بعد 11 عاماً من تغلغله، وبعد شوط كبير قطعه الطرفان في التباين والاختلاف في كل شيء، هل يمكن بتوقيع صالح العاروري رئيس وفد حماس، وعزام الأحمد رئيس وفد فتح، على ورقة تفاهمات بالقاهرة؛ أن نقول بأن الانقسام الفلسطيني قد انتهى؟ وإن كان عند البعض انتهى، فكيف؟. معظم الملفات العالقة يمكننا القول بأن هناك صيغة تفاهم عليها، ويُمكن إنجازها بوجود إرادة وضغط ومتابعة مصرية، هذا على صعيد الحالة والسيادة الداخلية وتمكين الحكومة والموظفين والمعابر وغيرها، ولكن ما نحن بصدده فعلياً، وما يمكن أن يصنف بأنه الجدار الأخير في وجه المصالحة، هو موضوع البرنامج السياسي المشترك، الذي يمكنه أن يجمع كل ألوان الشعب الفلسطيني وفق إستراتيجية معينة يتم التوافق عليها. يعني هل يمكن لفتح وحماس أن يتفقا على صيغة برنامج واستراتيجية وطنية مشتركة ؟ وإن تم فعلاً ذلك، فماذا يُمكن أن تكون هذه الإستراتيجية؟ كل فصائل العمل الوطني والإسلامي في الأراضي الفلسطينية تتبنى المشروع الوطني الفلسطيني المتمثل بدولة على حدود 67، ومن ضمنها حماس، لكن نقطة الاختلاف تتمثل في كيفية الوصول لهذا المشروع الوطني وتحقيقه على الأرض. هناك مسارين: أولاً المسار السياسي والمقاومة السلمية، الذي ينتهجه الرئيس أبو مازن وحركة فتح، وهذا طبعاً بعد أعوام من النضال والعمل العسكري والملاحم التاريخية، وهذا ما هو قائم بالضفة الغربية منذ إعلان حركة فتح حلّ ذراعها العسكري كتائب شهداء الأقصى، وبالتنويه بأن ذلك أيضاً لم يمنع حدوث العمليات الاستشهادية الفردية والارتجالية مثل عمليات الطعن وإطلاق النار. وثانياً، مسار المقاومة العسكرية، والذي تنتهجه بقية الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس في غزة تحديداً، وتابعنا الحروب والمواجهات الدامية مع الاحتلال طيلة حكم حماس لغزة. أيّ أن هناك نموذجين في الحكم، ونموذجين في المقاومة، ونموذجين في التعايش مع الصراع الفلسطيني، فهل يُمكن لفتح والرئيس أبو مازن، أن يعودا لنهج المقاومة ليتوافقا مع حماس، ويتم تشكيل نظام سياسي فلسطيني يقوم على المقاومة؟ أم حماس ستذهب لمربع أبو مازن في الحل السياسي والمقاومة السلمية وتسلّم سلاح المقاومة، أو تدمجه في المؤسسة الرسمية، كما حدث مع كتائب شهداء الأقصى في فتح. أعتقد بأن كلا السؤالين أصعب من بعضهما، ولا أبالغ لو قلت هناك إستحالة نوعاً ما! إذاً، ما الحل في ظل هذا التناحر واللاتناغم بين كافة الأطراف؟. كيف يمكن تطويع الجميع وفق آلية وطنية واحدة وإجادة إستخدام عنصر المقاومة للهدف السياسي؟. لا أستطيع أن أقول بأن الانقسام انتهى تماماً، لأن الانقسام ليس فقط موظفين ومعابر وكهرباء، هناك إنقسام وتباين جليّ في كل شيء. لا زلنا بحاجة للإجابة على الكثير من الأسئلة، ولا زالت هناك حالة من التيه لما يحمله المشهد السياسي من متغيرات قادمة، وهنا أقصد متغيرات على صعيد الصراع مع الاحتلال، وليس الصراع الداخلي، ولكن ما يُمكن التأكيد عليه، بأن حماس حتى اللحظة لا يمكن أن تتخلى عن سلاح المقاومة، وهذا حقّها كحركة تحرر وطني، وحق الفلسطينيين أجمع أن يقاوموا هذا المحتل، هذا ما أقّرت به كافة المواثيق الأممية، فطالما هناك احتلال، هناك بندقية. وفي نفس الوقت هناك إنجازات سياسية كبيرة حققتها الدبلوماسية الفلسطينية، على العديد من الأصعدة، كان آخرها قبول فلسطين كعضو في الإنتربول الدولي، وغيرها من القرارات الأممية والحشد العالمي للقضية الفلسطينية. كلا الخيارين نحتاجهما، نحتاج مقاومة، ونحتاج سياسة، و طالما هناك بندقية بلا إنجاز سياسي موازيّ، فهناك خلل، ولن يكون هناك أي تقدم في مشروعنا الوطني الذي ننشده، إلا بالوصول لصيغة برنامج وطني مقاوِم، يتوافق عليه الكل الوطني الفلسطيني. كاتب فلسطيني