في الوقت الذي انتفضت فيه الشعوب العربية والأوروبية للقرار المتهور الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بنقل السفارة الأمريكية إلى القدسالمحتلة والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، ومع اندلاع انتفاضة جديدة دفاعًا عن القدس والأراضي الفلسطينية وسقوط شهداء وعشرات المصابين جراء المواجهات مع شرطة الاحتلال، يبدو أن البحرين عازمة على تجاهل الأحداث المحيطة بها، إذ تسير في نهجها التطبيعي الذي يقوم على التقارب مع الاحتلال الصهيوني تحت أي ظروف. وفد بحريني في إسرائيل أفادت القناة الثانية الإسرائيلية، مساء أمس السبت، أن وفدًا من البحرين قام بزيارة رسمية علنية لإسرائيل، من المقرر أن تستمر 4 أيام، يلتقي خلالها بمسؤولين بالكيان الصهيوني، وأكدت القناة أن الوفد البحريني برفقة طاقم من الخارجية الإسرائيلية أجرى جولة ميدانية في مدينة القدسالمحتلة، دون الإفصاح عن الأماكن والمواقع التي زارها الوفد. وذكرت القناة أن زيارة الوفد البحريني الذي يضم شخصيات شيعية وسنية جاءت بإيعاز وتعليمات من ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، الذي حمّل الوفد رسالة تسامح للمسؤولين الإسرائيليين. رسائل استفزازية زيارة الوفد البحريني تبعث بالكثير من الرسائل الاستفزازية للشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية التي انتفضت غضبًا من قرار الرئيس الأمريكي الأخير، ويبدو أن البحرين اختارت أن تصم أذانها وتعصب عينيها عن الجرائم الصهيونية والمخطط الصهيوأمريكي الهادف إلى إسقاط الدول العربية واحدة تلو الأخرى. التطبيع البحريني الإسرائيلي وتعتبر البحرين المبادر الأول بالخطوات التطبيعية مع الاحتلال، وهو ما ظهر مرارًا في تبادل زيارات مسؤولين بحرينيين إلى الأراضي المحتلة والعكس، فضلا عن تصريحات الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، التي خرجت مرارًا في مناسبات مختلفة، فقد سبق أن أكد أن "إسرائيل قادرة على الدفاع ليس عن نفسها فحسب بل عن أصوات الاعتدال والدول العربية المعتدلة في المنطقة"، وشدد أثناء لقائه مع رئيس مؤسسة التفاهم العرقي في نيويورك الحاخام اليهودي مارك شناير، على أن "بدء بعض الدول العربية فتح قنوات دبلوماسية مع إسرائيل هي مسألة وقت فقط". وكان بن عيسى، قد شارك، في وقت سابق، في احتفال في مركز يهودي لإحياء ذكرى الهولوكوست في لوس أنجلوس، وقال حينها إنه يشجب مقاطعة الدول العربية لإسرائيل، وإنه سيسمح لمواطني البحرين بزيارة الدولة العبرية قريبًا، فيما زار وفد من رجال الأعمال اليهود في ديسمبر الماضي، البحرين، وتم استقبالهم بحفاوة غير مسبوقة، وبثت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية مقاطع فيديو تظهر أعضاء الوفد اليهودي وهم يؤدون رقصة "عيد الحانوكاه" في منطقة سار غرب المنامة، وقد شاركهم رجال أعمال بحرينيين الرقص وهم ويشعلون "الشمعة الأولى للعيد" على وقع أنغام تتغنّى ببناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى، وكان اللافت حينها دهشة اليهود من حجم الاستجابة لدى مضيفهم في البحرين، للرقصة المعروفة بأنها "ذات طابع ديني يهودي متطرف". تناقض عربي اللافت للانتباه والمثير للدهشة أن زيارة الوفد البحريني إلى الأراضي المحتلة، تأتي بعد تصريحات بحرينية أدانت القرار الأمريكي، والمشاركة في الجلسة الطارئة التي عقدها وزراء الخارجية العرب لبحث القرار الأمريكي، وأكدت المملكة أن القرار الأمريكي يهدد عملية السلام في الشرق الأوسط ويعطل جميع المبادرات والمفاوضات للتوصل إلى الحل النهائي المأمول، وأنه يعد مخالفة واضحة للقرارات الدولية التي تؤكد على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وضرورة عدم المساس بها، وعلى أن القدسالشرقية أرض محتلة يجب إنهاء احتلالها، فيما أكد بيان وزراء الخارجية العرب في الجلسه الطارئة، أمس السبت، أن القرار الأمريكي يعتبر شرعنة للاحتلال وإجازة فرض الأمر الواقع بالقوة، مضيفًا أنه يدفع الجامعة العربية لإعادة النظر في مسار عملية السلام. على الرغم من الإدانة البحرينية، فإن الزيارة التي أعقبتها إلى الكيان الصهيوني تثبت أن الإدانات العربية بشكل عام والبحرينية على وجه التحديد ما هي إلا بيانات رسمية نمطية لا تخرج عن إطار المسكنات لامتصاص غضب الشعوب. ارتياح صهيوني الزيارة البحرينية تعتبر استكمالًا لرد الفعل العربي الذي اتسم بالضعف والاستهانة والخزي، وهو الرد الذي عبرت إسرائيل عن ارتياحها بشأنه، حيث نقل موقع "المصدر" الإسرائيلي، أحد الأذرع التنفيذية لوزارة خارجية الاحتلال، أن هناك حالة من الارتياح الإسرائيلي إزاء ردود الفعل الرسمية العربية حول إعلان الرئيس الأمريكي، مشيرًا إلى أن السعودية مهتمة فقط بإيران، ومصر ترفض قيادة المعركة، وأشار الموقع إلى أن رد فعل مصر والسعودية كان معتدلًا نسبيًا، حتى لو كانتا تفضلان ألا يثير ترامب قضية حساسة مرة أخرى مثل القدس، فليس لديهما مصلحة في مواجهة الولاياتالمتحدة وإسرائيل في الوقت الراهن، وهو ما يتسق مع ما كشفته وسائل إعلام سعودية بشأن تعليمات أصدرها الديوان الملكي السعودي، تقضي بعدم إيلاء قضية القدس حيزًا كبيرًا في برامج القنوات التليفزيونية أو الإذاعية أو الصحفية، مع تحذير شديد للقائمين عليها، ووفقا لمراقبين، فإن المتابع للقنوات التليفزيونية الرسمية يرى الغياب عن مناقشة قضية القدس والانصراف نحو برامج اجتماعية ومنوعات.