سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«سد نهضة جديد في الصحراء».. اتفاق «ليبى- تشادى» لحرمان مصر من مياه «الحجر الرملى النوبى».. الأمم المتحدة: 200 مليار متر مكعب من مياه الخزان غير مستغلة.. مطالب لحكومة محلب بسرعة توقيع اتفاقية معهم
«لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين» لكن ماذا إذا حدث ولدغ مرتين؟ بالتأكيد هناك خلل ما، فبعد أن لُدغت مصر من سد النهضة الإثيوبى مرة بات أن تحرص على أمنها المائي، وتحديدًا أن هناك لدغة جديدة يتم الإعداد لها فيما يعرف ب«خزان الحجر الرملى النوبي». «الخزان النوبي» تعول عليه دول «مصر، وليبيا، والسودان، وتشاد» آمالًا كبيرة في التنمية المستدامة بالصحراء الممتدة في مربع مساحته مليونى كيلو متر مربع يقع تحتها خزان «الحجر الرملى النوبي»، أكبر خزان مياه جوفية في العالم، ومن المنتظر أن يصبح رقمًا جديدًا في معادلة الصراع المائى العالمي، الذي دخلته مصر منذ التلويح بسد النهضة وحتى اكتمال 40% من أعمال تشييده. حسب تقديرات الأممالمتحدة، يحتوى هذا الخزان على 200 مليار متر مكعب من المياه، ويعد أمل التنمية في الدول الأربع، التي يقع الخزان على حدودها ويخضع للقوانين الدولية خاصة بالمجارى المائية المشتركة لكن منذ تدشين معمر القذافى «النهر الصناعى العظيم» بليبيا، تحولت الأمور إلى الأسوأ، مع تزايد الحديث عن الاستخدام العشوائى وغير المحسوب لمياه الخزان الأكبر في العالم، والذي يهدد سحب مياهه دون دراسات واتفاقيات مسبقة إلى فنائه وإهدار ثروة مائية كبيرة. وفى عام 2013، وقعت دول الخزان اتفاقية برعاية الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإطلاق برنامج العمل الإستراتيجى «SAP» لخزان الحجر الرملى النوبى المشترك، من أجل وضع إطار طويل الأجل للاستفادة من المياه الجوفية بالحوض. ويهدف البرنامج إلى تحقيق الاستخدام الأمثل والعادل لمخزون المياه، وتعزيز آلية التنسيق الإقليمية القائمة والمتمثلة في الهيئة المشتركة لدراسة وتنمية خزان الحجر الرملى النوبي، وتم تأسيس هيئة تضم الدول الأربع اتخذت من ليبيا مقرًا لها لإقامة دراسات عن الخزان، ولم يعلن حتى الآن عن قدرات الخزان أو نتائج تلك الدراسات. الأزمة الآن تكمن في اتفاق «ليبى – تشادي» لتحقيق مصالح مشتركة في الخزان بشكل مستقل بعد أن اتفقت الدولتان على وضع شريط فاصل بينهما عرضه 100 كيلو متر يمنع سحب المياه منها لتنظيم عمل الخزان فيها ولتستغل الدولتان مياه الخزان استغلالًا أمثل. ويصبح الأمر أكثر خطورة في ظل التوغل الإسرائيلى الملحوظ في تشاد حيث تتردد قوات إسرائيلية عليها من حين لآخر، وكانت مركزًا لضرب قوافل أسلحة متجهة من جنوب السودان إلى غزة عام 2008 بإيعاذ من أمريكا. أما العلاقات «الإسرائيلية – التشادية» فتعود إلى عام 1990، حينما بدأت إسرائيل في طلب عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وهو الأمر الذي تطور بعد ذلك في شركات إسرائيلية تعمل في المناجم التشادية لاستخراج الحديد وعدد آخر من الثروات الطبيعية لتلك البلاد. ووفقا للباحثة اليهودية