-الليبيون كانوا يعتقدون فى وجود «نهر عظيم » تحت الأرض.. ولكن المشروع فشل بعد أن تكلف 45 مليار دولار! كشفت مصادر مسئولة فى وزارة «الرى والموارد المائية» معنية بملف المياه، عن أن ليبيا تقوم بسرقة المياه الجوفية من الصحراء الغربية، وتحديدًًا فى منطقة على الحدود ما بين محافظة «الوادى الجديد» فى مصر ومدينة «درنا» الليبية، حيث تسحب المياه الموجودة فى «الوادى» لاستخدامها فى مشاريع زراعية تنموية فى ليبيا، دون إبلاغ الجانب المصرى، مشيرًا إلى أن الحكومة المصرية تعلم ذلك جيدًا، ولكنها لم تتخذ إجراءات لوقف هذا التعدى السافر. وأكدت المصادر ل«الصباح» أن سحب المياه سيؤثر بطريقة مباشرة على مشروع مصر القومى الخاص باستصلاح 4 ملايين فدان، والذى سيعتمد بنسبة 90 % على المياه الجوفية، مشيرًا إلى أن منطقة الصحراء الغربية التى تضم «الوادى الجديد والفرافرة والخارجة». وردًا على ذلك قال الدكتور خالد وصيف المتحدث الإعلامى باسم وزارة الرى، أن « من حق ليبيا استخدام المياه الجوفية، كما تستخدمها مصر فى تنمية أراضى الظهير الصحراوى»، مشيرًا إلى أن مصر وليبيا وتشاد والسودان متجمعون فوق الحجر الرملى النوبى، والذى توجد أسفله هذه المياه الجوفية. وعن وجود اتفاقية بين الدول الأربع حول استخدام المياه الجوفية، أكد وصيف فى تصريحات ل«الصباح»، أن «هناك لجنة مشتركة من هذه الدول الأربع لتنظيم استخدام هذه المياه الجوفية، ولكن ليس لها اجتماعات محددة تُعقد بشكل دورى». وأكد وصيف أن «مصر لا تمتلك هذه المياه الجوفية وحدها بل هى جزء من مجموعة دول، تخضع لما يخضعون له من شروط فى هذا الصدد، ولها الحق فى استخدام المياه مثل غيرها، وكل دولة لها الحق فى استخدام المياه التى تقع على داخل حدودها، ولكن بما لا يضر بالدول الأخرى، ويعلم الجميع أن الخزان الموجود فى جنوب الصحراء الغربية يتغذى بمياه الأمطار والسيول، والتى كانت سائدة فى العصور المطيرة على مكاشف الخزانات الجوفية منذ ملايين السنين، وتوقفت التغذية فى العصر الحديث أى أن المياه الموجودة فى هذه الخزانات غير متجددة». وأشار المتحدث باسم وزارة الرى إلى أن «هناك العديد من المشاريع التى حاولت الاستفادة من هذه المياه الجوفية، ومنها مشروع النهر العظيم فى ليبيا، والذى يعتبر أضخم مشروع فى العالم يعتمد على المياه الجوفية، فقد كان الليبيون يعتقدون بوجود نهر عظيم تحت الأرض ويكفى لمئات السنين وقد فشل المشروع فشلًا ذريعًا بعد أن تكلف 45 مليار دولار، وهذا الفشل نتيجة لعدم الدراسة التفصيلية وعدم الإدارة السليمة وعدم تفهم ماهية أو طبيعة المياه الجوفية بالضبط. من جانبه، قال الدكتور نصر الدين علام وزير الرى الأسبق، أنه «لا يمكن إطلاق اسم (سرقة) على قيام دولة ليبيا الشقيقة بسحب المياه، فمن حقها الاستفادة من المياه الجوفية الموجودة فى الصحراء الغربية، لأن ليبيا ومصر تقعان على خزان مشترك تحت الأرض، وهو الخزان النوبى، والذى يضم أيضا كلًا من السودان وتشاد». وشدد علام فى تصريحات خاصة ل«الصباح»، على «ضرورة التنسيق بين هذه الدول الأربع لتكوين تجمع الهدف منه إقرار إطار تنظيمى لاستخدام هذه المياه الجوفية، خاصة أن ليبيا لها الحق فى استخدام تلك المياه لأنها تقع داخل أراضيها، ولكن ليس بطريقة عشوائية»، موضحًا أن هناك لجنة مشتركة مكونة من مصر وليبيا والسودان وتشاد، لهذا الأمر خصيصًا، ولكنها لا تجتمع بصفة مستمرة منذ حوالى 5 إلى 6 سنوات، لوضع اتفاقية للاستغلال الأمثل للمياه فى الإطار القانونى. وفى السياق نفسه، قال الدكتور مغاورى شحاتة خبير المياه الجوفية والجيولوجيا، ورئيس جامعة المنوفية الأسبق، إن «هناك خزانا يسمى (الحجر الرملى)، ويضم معظم الصحراء المصرية، وجزءًا من السودان وليبيا وتشاد، وهو متعدد الطبقات الحاملة للمياه الجوفية». وقال شحاتة ل«الصباح» إن سمك هذا الخزان يبلغ 1400 متر فى شرق العوينات، و900 بتوشكى، و1300 بالخارجة، و1500 بالفرارة، و300 بسيوة، مشيرًا إلى أن هذه الكمية من المياه الجوفية تكفى مصر 25 عامًا من الاستخدام، وهى قادرة على استصلاح آلاف الأفدنة بالصحراء الغربية، علما بأن وزارة الرى تستخدم هذه المياه بالفعل لأغراض الزراعة فى مشروعات مقامة بالوادى الجديد، وكذلك فى منطقتى «توشكى والمغرة». وعن استخدام ليبيا للمياه الجوفية المصرية، قال شحاتة «إن هناك واحة تسمى الكُفرة فى ليبيا، وهى فوق الحجر الرملى، وتحتوى التربة أسفلها على كميات كبيرة جدًا من المياه الجوفية المشتركة بين مصر وليبيا، ولكن ذلك لا يؤثر على حصة مصر من هذه المياه إلا فى حالة الاستخدام العشوائى فقط». وتابع «شحاتة» أن: «البعض يردد كلامًا عن وجود نهر عظيم مياهه جارية، مثل نهر النيل تحت سطح الأرض، وهذا بالطبع كلام عارٍ عن الحقائق العلمية، والمتخصصون فى المياه الجوفية يعلمون أن سرعة سريان المياه الجوفية تتراوح ما بين عدة سنتيمترات إلى 15 سنتيمترًا فى السنة».
ومن الوجهة الأمنية، قال مصدر عسكرى أن «الأوضاع المتوترة التى تسود ليبيا حاليا، وسيطرة الميليشيات العسكرية عليها، تجعل من الصعب التحدث فى مثل هذه الأمور»، لافتًا إلى أن هناك مفاوضات غير معلنة يرعاها الجانب المصرى، لوقف تلك المنازعات، ومؤكدًا على أهمية زيارة رئيس الوزراء الليبى لمصر، وذلك لبحث مسار سبل دعم علاقات التعاون الثنائى بين البلدين وعدد من القضايا التى تهم البلدين فى ظل الظروف الحساسة التى تشهدها المنطقة حاليًا».