البابا تواضروس الثاني يدشن كاتدرائية "العذراء ومارمرقس" ب 6 أكتوبر ويلتقي مجمع الآباء الكهنة    اعرف لجنتك من تليفونك في دقيقتين قبل التوجه للانتخابات    الوزير: تطوير وسائل خدمات النقل وتقليل الاستيراد    بيطري القليوبية تطلق حملة لتحصين الماشية للوقاية من الأمراض    رئاسة السيدة انتصار السيسى الشرفية تُجَسِّد دعم الدولة للإنسان أولًا    سوريا.. وأمريكا كل المتغيرات واردة    أول تعليق من ييس توروب بعد التتويج بالسوبر المصري    خالد مرتجي: «توروب شغال 20 ساعة في اليوم.. وقلت لزيزو هتبقى رجل المباراة»    وزير الرياضة: مليار مشاهدة لنهائي السوبر تعكس مكانة الكرة المصرية    تحرير 310 محاضر خلال حملات مكثفة شملت الأسواق والمخابز بدمياط    «بالألوان»«صوت مصر».. رحلة فى ذاكرة أم كلثوم    ختام منتدى إعلام مصر بصورة تذكارية للمشاركين فى نسخته الثالثة    بينسحبوا في المواقف الصعبة.. رجال 3 أبراج شخصيتهم ضعيفة    البيت الأبيض يحذر من تقلص الناتج المحلي الأمريكي بسبب الإغلاق الحكومي    قرار صادم من يايسله تجاه نجم الأهلي السعودي    دايت من غير حرمان.. سر غير متوقع لخسارة الوزن بطريقة طبيعية    خيانة تنتهي بجريمة.. 3 قصص دامية تكشف الوجه المظلم للعلاقات المحرمة    الاتحاد الأوروبي يرفض استخدام واشنطن القوة ضد قوارب في الكاريبي    «المرشدين السياحيين»: المتحف المصرى الكبير سيحدث دفعة قوية للسياحة    «قومي المرأة» يكرم فريق رصد دراما رمضان 2025    محمود مسلم ل كلمة أخيرة: منافسة قوية على المقاعد الفردية بانتخابات النواب 2025    أب يكتشف وفاة طفليه أثناء إيقاظهما من النوم في الصف    محافظ الغربية يتفقد مستشفى قطور المركزي وعيادة التأمين الصحي    استشاري: العصائر بأنواعها ممنوعة وسكر الفاكهة تأثيره مثل الكحول على الكبد    أوقاف شمال سيناء تناقش "خطر أكل الحرام.. الرشوة نموذجًا"    أهالي «علم الروم»: لا نرفض مخطط التطوير شرط التعويض العادل    شبيه شخصية جعفر العمدة يقدم واجب العزاء فى وفاة والد محمد رمضان    «ما تجاملش حد على حساب مصر».. تصريحات ياسر جلال عن «إنزال صاعقة جزائريين في ميدان التحرير» تثير جدلًا    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    الخارجية الباكستانية تتهم أفغانستان بالفشل في اتخاذ إجراءات ضد الإرهاب    برنامج مطروح للنقاش يستعرض الانتخابات العراقية وسط أزمات الشرق الأوسط    «فريق المليار يستحق اللقب».. تعليق مثير من خالد الغندور بعد فوز الأهلي على الزمالك    قتل وهو ساجد.. التصريح بدفن جثة معلم أزهرى قتله شخص داخل مسجد بقنا    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    استعدادات أمنية مكثفة لتأمين انتخابات مجلس النواب 2025    حزب السادات: مشهد المصريين بالخارج في الانتخابات ملحمة وطنية تؤكد وحدة الصف    أخبار السعودية اليوم.. إعدام مواطنين لانضمامهما إلى جماعة إرهابية    توقيع مذكرة تفاهم لدمج مستشفى «شفاء الأورمان» بالأقصر ضمن منظومة المستشفيات الجامعية    محافظ بني سويف ورئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة يفتتحان فرع المجلس بديوان عام المحافظة    الصدفة تكتب تاريخ جديد لمنتخب مصر لكرة القدم النسائية ويتأهل لأمم إفريقيا للمرة الثالثة في تاريخه    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    محافظ قنا يترأس اجتماع لجنة استرداد أراضي الدولة لمتابعة جهود التقنين وتوحيد الإجراءات    سمير عمر رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة يشارك في ندوات منتدى