على الرغم من الأهمية الكبيرة والحاجة الماسة لوجود منظومة تعليم فني متطورة تخدم قضية الزراعة والإنتاج والتصنيع، فإن هناك الكثير من المعوقات التي تعرقل تطوير تلك المنظومة ومن ثم تلبية احتياجات سوق العمل، وهذا ما رصده "البديل" في العديد من المدارس الفنية بمحافظة الدقهلية. ففي المدرسة الثانوية الزراعية المشتركة بمدينة دكرنس، التي تعد أعرق وأقدم المدارس الفنية بالمحافظة وتضم مزرعة على مساحة 40 فدانا من أجود الأراضي الخصبة المنتجة، فإن ما تبقى منها لا يتعدى عددا من المباني يتقاسمها الطلاب والمدرسون والإدارة وتوجد بها بعض المعامل والورش المتبقية بعد أن أزيل الكثير من المباني منذ عام 1995 دون إعادة بنائها مرة أخرى، وفشل القائمون عليها، على مدار 22 عاما، في إلزام هيئة الأبنية التعليمية بإقامة مبان أخرى حتى يمكن إعادة بناء الورش والمعامل التي هدمت. الإنشاءات لم تكن هي العائق الوحيد أمام تطوير المدرسة، حيث تحاصرها جبال القمامة خاصة الموجود بالشمال الشرقي للمزرعة، والذي يرتفع لأكثر من 20 مترا وتنبعث منه أدخنة مستمرة محملة بالأتربة السوداء التي نتج عنها حرق 5 أفدنة تزرع موالح وفاكهة، ورغم استغاثات الطلاب ومخاطبات مدير المدرسة للمسؤولين لم يتحرك ساكن، وهذا بالإضافة إلى عدم وجود منافذ بيع لمنتجات المدرسة من عسل النحل ومنتجات الألبان وغيرها. وفي المدرسة الثانوية الفنية الزخرفية المعمارية بنين بالمنصورة، أكد أحد المسؤولين بها أن قسم الكهرباء وهو أحد أهم الأقسام، لا يعمل منذ سنوات، بسبب عدم استكمال أعمال الصيانة الشاملة وعدم توصيل كابلات الكهرباء من قبل المقاول، مشيرا إلى مخاطبة مدير المدرسة لهيئة الأبنية التعليمية بالدقهلية لاستكمال الأعمال، والرد بأن هناك مشكلات تتطلب أولا إنهاء التعاقد مع المقاول، ليظل القسم دون عمل والطلاب دون تدريب، والاكتفاء بالشرح النظري فقط في ظل تكهين الآلات، بالإضافة إلى تعطل منظومة الإطفاء بأقسام المدرسة المختلفة. وتعاني المدرسة الثانوية الفندقية المشتركة بالمنصورة التي تضم 1200 طالب وطالبة من عدم تشغيل مطبخ الفندق المخصص لتدريب الطلاب منذ بداية العام وحتى الآن بسبب أعمال الصيانة، فيما يكتفي الطلاب بالدراسة النظرية فقط، بالإضافة إلى تعطل طابور الصباح والأنشطة والرياضة منذ بداية العام الدراسي بسبب حفر فناء المدرسة لتركيب منظومة إطفاء متطورة، ولم ينته العمل بها لتباطؤ المقاول. ويضم الفندق المخصص للتدريب 27 غرفة و8 "سويتات" وقاعتين للحفلات ومخبزا بمختلف محتوياته لا يزال مغلقا هو الآخر. وقال مدير إدارة التعليم الفني بدكرنس وجيه أبو الفتوح، إن دكرنس بها 12 مدرسة تنتمي للتعليم الفني يدرس بها 10 آلاف طالب وطالبة، "وهناك مدارس بها إمكانيات حديثة وقادرة على التصنيع ولكن وفق القانون لن يمكن لنا المنافسة بسبب الضرائب الباهظة المفروضة على المشروعات الموحدة للمدارس الفنية وهي 32% مقسمة ما بين الضريبة الضميمية، وضريبة المبيعات، وضريبة ماكينات، وكل هذه الضرائب تخرج مشروعاتنا عن المنافسة بالأسواق المحلية". وأضاف ل"البديل" أن نظام الحساب الموحد الذي تم تفعيلة عام 2012 حدّ من شراء المنتج الخام والتعاقد الخارجي مع التجار، مما تسبب في غل يد المدرسة من تمويل مشروعات الطلاب. وقال مدير التعليم الفني بمحافظة الدقهلية عبد القادر إبراهيم، إن أعمال الصيانة الشاملة بالمدرسة الزخرفية مستمرة منذ 3 سنوات ولم تنته بالفعل، إلا أن هناك عشرات المدارس تم الانتهاء من صيانتها، وأضاف: أنا مع طلاب المدرسة الزراعية بدكرنس في المطالبة بمنافذ لبيع منتجاتهم من المواد الغذائية والطيور والمعجنات بأسعار أقل من السوق المحلي من أجل التنافسية، وخاطبت محافظ الدقهلية بشأن هذه الطلبات وأنتظر الموافقة.