسم النعام. وأوضح الدكتور طريف عبد العزيز، رئيس الفريق البحثي بقسم الإنتاج الحيواني بزراعة الأزهر، أن صناعة النعام تعد سلعة تصديرية ستعمل على زيادة الدخل القومي وتوفير العملة الصعبة وتنشيط السياحة والاستفادة من الأراضي الصحراوية، خاصة أن مصر تتميز بمقومات طبيعية وموارد بشرية، تساهم في نجاح مشاريع تربية النعام، حيث تمتلك آلاف الكيلو مترات من الأراضي الرملية والفقيرة والصحراوية الملائمة لإنشاء المزارع، وبعضها بالفعل، موجود على طريق مصر الإسكندرية الصحراوي وطريق مصر الإسماعيلية الصحراوي ووادي الملاك والصالحية والمحسمة وجمعية أحمد عرابي وشرق العوينات والنوبارية والعامرية وغيرها من المناطق الصحراوية والمستصلحة، كما تتوافر الأيدي العاملة الرخيصة، التي تقلل من تكاليف الإنتاج بالمقارنة بمناطق الإنتاج الأخرى في أوروبا وأمريكا وكندا. وأشار عبد العزيز ل"البديل"، إلى وجود عدة مشاكل تعيق انتشار الصناعة المهمة؛ تتمثل في عدم توفر الأيدي العاملة الفنية والخبرات والأطباء وخبراء التغذية المتخصصين في تربية وإكثار النعام، بجانب ارتفاع قيمة رأس المال اللازم للاستثمار فيه، حيث يتطلب إنشاء مزرعة متوسطة لإنتاج النعام مكونة من 6 إناث و3 ذكور، حوالي 100 ألف جنيه تكاليف ثابتة بخلاف التكاليف المتغيرة من تغذية وتفريخ وتربية الصغار وتبلغ حوالي 150 ألفا، حتى يبدأ الإنتاج وتصل الطيور الناتجة إلى سن الذبح. وأوضح أن أهم المشاكل التي تعوق انتشار النعام؛ عدم توفر مجازر مرخصة للذبح، التي بالفعل، بدأ أكثر من مستثمر استخراج التراخيص المطلوبة، ولم يتم سوى إنشاء مجزر واحد مرخص تتوافر فيه الشروط الصحية، مشيرا إلى ضرورة الاهتمام بدبغ جلود النعام وتصنيعها في صورة منتجات جلدية فاخرة، مؤكدا أن التسويق أيضا، يعاني من بعض المعوقات؛ فلا يوجد سوق لمنتجات النعام، ويعتمد المربون على الشركات الموردة في تسويق المنتجات النهائية، مطالبا بتشجيع السوق المحلي ووضع مواصفات قياسية للحم وجلد وريش النعام المنتج في مصر حتى يمكن التصدير.