كشف مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في بيان صدر عنه مؤخرًا أنه رصد قاعدة بيانات تضم نحو أكثر من 200 شركة تجارية عالمية منخرطة في أعمال إنشاء المستوطنات الإسرائيلية بالأراضي الفلسطينيةالمحتلة في الضفة الغربية، مشيرًا إلى أن الانتهاكات الصهيونية ضد الفلسطينيين تزايدت بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة، واصفًا إياها بالمنتشرة والمدمرة، خاصة وأن سلطات الاحتلال تفرض قيودًا على جميع أوجه الحياة الفلسطينية. وأضاف بيان المكتب الأممي أن المستوطنات تغير التركيبة السكانية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، التي استولت عليها إسرائيل عام 1967، وتهدد حق تقرير المصير للفلسطينيين، وأن الشركات تلعب دورًا رئيسيًّا في دعم وإنشاء وتوسعة المستوطنات الإسرائيلية . ونوه البيان بأن الشركات التي تعمل في المنطقة المحتلة عليها مسؤولية إعطاء الاهتمام الواجب ودراسة ما إذا كان من الممكن المشاركة في بيئة استيطانية مثل هذه بطريقة تحترم حقوق الإنسان أم لا؟ لا سيما وأن غالبية دول العالم والأمم المتحدة تعتبر المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية. تورط دولي في دعم الاحتلال وبحسب التقرير الصادر عن مكتب المفوضية السامية، فإن غالبية هذه الشركات أمريكية، يتمركز في إسرائيل منها 143 شركة، وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية 22 شركة، في حين تتوزع البقية بين 19 بلدًا، بينها دول من الاتحاد الأوروبي. ويعد بناء المستوطنات على الأراضي المحتلة أحد أبرز الانتهاكات التي تقوم بها الحكومة الصهوينية ضد الشعب الفلسطيني، حيث صعدت سلطات الاحتلال من سياستها الاستيطانية بعد القرار الأمريكي الخاص بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبعد تجميد الإدارة الأمريكية أكثر من 100 مليون دولار، كانت تقدم لتمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين، فضلاً عن مساعدات غذائية مخصصة للضفة وقطاع غزة. وتسعى حكومة الاحتلال إلى تنفيذ برنامج وضعته منذ عام 1979، طرحت فيه ضرورة وجود مليون مستوطن في الضفة الغربية، وبناءً عليه يجري التوسع الاستيطاني منذ عام 1991، حيث تضاعفت أعداد المستوطنين من 105 آلاف إلى 435 ألفًا في الضفة الغربية هذا العام، بالإضافة إلى 215 ألفًا داخل القدسالمحتلة، أي ما مجموعه 750 ألفًا في الضفة والقدس معًا، حسبما ورد في صحف إسرائيلية. عجز السلطة الفلسطينية يقول خبير الخرائط والاستيطان المهندس، خليل تفكجي، إن السلطة الفلسطينية للأسف تقف عاجزة بعدما سلبت اتفاقية "أوسلو" سيطرتها على أغلب مناطق الضفة الغربية، مضيفًا أن هذه الأراضي تمت مصادرتها من قوات الاحتلال تحت مزاعم واهية، منها التخصيص كمنطقة عسكرية مغلقة أو للتدريب العسكري، ليتم استغلالها فيما بعد في التوسع الاستيطاني. وأشار تفكجي إلى ضرورة إيجاد برنامج واضح للدفاع عن الأرض كالذي تملكه إسرائيل منذ زمن بعيد، محذرًا من التمدد الاستيطاني قائلاً: لقد وصلنا لمرحلة اللاعودة، فالسيطرة على الأراضي وعلى الطرق الالتفافية أكبر مما نتصور، لذلك من الضروري وضع استراتيجية واضحة مختلفة تمامًا عن الماضية، والتخلي عن العقلية الحالية للسلطة ببناء استراتيجية تقود نحو التغيير. من جانبه قال جمال العملة، مدير مركز أبحاث الأراضي، إن الاستيطان ينتشر في الضفة الغربية وفي كل الأراضي الفلسطينية بشكل مستمر، لافتًا إلى أن حقيقة الأمر تكمن في أن المشروع الصهيوني في فلسطين هو من الأساس مشروع استيطاني، يهدف للاستيلاء على الأرض وطرد أصحابها الحقيقيين منها. ونوه جمال بأن أسباب مضاعفة النشاط الاستيطاني وتوسيعه في الفترة الأخيرة ترجع إلى الظروف السياسية التي كانت مهيأة لذلك، وتحديدًا الدعم الأمريكي المطلق للموقف الإسرائيلي المتمثل في قرار الرئيس، دونالد ترمب، الخاص بالاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، مما سهل لحكومة الاحتلال فرض المزيد من الوقائع على الأرض. ضرورة التحرك الشعبي والدولي يري جمال العملة أن البحث عن استعادة استئناف المفاوضات في الوضع الحالي مسألة غاية في الصعوبة، وأن فكرة حل الدولتين أعدمت تمامًا مع إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، القدس عاصمة لإسرائيل، مضيفًا أن إعادة طرح الفكرة تحتاج إلى تحرك دولي يجبر إسرائيل على تفكيك كافة المستوطنات في الضفة الغربية. وأشار العملة إلى ضرورة التحرك الشعبي والحضور في كل بقعة أرض ما زالت في أيدي الفلسطينيين، والعمل فيها واستصلاحها والبناء عليها، مؤكدًا أن الصراع هو صراع وجود على الأرض، وأن كل قطعة أرض يتركها الفلسطينيون سوف يحتلها الإسرائيليون، موضحًا أن نجاح ذلك يتطلب تشجيعًا واهتمامًا على المستويين الفلسطيني والعربي من الدول المحيطة والمعنية بالقضية الفلسطينية.