بدأ التحالف العربي الإسرائيلي بقيادة تل أبيب والسعودية ومصر والإمارات، في النزول على الأرض فعليا لتنفيذ بنود الاتفاق مع الإدارة الأمريكية خلال زيارة دونالد ترامب للرياض، بالعمل على إدخال الوطن العربي ضمن بيت الطاعة للتحالف العربي الإسرائيلي، في مواجهة إيران وتركيا وقطر. واستهلت السعودية بدعم دول التحالف برنامج اتفاق الرياض، باعتقال أغلب أمراء السعودية وعدد من رجال الأعمال والوزراء المعارضين لحكم محمد بن سلمان، بالتزامن مع اتفاق الرياضوواشنطن على تصعيده خلال الفترة القادمة للحكم، مفابل صفقة ال450 مليار دولار التي حصل عليها ترامب من بن سلمان، وفي ظل التقارب الذي سعى إليه الأمير الشاب مع الكيان الصهيوني بزيارات سرية لتل أبيب.
وكشفت مصادر دبلوماسية أن ما حدث في السعودية من انقلاب الأمير الشاب على بيت العائلة، باعتقال عدد أمراء الدرجة الأولى ورجال الأعمال المعروفين والوزراء الحاليين والسابقين، هو مقدمة لبدء ولاية محمد بن سلمان فعليا، لعرش المملكة، خاصة بعد تسريب الوثيقة الملكية التي كشفت احتجاج بعض أمراء القصر على تصعيد محمد بن سلمان مكان أبيه.
وأشارت المصادر في تصريحات خاصة ل"بوابة الحرية والعدالة" إلى أن أكبر دليل على بدء تنفيذ ثفقة القرن في غضون الأيام الحالية، هو مبادرة الرئيس الأمريكي ترمب اليوم الثلاثاء بإعلان دعمه لمحمد بن سلمان تجاه اعتقال أمراء القصر، في مقابل العمل فعليا على تنفيذ أجندة التحالف العربي الإسرائيلي، والتي تسعى واشنطن من خلالها بإدخال الوطن العربي في حظيرة الكيان الصهيوني وبيت الطاعة الإسرائيلي.
وأكدت المصادر أن تسارع وتيرة الأحداث بالتزامن مع انقلاب القصر، يؤكد بدء تنفيذ أجندة التحالف العربي الإسرائيلي، خاصة بعد الدعم الإسرائيلي لكل الإجراءات السعودية والمصرية، موضحا أن هذه الأجندة اتضحت معالمها بشكل كبير في اليومين الماضيين، وهي صعود محمد بن سلمان للحكم في السعودية محل أبيه، مقابل سيطرة الإمارات على اليمن بدعم سعودي وإسرائيلي في مواجهة الحوثيين، تسليم لبنان لإسرائيل بالقضاء على حزب الله، فضلا عن محاولة سلطات الانقلاب في مصر تسليم سلاح حركة حماس للسلطة الفلسطينية تمهيدا للقضاء على المقاومة بشكل نهائي ومنع أي تهديد لإسرائيل، في مقابل سيطرة مصر على ليبيا.
ضحايا الأجندة
وأكدت المصادر أن هذه الأجندة سيكون لها ضحايا كثر من رجال أعمال وأمراء ومسئولين كبار، ورؤوس مال مشهورين، موضحا أن الانقلاب الذي حدث في السعودية على القصر الملكي واعتقال عدد من الأمراء ورجال أعمال، سيتكرر في أماكن أخرى، من بينها مصر ودول أخرى.
وكشفت المصادر أن ترامب أعطى ضوءا أخضر لقيادات هذا التحالف بتمهيد الأرض لتنفيذ أجندة اتفاق الرياض، مقابل دعم الأغدارة الأمريكية لأي إجراء تتخذه قيادات التحالف، سواء كان بتشديد القبض الأمنية على رموز المعارضة، واعتقالهم، أو بالاستيلاء على أموال رجال أعمال ومشاهير، لدعم هذه القيادات على المستوى الاقتصادي والسياسي.
