يعد خزان الحجر الرملي النوبي من أكبر الخزانات الجوفية في العالم، والذي يقع في نطاق 4 دول، هي «مصر – ليبيا – السودان – تشاد»، وتعتمد عليه تلك الدول في تحقيق تنمية مستديمة بالصحراء التي يقع تحتها الخزان، حيث تصل مساحته إلى حوالي 2.4 مليون كيلومتر مربع، شاملاً الصحراء الغربية بمصر وممتدًّا حتى الجزء الشرقي من ليبيا والجزء الشمالي الشرقي من تشاد والجزء الشمالي الغربي من السودان. ويمتد في الصحراء الغربية على مساحة تصل إلى 670 ألف كيلومتر، ويقسم الخزان النوبي إلى خزانين كبيرين، هما خزان الداخلة بمصر وخزان الكفرة بليبيا، ويتراوح سمك الخزان ما بين 800 متر في منطقة الخارجة و3000 متر في الفرافرة، وأثبتت جميع الدراسات أن حركة المياه والتغذية للخزان من الجنوب إلى الشمال، وتصل ملوحة المياه لطبقات الخزان العميقة 150 جزء مليون، والطبقات السطحية تصل ملوحتها إلى 700 جزء مليون. ووفقًا لدراسة أجراها الدكتور خالد عبد القادر عودة أستاذ الجيولوجيا بجامعة أسيوط فإن الخزان الجوفي النوبي هو أهم خزان مياه في مصر، حيث يستمد مياهه من السيول والأمطار التي تسقط علي وسط السودان وتشاد، ويتشربها الخزان لمساميته العالية، كما تنساب هذه المياه في اتجاه الشمال ناحية كل من ليبيا ومصر، حيث تدخل مصر من تحت سطح الأرض في منطقة جبل العوينات وصفصافة، بينما تدخل ليبيا في اتجاه واحة الكفرة، ومنها تدخل مصر من ناحية بحر الرمال الأعظم. ووفقًا لتقديرات الأممالمتحدة، يحتوى هذا الخزان على 200 مليار متر مكعب من المياه، ويعد أمل التنمية في الدول الأربع، التي يقع الخزان على حدودها، ويخضع للقوانين الدولية الخاصة بالمجاري المائية المشتركة، لكن منذ تدشين معمر القذافي «النهر الصناعي العظيم» بليبيا، تحولت الأمور إلى الأسوأ، مع تزايد الحديث عن الاستخدام العشوائي وغير المحسوب لمياه الخزان الأكبر في العالم، والذي يهدد سحب مياهه دون دراسات واتفاقيات سابقة إلى فنائه وإهدار ثروة مائية كبيرة. وفى عام 2013 وقعت دول الخزان اتفاقية برعاية الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ لإطلاق برنامج العمل الاستراتيجي «SAP» خزان الحجر الرملي النوبي المشترك؛ من أجل وضع إطار طويل الأجل للاستفادة من المياه الجوفية بالحوض. ويهدف البرنامج إلى تحقيق الاستخدام الأمثل والعادل لمخزون المياه، وتعزيز آلية التنسيق الإقليمية القائمة والمتمثلة في الهيئة المشتركة لدراسة وتنمية خزان الحجر الرملي النوبي، وتم تأسيس هيئة تضم الدول الأربع اتخذت من ليبيا مقرًّا لها لإقامة دراسات عن الخزان. ووفقًا لقطاع المياه الجوفية بوزارة الري، فإنه تم الإعلان عن خزان الحجر الرملي النوبي لأول مرة عام 1927 من قبل سلطات الاحتلال البريطاني، من خلال علمائها العاملين في هيئة المساحة الجيولوجية، والذين أكدوا أن مياهه شبه منعدمة الملوحة، وأنه خزان متجدد، إلا أن الإنجليز ومعهم الأمريكان وغيرهما من الجهات الدولية أعلنوا منذ أوائل الخمسينيات أن الخزان غير متجدد؛ بهدف صرف الرئيس جمال عبد الناصر عن فرص التنمية في الصحراء الغربية؛ اعتمادًا على هذا الخزان، ولكنه أرسل ما سُمي بقوافل التعمير عام 1959 والمتمثلة في سلاح المهندسين العسكريين، وقاموا بحركة تنموية واسعة، خلفت مجتمعات جديدة في الخارجة والداخلة وغرب الموهوب وأبو منقار وقري باريس، إلا أن المسؤولين لم يستمروا في تنمية المنطقة اعتمادًا على الخزان؛ بسبب تحذيرات الاستعماريين من عدم تجدد مياه خزان الحجر الرملي النوبي. ومنذ 25 عامًا تم تأسيس هيئة مشتركة لدراسة وتنمية خزان الحجر الرملي النوبي؛ للمحافظة على مياه الخزان وترشيد استعمالها وتسخيرها لخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة في الدول الأربع المشتركة، بجانب وضع خطة عمل استراتيجية إقليمية للاستخدام المستديم لطبقة المياه الجوفية بخزان الحجر الرملي النوبي وإنشاء القاعدة من أجل وضع خطة استراتيجية إقليمية للتنمية. وعادت التنمية في الوادي الجديد وفي مناطق كثيرة بالصحراء الغربية من خلال مشروع استصلاح 4 ملايين فدان، الذي ستعتمد معظم أراضيه على المياه الجوفية، وخاصة خزان الحجر الرملي النوبي، مع الحفاظ عليها من التلوث الناتج عن استخدام الأسمدة والكيماويات في الزراعة، مع الحرص على اختيار المحاصيل ذات الاحتياجات المائية القليلة للحصول على أقصى استفادة من المخزون المائي بالخزان النوبي.