يبدو أن احتجاز السياسيين والشخصيات الفاعلة بات نهجًا متبعًا في السياسية الإماراتية والسعودية لفرض مواقفهم الإقليمية وأجنداتهم السياسية على كل من يخالفهم الرأي والموقف، خاصة في ظل الحوادث المتكررة والمتشابهة لحالات من الاختطاف السياسي تقاسمتها العاصمتين الخليجيتين. بعد احتجاز الفريق أحمد شفيق، في أبو ظبي، ورئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري في الرياض، والتقارير التي تشير إلى خضوع الرئيس اليمني المستقيل، عبد ربه منصور هادي، للإقامة الجبرية في الرياض، أكد عبدالله بن علي آل ثاني، أحد أعضاء الأسرة الحاكمة في قطر، أنه محتجز أيضا في أبو ظبي، الأمر الذي يثير تساؤلا عن التوصيف السياسي والقانوني لهذه الممارسات. وسريعًا ترددت أصداء الاحتجاز الإماراتي لعبدالله آل ثاني، في أروقة منظمات حقوقية دولية، منها المنظمة الدولية السويسرية لحماية حقوق الإنسان، والفيدرالية الدولية للحقوق والتنمية، التي أصدرت بيانًا طالبت الإمارات بتوضيح موقفها من اختفاء واحتجاز آل ثاني، محملة أبو ظبي المسؤولية الكاملة عن حياته وسلامته. وفي تسجيل فيديو على اليوتيوب، حمّل المحتجز القطري عبدالله آل ثاني، محتجزيه المسؤولية الكاملة عن سلامته، قائلا إن دولة قطر بريئة من أي مكروه قد يحدث له، وأضاف "كنت ضيفا عند الشيخ محمد، والآن لم أعد في وضع ضيافة، إنما في وضعية احتجاز، وأخاف أن يحصل لي مكروه ويلقون باللوم على قطر، وأريد أن أبلغكم أن قطر بريئة"، وتابع "أنا في ضيافة الشيخ محمد، وأي شيء يجري فهو مسؤول عنه"، لترد الإمارات بأن آل ثاني حر في التصرف، وأكدت قطر أنها تراقب الوضع عن كثب. وكان المحتجز القطري آل ثاني، ظهر في الأشهر الماضية إلى جانب ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز وولي عهدها، محمد بن سلمان، حيث قدمته الرياض على أساس أنه معارض لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. مخاوف عبدالله بن علي آل ثاني من أن تستخدمه الإمارات كورقة في صراعها مع قطر لها ما يبررها، خاصة أن حادثة الفريق أحمد شفيق قبل أسابيع مازالت عالقة في الأذهان، عندما أعلن أن السلطات الإماراتية منعته من مغادرة أراضيها عقب إعلانه اعتزامه الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية المقرر إجراؤها في مايو المقبل أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، الحليف المقرب من أبو ظبي. توظيف الإمارات لضيوفها السياسيين وفقًا لأجندتها، لم يقتصر على آل ثاني وشفيق، بل فرضت أبو ظبي الإقامة الجبرية على السفير اليمني لديها، أحمد علي عبدالله صالح، منذ انطلاق عمليات "عاصفة الحزم" في 26 مارس 2015، عقب استدعائه إلى الرياض ومقابلته وزير الدفاع السعودي حينها محمد بن سلمان، وتشير معلومات إلى أن الإمارات ضغطت على نجل الرئيس اليمني الراحل؛ لإقناع والده بتغيير تحالفاته في الساحة اليمنية، وفض الشراكة مع حركة أنصار الله، وينضم للتحالف مع السعودية ويدعم عدوانها على اليمن، الأمر الذي تسبب في مقتله. وتطابقت تصرفات السعودية والإمارات في الفترة الأخيرة؛ فالرياض أيضا تستغل ضيوفها السياسيين لتحقيق مآربها السياسية، الأمر الذي تجلى في احتجازها رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، في شهر نوفمبر الماضي، وأرغمته على تقديم استقالته من السعودية، إلا أن الحريري بعد عودته إلى لبنان مباشرة تراجع عن الاستقالة، ما يؤكد أنه كان مسلوب الإرادة حينما قدم استقالته. كما يدور الحديث عن أن الرياض فرضت الإقامة الجبرية على الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، حيث قالت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، إن السعودية منعت هادي وابنيه ووزراء وعسكريين يمنيين من العودة إلى بلادهم، مؤكدة أنهم رهن الإقامة الجبرية بالمملكة، ورغم أن مصدر مسؤول بالرئاسة اليمنية نفى، إلا أن المؤشرات الحالية تؤكد صحة أنباء أسوشيتد برس إلى حد كبير؛ حيث بررت الصحيفة اعتقال السعودية لهادي إرضاءً لدولة الإمارات أكبر حليف للسعودية، والتي تعادي هادي وتعارض عودته إلى اليمن، وبالفعل ظهرت مؤخرًا بوادر للخلاف بين هادي والإمارات، خاصة فيما يتعلق بالدور الإماراتي في سقطرى اليمنية. وكانت السعودية أيضا، اعتقلت شخصيات سياسية ودينية، من حزب الإصلاح اليمني، كالشيخ عبد المجيد الزنداني، وفرضت عليهم الإقامة الجبرية في الرياض، قبل مساومات سعودية إماراتية مع حزب الإصلاح نفسه لاستثماره وتوريطه في فك الارتباط القائم بين أنصار الله والمؤتمر الشعبي في صنعاء.