ولعل تغريدة رجل الأعمال نجيب ساويرس، ردا على سؤال أحد الشباب السعوديين حول تأثير اعتقال رجل الأعمال السعودي، الشيخ صالح كامل، على الاقتصاد المصري، التي قال فيها عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «الشيخ صالح كامل شخصية عظيمة ولا يمكن أن يكون له يد في فساد أو تآمر ولن يؤثر هذا على مصر، ولكنه يؤثر على السعودية لما له من مكانة واحترام»، تؤكد احتمالية استنساخ هذا المشهد في مصر، خاصة وأنه سبق وقام به السيسي ضد عدد من رجال الأعمال المعروفين مثل صلاح دياب رئيس مجلس إدارة صحيفة "المصري اليوم"، وعلي فهمي طلبة رئيس مجموعة موبايل شوب وردايو شاك ورجل الأعمال المعروف صفوان ثابت وآخرين.
توافق مصري سعودي
وفي ظل ما تعيشه السعودية من توتر سياسي داخل الأسرة الحاكمة، يثار التساؤل حول مدى توقف الدعم السياسي والمالي من الرياض للنظام المصري بوصفها الداعم الأكبر الذي ساهم بترسيخ الانقلاب منذ أكثر من 4 سنوات، خاصة وأن مصر ترتبط والسعودية بمصالح سياسية واقتصادية كان آخرها إعلان الأمير محمد بن سلمان عن مشروع مدينة العراة "نيوم"، بمشاركة مصرية.
وأيد الإعلام المصري الموالي للانقلاب قرارات النظام السعودي دون الإطالة في تغطية الأحداث بحجة أنه شأن داخلي ويأتي لمكافحة الفساد، دون الحديث عن الصراع داخل الأسرة السعودية؛ إلا أنه حاول الاستفادة من تلك الأحداث بكيل الاتهامات لبعض الموقوفين ووصم بعضهم بأنه تابع لجماعة الإخوان المسلمين.
وأكد مساعد وزير الخارجة الأسبق السفير عبدالله الأشعل، أن ما يحدث في السعودية لا شك سيطال مصر، قائلا إن "السعودية مقدمة على أزمة خطيرة قد تنتهي بتفتيت المملكة"، مضيفا أن "أزمة المملكة ستقترن بأزمة شاملة في المنطقة العربية وربما تصل إلى حرب طائفية"، مشيرا إلى أن "دور مصر في الفوضى القادمة ليس واضحا بعد".
وحول مدى خسارة السيسي من تبعات المشهد السعودي، أو مكسبه من الأزمة وحصوله على دور متنام على حساب الرياض المنهمكة داخليا، أكد الأشعل في تصريحات صحفية، أن نظام السيسي يمكنه تحقيق مكاسب من الوضع السعودي ولكنها ليست آنية وقد تكون مكاسب لاحقة".
وحول وجوه التأثر المصرية بسبب حالة عدم الاستقرار في الرياض، حذر الأشعل من سقوط نظام الانقلاب في مصر إذا سقطت المملكة، موضحا اعتقاده بحدوث "فوضى كبرى"، وربما حرب إقليمية غير واضحة المعالم، تهدد أنظمة المنطقة ومنها مصر والسعودية.
وحول صفقة الإمارات مع السعودية مقابل تقديم الدعم للانقلاب السعودي، أفادت وكالة «أسوشييتد برس» بأن السعودية تمنع الرئيس اليمني، «عبد ربه منصور هادي»، وأبناءه ووزراء ومسؤولين من العودة إلى وطنهم منذ أشهر تلبية للمطالب الإماراتية، خاصة وأن الإمارات تسيطر على اليمن، نظرا لأهمية خليج عدن بالنسبة لموانئ دبي.
