يومًا بعد يوم تتصاعد الطموحات الإسرائيلية وتزداد الأطماع في الأراضي الفلسطينية وما عليها، بداية من المقدسات الإسلامية والمسيحية مرورًا بممتلكات الفلسطينيين وصولًا حتى إلى مزارع الزيتون، ولم لا وقد أعطى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لحليفه الصهيوني "كارت بلانش" قابلا للاستخدام في كل وقت وأي مكان، إضافة إلى الحصانة في المحافل الدولية ضد أي عقوبات، الأمر الذي يجعل هذا الكيان يتمادى في انتهاكاته ومحاولاته سلب الفلسطينيين حقوقهم. المدير العام لبلدية القدس أمنون ميرهاف، بعث برسالة إلى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزيري الداخلية والمالية، بشأن فرض ضرائب على ممتلكات تابعة لكنائس المدينة، قال فيها إن "الاتفاقات الدولية لا تعفي سوى أماكن العبادة، ومنذ سنوات أعفيت الكنائس من دفع رسوم ضخمة على ممتلكاتها التجارية"، مضيفا أنه "حتى هذا الوقت بلغت ديون الكنائس عن 887 عقارًا نحو 190 مليون دولار". وأضاف ميرهاف أنه ينوي فرض ضرائب على الممتلكات العائدة إلى الكنائس والفاتيكان والأمم المتحدة، والتي كانت معفية من الرسوم في المدينة المقدسة، وتضمنت رسالة ميرهاف أن الإعفاء للكنائس ينطبق فقط في حال استخدام ممتلكاتها "للصلاة أو لتعليم الدين أو للاحتياجات المتعلقة بهما"، وبينت الرسالة أن قيمة الإعفاء الضريبي الذي تتمتع به عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة لها مكاتب في القدس تقدر ب93 مليون شيكل أي ما يعادل 27 مليون دولار، فيما قالت صحيفة "يسرائيل هيوم" إن الفاتورة الضريبية الأكبر هي من نصيب الكنيسة الكاثوليكية، وتبلغ حوالي 12 مليون شيكل، أي ما يعادل 3.5 ملايين دولار، تليها كنائس الإنجيليين والأرمن والروم الأرثوذكس. في ذات الإطار، فقد استصدرت بلدية الاحتلال في القدس، أمرًا من المحكمة الإسرائيلية تجمد بموجبه حسابات مصرفية على مختلف الكنائس في القدس، بإدعاء تحصيل قسم من هذه المبالغ التي أسماها الاحتلال "ديونا متراكمة" من أصول تجارية تابعة لها، منها نحو 7 ملايين و200 ألف شيكل على الكنيسة الإنجيلية، ونحو مليوني شيكل على الكنيسة الأرمنية، ونحو 570 ألف شيكل على الكنيسة اليونانية، وما يقارب ال12 مليون شيكل على كنيسة الروم الأرثوذكس. الجدير بالذكر أن الإجراء الذي تنوي السلطات الإسرائيلية تطبيقه على الممتلكات والمؤسسات المسيحية التعليمية والطبية وبعض المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، يتنافى مع الاتفاقيات الدولية، إذ تنص اتفاقية "الاستاتسكو" القائمة منذ عام 1967 والمعنية بالأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، على إعفاء دور العبادة من الرسوم والضرائب، كما ينص جزء من اتفاقية الفاتيكان على ذلك، إلا أن الاحتلال يريد استغلال ثغرة أن هذه الأماكن ليست دور عبادة بادعائه أنها "ملحقات تجارية". عمليات البلطجة والسطو التي يمارسها الكيان الصهيوني على المقدسات الإسلامية والمسيحية أثارت غضب القادة الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين على حد سواء، وهو ما عبر عنه رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، المطران عطا الله حنا، الذي قال اليوم السبت: إننا نرفض وبشكل قاطع فرض ضرائب باهظة على المؤسسات الكنسية في القدس وعلى غيرها من المؤسسات الأممية. هذا الإجراء الإسرائيلي يعتبر إمعانا في التعدي واستهداف