أعلن المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي، سعد الحديثي، أمس، عن بدء انسحاب جزئي للقوات الأمريكية من العراق، وأن مستوى الوجود الأمني سينخفض بشكل تدريجي، أما الانسحاب الكامل فلم يتم الآن، فلم تعد هناك ضرورة لبقاء القوات الأمريكيةبالعراق، بعد هزيمة داعش، موضحًا أنه على هذا الأساس تم التنسيق للانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية، والاقتصار على وجود عدد من الخبراء الأمريكيين لاستكمال قدرات القوات العراقية. مصدر عراقي أكد أن 60% فقط من القوات الأمريكية الموجودة حاليًا بالعراق ستنسحب وتبقى قوة قوامها نحو 4000 جندي أمريكي لمواصلة تدريب الجيش العراقي، بينما كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن عشرات الجنود الأمريكيين، ومعهم أسلحة ومعدات نقلوا من العراق عبر قاعدة الأسد غربي البلاد إلى أفغانستان في رحلات يومية خلال الأسبوع الماضي. المتحدث باسم التحالف الأمريكي، راين ديلون، قال إن استمرار تواجد قوات التحالف في العراق، سيكون معتمدًا على الظروف وسيتناسب مع الحاجة، وسيتم بالتنسيق مع الحكومة العراقية، غير أن نائب وزير الخارجية الأمريكي، جون سوليفان، أكد أن الولاياتالمتحدة لن تكرر خطأ الانسحاب المبكر من العراق. تواجد القوات الأمريكية في العراق لمحاربة داعش وفقًا لمصادر عراقية، لا يستند إلى شرعية، حيث قال الناطق العسكري باسم كتائب حزب الله العراقي، جعفر الحسني، إن التحالف الدولي بقيادة واشنطن تشكل خارج الإرادة العراقية، ولم يكن هناك طلب من الحكومة بتدخل القوات الأمريكية أو غيرها في العراق، بل كانت هناك التزامات بموجب الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغدادوواشنطن 2011، التي حفظت ماء الوجه لبقاء بعض القوات الأمريكية في العراق، عندما خرجت واشنطن مهزومة عام 2011. وأضاف الحسني أن حركات المقاومة العراقية غير ملزومة بأي اتفاق في حال وجوده بين الحكومة العراقيةوواشنطن لبقاء قوات أمريكية على الأراضي العراقية، ويعتبرون الوجود الأمريكي في العراق بمثابة احتلال يجب التصدي العسكري له. وكانت واشنطن اعتمدت سياسية العودة التدريجية إلى العراق بدءًا من انطلاق ما سمي بعملية الحل المتأصل للإرهاب لمواجهة داعش منذ منتصف 2014، حتى نهاية عام 2016، عمليات إرسال القوات العراقية كانت على ثلاث دفعات، الأولى إرسلت فيها واشنطن 170 جنديا في يونيو 2014، والدفعة الثانية، أرسل فيها 1300 عسكري في ديسمبر 2014، والثالثة كانت في مارس 2015 تضمنت 450 عسكريا، ليصبح عدد القوات الأمريكية آنذاك 3800 عسكري، بالإضافة إلى وصول عشرات المستشاريين الأمريكيين إلى قاعدة عين الأسد في الأنبار. في سبتمبر 2016، وبعد إرسال 600 عسكري و200 من قوات المارينز إلى معسكر مخمور شمال الموصل والعشرات من المهندسين الفنيين، بلغ عدد العسكريين 4460، وتشير تقارير إعلامية أمريكية إلى رفض وزارة الدفاع الإفصاح عن عدد جنودها في العراق منذ إعلان الحرب على داعش، وأن العدد الفعلي 5000 عسكري يضاف إليهم نحو 7000 آلاف متعاقد يدعمون تلك القوات. وكان تقرير صدر عن وزارة الدفاع الأمريكية أن عدد القوات الأمريكية المنتشرة في العراق بلغ نحو 9000 جندي في أواخر سبتمبر الماضي. تقرير البنتاجون يصطدم بتصريحات لمسؤولين عراقيين يطالبون فيها الحكومة العراقية بالكشف عن التقارير الحقيقية للعديد الأمريكي في العراق، حيث أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية في البرلمان العراقي، حسن سالم، أن هناك 8 قواعد عسكرية أمريكية داخل العراق لا يعرفون عدد قواتها ومعداتها، مطالبًا الحكومة العراقية بضرورة كشف حجم القوات الأمريكية ومدة بقائها داخل العراق. وتتوزع مناطق انتشار القوات الأمريكية في غرب ووسط وشمال العراق، في قواعد عسكرية عراقية لا أجنبية بإدارة من التحالف وهي، قاعدة "بلد" شمال بغداد وهي الأكبر من حيث الحجم، وتضمن مدارج لطائرات "إف 16″، قاعدة "التاج" شمال بغداد، قاعدة "النصر" في مطار بغداد الدولي وهي مركز القيادة والتحكم، قاعدة "عين الأسد" غرب الأنبار، قاعدة "الحبانية" غرب العراق، قاعدة "سبياكر" بالقرب من تكريت، بالإضافة إلى قاعدة "القيارة" في الموصل. ويرى مراقبون أن الغاية من وجود القوات الأمريكية في العراق، التغطية على الجماعات الإرهابية هناك، وعندما فشلت هذه الجماعات كداعش في الوصول إلى بغداد والإطاحة بالحكومة العراقية، وبدأت عمليات داعش الإرهابية تطال دولًا غربية، هنا جاء دور الأمريكان، فكثيرا من الساسة والمتابعين العراقيين يعتقدون جازمين أن من جاء بداعش هم الأمريكان أنفسهم، وبالتالي لا يمكن لواشنطن أن تمرر على العراقيين أكذوبة أنها جاءت من أجل خلاص العراق من الإرهاب، بل أنهم زجوا بداعش في العراق ليجدوا مبررًا للعودة إليه مجددًا، ففي كثير من مراحل الحرب العراقية على التنظيم المتطرف، حاولت واشنطن تأجيل العديد من المعارك ضده؛ لإطالة أمد وجوده في المنطقة.