أثار قرار الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بفصل من يثبت تعاطيه المخدرات، سجالا على الساحة الطبية، فبعض المتخصصين في الصحة النفسية يرون صوابية القرار، لكن وفق آليات محددة، وثمة جدلا من نوع آخر حول مدة الإقلاع عن التعاطي المقررة بشهر ونصف. وكان المستشار محمد جميل، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، أعلن مؤخرا، البدء في اتخاذ خطوات جادة وعملية لتطبيق نص المادة 177 من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، بإجراء التحليل الطبية الخاصة بكشف متعاطي ومدمني المخدرات من موظفي الجهاز الإداري للدولة. وحدد المجلس الطبي المختص الذي تجرى أمامه التحاليل، على أن يكوم بطريقة عشوائية، وسيشمل ثمانية تحاليل لأنواع المخدرات، وفي حالة ثبوت تعاطي الموظف، سيتم إلزامه بإعادة التحليل بعد مدة لا تقل عن 6 أسابيع للتأكد من إقلاعه عن التعاطي، لمنحه فرصة أخيرة لتصحيح مساره وتقويم أخلاقه وإقلاعه عن التعاطي، وفي حالة ما إذا كان التحليل إيجابيا في المرة الثانية، ستنتهي خدمته ويتم فصله فورًا ودون الحاجة إلى أي إنذار. وشمل القرار العمالة المؤقتة والمتعاقد معها؛ للتأكد من عدم تعاطيهم أو إدمانهم المخدرات، ويتم صرف النظر عن التعيين إذا ثبت إيجابية التحاليل؛ لفقد شرط الصلاحية لشغل الوظيفة، كما تضمن القرار بندا للتظلم والطعن على تقارير اللجان الطبية من قبل الموظف في حالة ما إذا كان سبب وجود المخدر في التحليل، تعاطيه لأدوية تحتوي على أي من المواد المخدرة أو غلط في نتيجة التحليل. وأحدثت مهلة شهر ونصف التي أقرتها الدولة للموظف الذي يتبين إدمانه للمخدرات قبل فصله جدلا واسعا على الساحة الطبية، حيث يرى بعض المتخصصين ضرورة مد الفترة إلى ستة أشهر قبل اتخاذ القرار بالفصل. وقال الدكتور عبد الرحمن حماد، رئيس وحدة الإدمان السابق بمستشفى العباسية، إن قرار إجراء التحاليل في المؤسسات وأماكن العمل في مجمله "صائب"، لكن يجب أن يتم وفقا لبروتوكول معين وتوضيح أسباب إجراء التحاليل؛ أهمها إنشاء بيئة عمل خالية من المخدرات، مشددا على ضرورة أن يحكم بسياسات واضحة؛ أي يتم إخطار الشخص قبل توظيفه بوضع شرط إجراء اختبار تحليل مخدرات. وأضاف حماد ل"البديل": يجب إجراء اختبارات مخدرات مع بعض المستجدات على الموظف، مثل التغيب بصورة متكررة، وأيضا بعد حادث معين كنشوب حريق في مؤسسة العمل مثلا، إلى جانب تحاليل بعد العلاج، مطالبا بضرورة إقامة ندوات مستمرة عن أضرار المخدرات وقوانين العمل، وإذا تبين تعاطي أحد الموظفين، يجب لفت انتباهه أولا عن طريق خصم الحوافر أو إعطائه تقارير أقل على سبيل المثال. ورفض حماد مسألة فصل الموظف بعد شهر ونصف فقط، قائلا: الفترة كافية لإقلاع شخص متعاطي وليس مدمنا، لذا أرى مدها لتكون ستة أشهر، إذا تبين أن الموظف مدمن، وتقسم جزأين؛ ثلاثة أشهر يحتجز للعلاج والتعافي، ويبدأ ممارسة عمله مرة أخرى في الثلاثة أشهر الأخرى مع ملاحظته، مضيفا أن اتخاذ إجراء الفصل بعد شهر ونصف فقط، يزيد من البطالة وفرص الاتجار بالمخدرات. وأوضح الدكتور علي الشامي، استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان، أن قرار إجراء تحليل لكشف تعاطي العاملين بالدولة، صائب؛ لأن مريض الإدمان غير القادر على التخلص من المواد المخدرة، شخص غير مسؤول وغير قادر على مساعدة نفسه حتى يستطيع مساعدة الآخرين وتحمل أعباء العمل، مضيفا ل"البديل" أن فترة شهر ونصف التي أعطتها الدولة كمهلة لأي موظف يتبين تعاطيه للمخدرات، كافية لسحب المادة المخدرة من الجسم، لكن الأمر لا يقتصر على سحب المادة المخدرة فحسب، لأن الإدمان يحتاج إلى وقت طويل، والمريض يحتاج إلى تأهيل نفسي مدة طويلة. وانتقد الشامي المطالبات التي تنادي بتعديل القرار ومد المهلة من شهر ونصف إلى ستة أشهر، قائلا إن الفترة كافية لأعراض الانسحاب، ومن غير المنطقي أن يبتعد موظف عن عمله لمدة 6 أشهر متواصلة، لأن ذلك يؤدي إلى قلة كفاءته، إلى جانب حاجة المؤسسة لموظفيها، مؤكدا أن من لديه النية للإقلاع عن المخدرات، مدة شهر ونصف كافية، ويمكن بعدها استكمال فترة التأهيل والعلاج.