الكنائس والمؤسسات التابعة لها في المدينة المقدسة، وأوضح حنا: في الوقت الذي فيه تستهدف أوقافنا وتسرق منا بطرق غير قانونية وغير شرعية، تخطط السلطات الاحتلالية في هذه الأيام لفرض ضرائب باهظة على الكنائس والأديرة ومؤسساتها في القدس، في محاولة هادفة لإفراغ البلدة القديمة من المؤسسات المسيحية، وتهميش وإضعاف الحضور المسيحي الوطني في البلدة القديمة من القدس بنوع خاص. وتابع المطران حنا: إن كنائسنا موجودة في القدس قبل قيام إسرائيل وهنالك كنائس يعود تاريخها إلى القرن الرابع والخامس للميلاد، وقد جرت العادة أن تكون دور العبادة ومؤسساتها معفية من الضرائب، فهذا ما كان سائدًا في الحقبة الأردنية وفي فترة الانتداب البريطاني وفي الفترة العثمانية وما قبلها، واليوم تأتي السلطات الاحتلالية لكي تغير هذا الواقع في محاولة هادفة لبسط سيطرتها على مدينة القدس وتهميش وإضعاف الحضور المسيحي بشكل خاص والحضور العربي الفلسطيني بشكل عام، وأكد: لن نستسلم لهذه القرارات الجائرة المشبوهة التي تهدف لإضعاف وجودنا وتهميش حضور كنائسنا في مدينة القدس والنَّيل من الدور التربوي والإنساني والاجتماعي الذي تقوم به المؤسسات المسيحية في المدينة المقدسة. من جانبه قال عضو الكنيست، ورئيس لجنة القدس في القائمة المشتركة أحمد الطيبي، إن قرار الاحتلال فرض ضرائب على الممتلكات الكنيسية ما هو إلا إمعان إسرائيلي في استهداف مؤسسات كنسية وتلك التابعة للأمم المتحدة، لأن هناك في الحكومة وغيرها من شعر بعد خطاب ترامب بأن الطريق مفتوح للانقضاض والتعدي، وأن هناك ضوءًا أخضر في المضي قدمًا في تهويد القدس، والمس بمؤسساتها والأوقاف الإسلامية والمسيحية، ودعا الطيبي، المجتمع الدولي إلى التحرك لوقف هذا التطرف، وقال: هناك خلاف نشب مؤخرًا بين بلدية القدسالغربية ووزارة المالية الإسرائيلية حول تحويلات مالية، وقد يكون ذلك جزءًا من هذا الخلاف لأن المالية لم توافق في الماضي على فرض ضرائب كهذه، وأضاف: البلدية تحاول التحايل على ذلك بادعاء أن هذه ليست دور عبادة وإنما ملحقات تجارية. محاولات الاحتلال الصهيوني السطو على الممتلكات المسيحية في القدس، تأتي بالتزامن مع حالة الغضب الفلسطيني التي أشعلها بطريرك الروم الأرثوذكس ثيوفيلوس الثالث، على خلفية عمليات بيع مساحات كبيرة من الأوقاف والعقارات التي تعود إلى الكنيسة في القدسالغربية والشرقية وأماكن أخرى خارج المدينة لشركات تساعد على تعزيز الاستيطان الإسرائيلي ومستوطنين تحت أسماء مستعارة، وأشارت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في أكتوبر الماضي إلى أن الكنيسة الأرثوذكسية في السنوات القليلة الماضية باعت في صمت عقارات في مختلف أنحاء إسرائيل لشركات يرأسها جميعها مستثمرون يهود، ومن بين الممتلكات المباعة مؤخرًا تلة بالقرب من بلدة الطور في مدينة القدسالمحتلة،تعرف باسم "جبل المشورة الفاسدة"، وأقرت اللجنة المحلية للتخطيط والبناء التابعة لبلدية الاحتلال في القدس، مطلع ديسمبر الماضي، مشروعًا لإنشاء مستوطنة تضم وحدات سكنية فخمة، وفي أكتوبر الماضي تم الكشف عن 3 وثائق تثبت أن البطريركية الأرثوذكسية اليونانية باعت 6 دونمات في منطقة دوار الساعة في يافا لجهات إسرائيلية، وتشمل عشرات الحوانيت، مقابل مبلغ 1.5 مليون دولار فقط، و430 دونمًا في قيسارية، تشمل أجزاء كبيرة من الحديقة الأثرية والمدرّج الروماني، مقابل مليون دولار.