يهودين رونين المختصة بالشئون الأفريقية بمعهد ديان لأبحاث الشرق الأوسط فإن الدور الإسرائيلى ينطلق من أدبيات دينية تؤكد أن أفريقيا هي قارة الثروات، ولذلك تم تقسيم الأمر إلى محورين الأول يشمل دول شرق أفريقيا إثيوبيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية، والمحور الثانى يشمل النيجروتشاد باعتبارهما أهم الدول التي تحوى ثروات معدنية. «الدكتور أحمد يوسف - رئيس مركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة» طالب الحكومة المصرية بالتحرك فورًا لإبرام اتفاق موحد بشأن استغلال مياه الخزان بين كل الدول، بدلًا من الاتفاقيات الثنائية، حتى لا تهدر مياه الخزان التي يعتمد عليها مشروع استصلاح 4 ملايين فدان تعول عليها مصر كثيرًا في إقامة مجتمعات عمرانية جديدة. وشدد على ضرورة تأسيس مجلس أعلى للمياه الجوفية لتقدير حجمها بمصر، وخصوصًا خزان الحجر الرملى النوبي، الذي يغطى أغلب مساحة الصحراء الغربية، ولا يعرف أحد حجم كميات المياه الحقيقية فيه أو صلاحيتها للاستخدام في الزراعة بسبب قلة الآبار المحفورة بالمنطقة، ونقص الدراسات وقِدم بعضها، موضحًا أن وزارة الرى تكثف دراساتها للإسراع في حفر الآبار هناك. أما الدكتور مغاورى شحاتة رئيس لجنة مقدرات المياه في الصحراء الغربية التابعة لوزارة الري، فأكد أن حوض الحجر الرملى النوبى يتكون من رمال وأحجار رملية تتبادل مع طبقات من الطين، ليخلق ما يسمى بالظاهرة الارتوازية أو المياه المحبوسة، ولذلك تظهر مياه في مناطق بها عيون وتنطلق منها المياه بسبب الضغط الذي يتعرض له. «شحاتة» أوضح أن مصير الخزان كان محل دراسة في ثمانينيات القرن الماضى من خلال مشروعات مشتركة بين دول الخزان وتعاون «مصرى - سودانى – ليبي»، وكانت تشاد بعيدة في تلك الفترة لعدم وجود دراسات لديها عن حجم المياه في صحرائها إلا أن ذلك المشروع توقف بسبب خلافات سياسية بين القذافى وجارته تشاد. وطالب مصر بالإسراع لجمع دول الخزان وتبادل البيانات المختلفة داخل كل دولة لتساعد على تحديد وتقييم المياه، منوهًا إلى ضرورة جلب السودان إلى تلك الاتفاقيات لأنها «لا تهتم» بها، وموقفها السياسي في تلك القضايا غير محسوب. رئيس لجنة تحديد قدرات المياه أكد أن المياه في منطقة الكفرة بسرت الليبية تضم 500 بئر، يبدأ منها النهر الصناعى العظيم بعمق ألف كيلو متر تختلف في خواصها عن منطقة شرق العوينات الواقعة فوق الخزان عن خواص مناطق الواحات الداخلة والفرافرة. لكن «مغاوري» لفت إلى أن الدراسات المصرية الخاصة بالخزان عند منطقة الحدود منعدمة، ما يماثل بعض مناطق الخزان في ليبيا غير أن تشاد ربما لا تملك أي دراسات في هذا الشأن رغم أنها من أكثر الدول فقرًا في المياه، وتحتاج إلى عون عاجل من مصر لعمل دراسات جادة حول خزان الحجر الرملى النوبى فيها وقدراته لتبدأ بعدها وضع سياسات واضحة حول استغلال الخزان وتحت رعاية دولية شاملة لتفادى تخريب الخزان، خصوصًا أن حركة المياه داخل الخزان تنتقل من اتجاه الجنوب الغربى في ليبيا والسودان إلى الجنوب الشمال الشرقى بمصر (الواحات). "نقلا عن العدد الورقي..."