بينما يسعى الكيان الصهيوني المحتل لتكوين اصطفاف إقليمي وعربي على حساب القضية الفلسطينية، يفتح عدد من الدول العربية وخاصة الخليجية ذراعيها للارتماء في أحضان الاحتلال، ووصل الأمر في البحرين إلى أن أصبح الاحتلال عصا النظام ضد مواطنيه. وزير التعاون الإقليمي في الكيان الإسرائيلي، تساحي هنغبي، المُقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وينتمي لحزب الليكود، قال إن البحرين واحدة من الدول العربية التي لها علاقات اقتصادية وأمنية متقاربة مع إسرائيل، ويتدرب فيها حاليًا عدد من قادة قوات مكافحة أعمال الشغب البحرينية بدورات خاصة. ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الإلكترونية الناطقة باللغة العربية عن الوزير الإسرائيلي، قوله إن إسرائيل تبحث عن سبل لتوسيع علاقاتها مع الدول العربية وحاليًا تربطها علاقات واسعة مع كثير منها، وستتزايد يومًا بعد يوم، خاصة أن زعماء الدول العربية لا يجدون في الآونة الأخيرة حرجًا من أن تظهر العلاقات العربية الإسرائيلية للعلن، بعد أن كانوا في الفترات الماضية يصرون على إخفائها، على حد تعبيره الوزير الصهيوني. في ذات الشأن، وصف هنغبي، العلاقات البحرينية الإسرائيلية بالطيبة، وتحدث عن إجراءات طبية خاصة للملك حمد بن عيسى آل خليفة وأسرته، عن طريق أطباء إسرائيليين، في تل أبيب كانت أو في المنامة، وأشار إلى أن زيارة الوفود الاقتصادية من التجار الإسرائيليين إلى البحرين تمت في الشهر الماضي بجوازات سفر أوروبية وأمريكية وناقشوا مع السلطات والتجار البحرينيين مواضيع استثمارية مختلفة. وكانت مجموعة من الشخصيات والتجار في البحرين قد استضافت قبل أيام وفدًا إسرائيليًا متمثلًا بحاخامات حركة "حباد" التي تُعد أكثر الحركات الدينية اليهودية تطرفًا وتحاملًا على العرب، وذلك للاحتفال بعيد "الحانوكاه" الذي يُعرف بعيد الأنوار، وكشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن حاخامات حركة "حباد" قدموا إلى المنامة بناء على دعوة من ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، وأبدت وسائل الإعلام الإسرائيلية اهتمامًا واسعا بالزيارة حينها، حيث عرضت قنوات التلفزيون والمواقع الإخبارية فيديو يظهر فيه بحرينيون وهم يرقصون إلى جانب الحاخامات في الحفل الذي أقيم في مدينة "المنامة"، وكان الرقص على إيقاع أغنية بعنوان "عام يسرائيل حاي"، أي "شعب إسرائيل حي". الحديث عن تطبيع سياسي واقتصادي وأمني بين الدول الخليجية والكيان الصهيوني، خاصة السعودية والبحرين، أصبح خبرا قديما لا يحمل أي جديد، لكن الجديد هو دعوة الملك لرموز التطرف اليهودي للاحتفال بالأعياد اليهودية، وتدريب قوات بحرينية على يد صهاينة لمكافحة ما يسميه النظام "شغب الشعب البحريني". الأنباء عن تدريب قوات بحرينية على أيدي الصهاينة لقمع مظاهرات الشعب البحريني، لم تكن الأولى التي تؤكد وجود علاقات أمنية بين الطرفين، فقد سبق أن كشفت تقارير صحفية ووثائق سربها موقع ويكيليكس في وقت سابق عن علاقات وطيدة تجمع بين آل خليفة وإسرائيل، حيث قدّم الإسرائيليون خدمات أمنية وعسكرية لمساعدة الخليفيين في قمع ثورة 14 فبراير، كما ظهر الخليفيون علنًا وهم يصافحون مسؤولين صهاينة في مناسبات مختلفة. العلاقات السياسية بين البحرين والكيان الصهيوني ليست وليدة العهد الحالي، بل هي علاقات تاريخية تعود إلى ما قبل 22 عامًا، وقد ظهرت جليًا في تبادل الزيارات واللقاءات بين المسؤولين من الطرفين، والتي بدأت مع زيارة وزير البيئة الإسرائيلي يوسي ساريد، للبحرين عام 1994، وزيارة المدير العام السابق في وزارة الخارجية الإسرائيلية رون بروساور، مبعوثًا من تسيبي ليفني عام 2007، فضلا عن اللقاءات بين وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، والرئيس الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريز، الذي وصفه آل خليفة، بعد وفاته بأنه "رجل حرب وسلام مازال بعيدًا عن الشرق الأوسط". يبدو أن نظرة قادة البحرين لإسرائيل تغيرت بحيث بات ينظر لها باعتبارها "حامي الدول العربية"، وهو ما ظهر في حديث ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، في مارس الماضي، عندما أكد أن إسرائيل قادرة على الدفاع ليس عن نفسها فحسب بل عن أصوات الاعتدال والدول العربية المعتدلة في المنطقة، ولفت آل خليفة، في حديثه أمام رئيس مؤسسة التفاهم العرقي في نيويورك، الحاخام اليهودي مارك شناير، إلى أن توازن القوى في الشرق الأوسط بين معتدلين ومتطرفين يستند إلى إسرائيل.