وقالت الوكالة نقلا عن مسؤولين يمنيين إن المملكة اتخذت القرار ظاهريا لحماية الرئيس اليمني، ولكنهم أضافوا أن قرار المنع من العودة تم اتخاذه إرضاء للإمارات التي تعادي «هادي» وتعارض عودته إلى وطنه.
ووصفت الوكالة منع لرئيس اليمني من العودة إلى بلاده بأنه مؤشر على مدى الضعف الشديد ل«هادي» في الحرب التي يشنها «تحالف السعودية» باسمه ضد «الحوثيين».
وأضافت أنه منذ مغادرة «هادي» للجنوب في فبراير الماضي، قام في مرات عديدة بإرسال خطابات مكتوبة إلى العاهل السعودي، الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، للسماح له بالعودة، موضحة أنه لم يتلق أي رد إيجابي بخصوصها، حسب مسؤول أمني يمني.
وفي أغسطس، قام «هادي» بالانتقال إلى مطار الرياض، مخططا للعودة إلى العاصمة المؤقتة عدن، لكن تمت إعادته من المطار، وفق ما قاله المسؤول الأمني ل«أسوشييتد برس» التي نقلت عن مسؤولين يمنيين آخرين تأكيدهم أن «هادي» وأبناءه وعددا من الوزراء الموجودين برفقته في الرياض لا يسمح لهم بالذهاب إلى اليمن.
وقال المسئول الأمني: «لقد فرض عليهم السعوديون أحد أشكال الإقامة الجبرية، حينما يطلب هادي الذهاب، يردون عليه بالقول إن الوضع غير آمن من أجل عودته، في ظل وجود متآمرين ينوون تصفيته، والسعوديون يخافون على حياته».
وفي محاولة للتحرك ضد الإمارات، عقد «هادي» اجتماعا في 2 نوفمبر لمناقشة تعديل وزاري لطرد الأعضاء المدعومين من الإمارات، ولكن لم يتم التوصل إلى نتائج حتى الآن، بينما يتردد «هادي» في تحدي السعودية لأنه لا يريد أن يفقد السعوديين، وفقا للمسئول الأمني.
وذكرت «أسوشييتد برس» أن السعودية صادرت جوازات سفر العديد من المسؤولين الذين يشتغلون تحت إمرة «هادي»، قبل أن تعيدها إليهم لاحقا، لكن لا يمكنهم مغادرة الرياض.
ويقيم «هادي» في السعودية التي تقود التحالف العربي منذ ما يقرب من عامين ونصف العام باستثناء شهور متقطعة قضاها في عدن، حيث غادر المدينة في فبراير الماضي، بعد خلافات مع الإماراتيين.
وتهيمن الإمارات عسكريا على جنوب اليمن بتقليب أهل الجنوب على الشرعية، ودعم حركات انفصالية، والعمل على إفشال الرئيس الشرعي، ومنذ إعلان تحرير عدن من الانقلابيين، في يوليو2015، ترزح مدينة عدن، التي تصفها الحكومة الشرعية ب«العاصمة المؤقتة»، والمحافظات المجاورة لها جنوبا، تحت وصاية ضمنية من الإمارات، التي دعمت العديد من التحولات السياسية وخاضت معارك محلية.
وكان «الحوثيون» أعلنوا، السبت الماضي، إطلاق صاروخ باليستي على مطار الملك «خالد» الدولي بالعاصمة السعودية الرياض، بينما قالت قيادة «التحالف العربي»، الذي تقوده السعودية، إن الصاروخ استهدف الرياض وجرى اعتراضه وسقط في منطقة غير مأهولة شرق مطار الملك «خالد».
ولاحقا، أعلن «التحالف العربي» إغلاق كل المنافذ اليمنية الجوية والبحرية والبرية للبلاد، متهما إيران بالضلوع في تزويد «الحوثيين» بالصواريخ الباليستية، ومتعبرا ذلك عملا من أعمال الحرب ضد السعودية.