مصر للإعلام    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس البورصة: 5 شركات جديدة تستعد للقيد خلال 2026    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    زيادة فى الهجمات ضد مساجد بريطانيا.. تقرير: استهداف 25 مسجدا فى 4 أشهر    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    انتخابات مجلس النواب 2025.. اعرف لجنتك الانتخابية بالرقم القومي من هنا (رابط)    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ الصراع الصوفي السلفي (1)
نشر في البديل يوم 25 - 01 - 2018

ترجع أغلب المصادر التاريخية نشأة التصوف إلى زمن النبوة، ويرجع أصل اصطلاح (الصوفية) إلى أهل الصفة، وهي تلك الجماعة من فقراء المسلمين وعوامهم الذين كانوا يتخذون من موقع عمود الصفة بالمسجد النبوي موضعا لعباداتهم ومجاهداتهم غير عابئين بهموم الدنيا ولا رغد العيش، ولقد أوردت العديد من كتب التفاسير إلى أنهم المشار إليهم في الأية الكريمة التي خاطبت النبي صلى الله عليه وسلم (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)، وقد قيل أن أصل النسبة إلى ما كان يرتديه هؤلاء من لباس الصوف الخشن.
ولقد أورد الطبري في تفسير الأية السالفة، أن أشراف مكة كانوا قد اشتكوا للنبي صلى الله عليه وسلم مخالطته لبعض الفقراء في مسجد النبي الذين آذتهم رائحة بعضهم، وكانوا يرتدون الصوف ولا شىء سواه، وكان من بين هؤلاء سلمان الفارسي، وأبا ذر الغفاري وغيرهم، فنزلت الأية التي جعلت النبي صلى الله عليه وسلم يحمد الله أن جعل من بين أمته من يؤمر بمجالستهم.
كانت هذه النواة الأولى لتلك الجماعة الواسعة التي ستعرف فيما بعد بالصوفية، وعلى أيدي هؤلاء تربى الجيل الأول من المتصوفة وإن لم يكونوا قد حملوا الاسم بعد، أو كما يقول القشيري في رسالته فإن المسلمين لم يتسموا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بتسمية عًلم سوى صَحبَة رسول الله، ثم سمي من أدركهم من العهد الثاني بالتابعين، ثم لقب من بعدهم بتابعي التابعين، ثم اختلف الناس وتباينت المراتب فقبل لمن اشتهر بالزهد والورع بالزهاد والعباد، ثم حصلت البدع فاشتهر من حفظ قلبه من طوارق الغفلة بالتصوف واشتهر أصحابه بهذا الإسم قبل المائتين من الهجرة.
حين ظهر التصوف إذا لم تكن هناك جماعة تسمي نفسها ب"السلف" لتمارس ذلك النوع من القفز الزمني أو السلطوية التاريخية، بحيث يمكنها إدعاء القطيعة المعرفية مع جيل مبتدع والاتصال بجيل آخر أكثر نقاء في عبادته، فمن أين تأتي تسمية السلفية إذا ؟ ومتى تتحقق تاريخيا في المجتمع الإسلامي؟
لم يكن الصوفية إذا في زمن نشأتهم مضطرون لخوض صراع مع تلك الجماعة التي تسمي نفسها ب(السلفية)، وإنما كان نزاعهم الضروري وصراعهم الحتمي مع من عرفوا بالفقهاء، نتيجة الاختلاف في المنطلق ما بين المتصوفة والفقهاء في طريقة فهم النص الديني، واستيعابهم لجوهر الشريعة الإسلامية، كان على المتصوفة بإعلائهم لقيمة العاطفة والوجدان أن يتجاوزوا ثنائيات الفقهاء في النظر إلى مقاصد الشريعة – نعني ثنائيات (الجنة والنار)، (الحلال، والحرام)، والفارق بين الصوفي والفقية في النظر إلى الأوامر والنصوص الإلهية، كالفارق في التعريف بين من يعرف الصلاة بأنها ( أفعال وأقول مفتتحة بالتكبير ومنتهية بالتسليم)، وبين من يعرفها على طريقة المتصوفة باعتبارها (مناجاة قلبية بين العبد وربة)، فالفرض عند الأول يسقط بمجرد إتيان مجموعة الحركات التي تفتتح بالتكبير وتختتم بالتسليم ولو زاغ القلب، ولم يتمكن من الحضور مع الخالق.. بينما الحضور الكامل شرط التحقق عند الثاني.
