* محمد تم حبسه لعجزه عن سداد الدين.. والأسرة استدانت لدفع الكفالة وقبل ساعات من خروجه وجدوه مشنوقا * محقق المباحث للصحيفة الأمريكية: الوضع كان سيئا قبل الثورة... والآن أصبح أسوأ بكثير ترجمة – عبدالله صقر: سلطت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الضوء على قضية محمد الشوادفي، الذي كان مسجونا على خلفية دين لم يتمكن من سداده، يقدر ب 5000 دولار. وقالت إنه قبل ساعات من استخدام “بطانيته” كحبل لشنق نفسه، كانت أمه تزوره لتؤكد له: “ستخرج قريبا، لقد قمنا بدفع الكفالة”. لكنه أكد لها أن المشكلة أكبر لأنه مدين بأكثر من ذلك بكثير. لم يزر الشوادفي قريته لشهور، حيث الأرض الممتدة بمحاذاة قناة مملوءة بالخردة، والتي كان يعمل فيها هو وأولاد صغار السن منذ نعومة أظافرهم على شحذ شفرات المحراث وعمل فزاعات من أكياس الحبوب القديمة. يتحدون المطر والبرد لكسب قوت يومهم. ونقلت الصحيفة الأمريكية عن المحقق الذي عاين الزنزانة عندما وجد الشوادفي مشنوقا قوله: “أعتقد أن حياته أصبحت سوداء”. ونقلت عن زوجته وفاء أنه كلما خرج من دين، كان المزيد في انتظاره. فالشوادفي عمل نجارا، وسائقا، وعامل زراعة، إلا أن ذلك يكن كل ذلك لم يكن كافيا بسبب الظروف الاقتصادية المتوترة في منطقة دلتا النيل. وأضافت الصحيفة إن التحسن الكبير الذي تحدث عنه مرشحو البرلمان بالقرية، لم يحدث، فالقرية التي لم يذهب منها أحد إلي ميدان التحرير أيام الثورة، لبعدهم عن القاهرة وعدم مقدرتهم المادية للذهاب والرجوع من هناك. فالناس يتحدثون عن مصر جديدة، لكن منطقة الدلتا لم تر مصر الجديدة بعد، كما يري كاتب المقال. وأكد محقق المباحث، الذي رفض الكشف عن اسمه، في تصريحات للصحيفة أن الوضع: “كان سيئا قبل الثورة... أما الآن فالوضع أسوأ بكثير”. وأضاف: “الناس لا يستطيعون تحمل نفقة أي شيء إلا إذا كان بالتقسيط. ولا يملكون وسائل منع الحمل، لذلك لديهم الكثير من الأطفال، وعليهم أن يدفعوا الكثير من النفقات على حفلات الزفاف. كل هذا مرتبط بحالة الناس”. وعن قصة محمد الذي شنق نفسه ذكرت الصحيفة أن محمد التقي بوفاء في قرية مجاورة قبل سبع سنوات. ذهب إلي أسرتها لطلب يدها للزواج ووافقت الأسرة، ثم بدأ في اقتراض المال من أجل المهر وحفل الزفاف وتجهيز عش الزوجية. وبعدها جاء الأطفال، ثلاثة أولاد خلال خمس سنوات. رغب محمد بعدها في الذهاب للعمل في ليبيا، مثل الكثيرين من الدلتا قبل قيام الثورة الليبية، لكن الشرطة لم تمنحه جواز السفر بسبب كثرة ديونه. وأضافت الصحيفة: كان محمد يستغل كل شيء. فشارك والدته الشقة ذات الأربع غرف، هو وزوجته وأخيه وزوجة أخيه، بخلاف الأطفال. الجميع في منزل يمتلئ بزعيق البط، وأعمال زراعة والرعي والدخان المتصاعد من الفرن الفلاحي الذي حول السقف إلي لون الصدأ. كل هذا غير ديون والد محمد الذي كان يعمل بالزراعة، قبل أن يختفي فجأة. جاء المحضر قبل أربعة أشهر بقائمة ديون محمد، فتم وضعه بالسجن. لم تكن العائلة تعلم حجم ديونه قبل ذلك، فبدا الأمر كتقليب صفحات لغز، فعندما لا تسدد الديون، يتم الزج بالمتهم في السجن حتى تسديد الديون أو عفو الدائن عنه. لم ير محمد مخرجا للأزمة، على الرغم من محاولات وفاء الترويح والتخفيف عنه. فأخذت صورة لها مع الأطفال وهم يحملوا دمي دونالد داك مع خلفية مزيفة لسماء زرقاء صافية. فيما أكد أعمام محمد أنه “يحب زوجته وأطفاله جدا، وكان يريد الأفضل لهم”، وأضافوا: “كان رجلا مستقيما، لم يفعل سوءا بحياته. لم يدخن سيجارة واحدة حتى دخل السجن، وكان ذلك هو الأمر الوحيد السيئ الذي قام به”. استدان أفراد أسرته واستجدوا للتمكن من جمع قيمة الكفالة للإفراج عنه، وتمكنوا من جمع قيمتها، وذهبوا بها إلي السجن، دفعوا الكفالة وقدموا لمحمد غطاءا وملابس منزلية. وقالت له أمه: “ستخرج غداً”، وكان سعيدا لسماع هذا، وقال: “فقط اتركي الغطاء، فالجو يصبح شديد البرودة ليلاً”.