في حين دخلت إسرائيل صراحة على خط دعم الانقلاب السعودي، حيث كشف مراسل «راديو سوا» الأمريكي في واشنطن «زيد بنجامين»، إن الخارجية الإسرائيلية دعت دبلوماسييها، في برقية سربتها القناة العاشرة، لمؤازرة الجهود السعودية الرامية لحشد الدعم لاستقالة رئيس الحكومة اللبنانية «سعد الحريري».
وأضاف «بنجامين»، في تغريدة له على «تويتر» إن (إسرائيل) حثت دبلوماسييها قائلة «أنتم بحاجة للتأكيد على أن استقالة الحريري تظهر كم تمثل إيران وحزب الله من خطر على أمن لبنان».
في الوقت الذي وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، السبت الماضي، استقالة «الحريري»، ب«مكالمة إيقاظ» للمجتمع الدولي كي يتخذ إجراءات ضد ما أسماه ب«العدو الإيراني».
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي «أفيغدور ليبرمان» إن «استقالة الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية تؤكد ما سبق أن أعلنته (إسرائيل) منذ عام وهو أن حزب الله يحتل لبنان»، مؤكدا أن «الجيش الإسرائيلي على أهبة الاستعداد لمواجهة الخطر الناجم عن الحلف الذي تقوده إيران».
وهو الأمر الذي فسر استقالة الحرير بشكل مفاجئ وهروبه للسعودية، حتى يتم إلقاء الكرة في ملعب حزب الله بلبنان، وإحداث حالة فراغ سياسي يتم من خلالها محاصرة حزب الله، وتسليم لبنان للكيان الصهيوني.
ولاحقا، قال وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلي «يسرائيل كاتس» عبر «تويتر» إن «استقالة رئيس الوزراء اللبناني هي نقطة مفصلية، والآن هو الوقت الأكثر مناسبة للضغط على حزب الله حتى إضعافه ونزع السلاح».
وكان «الحريري» اعلن، السبت الماضي، استقالته من منصبه بشكل مفاجئ خلال زيارته إلى السعودية، وشن حملة هجوم عنيفة على كل من إيران و«حزب الله»، معتبرا أن الأجواء الحالية في لبنان تشبه تلك التي سبقت اغتيال والده «رفيق الحريري».
وفي أول تعليق إيراني رسمي على استقالة «الحريري»، اعتبر مستشار وزير الخارجية الإيراني «حسين شيخ الإسلام» الاستقالة تنم عن عدم حكمة ولا تبشر بأي خير للبنان، مشيرا إلى أنها جاءت بترتيب من الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» وولي العهد السعودي «محمد بن سلمان».
نزع سلاح حماس
وفي غضون الاتفاق على نزع المقاومة في غزة، وحماية أمن الكيان الصهيوني بمفاوضات مصرية لسلطات الانقلاب، من خلال المصالحة مع حركة فتح، والسيطرة على المعابر، وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء الاثنين إلى العاصمة السعودية الرياض في زيارة يلتقي خلالها الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ليتجه بعدها إلى شرم الشيخ في مصر للقاء عبد الفتاح السيسي.
وقال السفير الفلسطيني لدى الرياض بسام الأغا إن زيارة عباس إلى الرياض “تأتي ضمن استمرار الاتصالات الثنائية لإطلاع العاهل السعودي على تطورات القضية الفلسطينية”.
وتأتي زيارة عباس إلى الرياض بعدما سلّمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الأسبوع الماضي إلى السلطة الفلسطينية معابر قطاع غزة التي تسيطر عليها منذ أكثر من عشر سنوات، في خطوة تشكل اختبارا لاتفاق المصالحة الفلسطينية الذي أبرم الشهر الماضي برعاية مصر.
وكانت السعودية قد شهدت اعتقال 11 أميرًا و38 وزيرًا حاليًا وسابقًا إلى جانب عدد من المسؤولين ورجال الأعمال، في أكبر حملة ضد الفساد تشهدها المملكة منذ تأسيسها قبل نحو 80 عامًا.