وحين يسأل أحدهم عن الزكاة يقول للسائل ..عندنا أم عندكم؟ يقول السائل..وهل هناك عندنا وعندكم؟ فيجيب نعم عندكم تخرج الزكاة على تحقق النصاب، أما عندنا فالعبد وماله لربه، ولذلك يكثر عند الصوفية وصف الفقهاء بأهل الظاهر وعلماء الرسوم..وغيرها من الأوصاف التي تفيد التمايز في فهم ومقدار ونوع الامتثال للأمر الإلهي، وسرعان ما قعد وشرعن المتصوفة لهذا الفارق بالحديث عن (الحقيقة) في مقابل (الشريعة)، و(الباطن) في مقابل ( الظاهر)، وعيروا الفقهاء بقولهم (أخذتم علمكم ميت عن ميت – في إشارة إلى القوعد المتعارف عليها بين الفقهاء والمحدثين في الحفظ والنقل المتوارث ، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت – في إشارة أخرى إلى ما يتم تحصيله لهم من الكشف والمشاهدة والعرفان الذي الذي يلقى في القلب بمجرد التطهر والاستعداد لاستقبال الأنوار الإلهية).
كما توسع المتصوفة في التأويل إلى الحد الذي وصل بالصدام إلى ذروته حين لم يقدر الفقية على استيعاب تأويلاتهم في حدود الشريعة، دون أن يعني هذا وقوع انحرافات ظاهرية على الاقل من بعض المتصوفة التي أثارت حفيظة الفقهاء خوفا على شيوع منطق هؤلاء المتصوفة الذين قد يتسببون في تحلل العامة من الشريعة.
بالإضافة إلى بعض الأسباب النفسية والسياسية، فلقد كان الفقهاء قريبون الصلة بالحكام لا يغادرون بلاطهم لكنهم لم يستطيعوا الوصول إلى قلوب العامة، ولا حًظوا حظوتهم في حب الناس، فلقد كان عبدالقادر الجيلاني (470 ه – 561 ه) يجلس في سبعين ألفا من المريدين في بغداد حتى قيل في زمن الخلافة العباسية أن لبغداد خليفتين، فأخذ الفقهاء على أنفسهم مهمة الإيقاع ما بين الحكام والصوفية، وتوالت الفتن والمحن التي تعرض لها المتصوفة كمحنة الحلاج، ومحنة الحكيم الترمذي، ومحنة غلام الخليل التي أوشك فيها سيف الجلاد أن يطيح برقاب سبعين من أئمة المتصوفة كان من بينهم الجنيد شيخ الطائفة، والنوري وغيرهم.
ورغم ذلك لم تكن القطيعة كاملة ما بين المتصوفة والفقهاء، فلقد كان كثير من المتصوفة قد جمع ما بي علوم التصوف، والحديث، والفقة، وقد عملوا على ربط علوم التصوف وقيدها بالالتزام بالشريعة، حتى قال بعضهم (من تحقق ولم يتشرع فقد تزندق، ومن تشرع ولم يتحقق فقد تفسق)، وقال الجنيد (إذا رأيت الرجل يركب الماء ويطير في الهواء، ويخالف شرع الله فهو كذاب) وحدثت الكثير من المراجعات المبكرة لممارسات المتصوفة وادعائاتهم على نحو ما فعل القشيري في الرسالة، والطوسي في كتابه اللمع.
حتى ذلك الحين لم يكن قد ظهر بعد ما يسمى بالسلفية لتحمل على عاتقها مهمة العداء مع المتصوفة، فلقد كان ظهور مصطلح (السلف) للمرة الأولى في القرن الرابع الهجري على نحو ما يبين الشيخ أبو زهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.