كتب : محمد زهران- سيد عبداللاه- وسام حسين- محمد ربيع- جمال عبد المجيد- أحمد الانصاري- بسمات السعيد تخوفات كثيرة سادت مؤخرًا بين المواطنين مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، الذي يشهد إقبالا على شراء اللحوم بجميع أشكالها، خاصة لمحدودي الدخل غير القادرين على الأضحية، إذ كشفت الضبطيات المتعددة لمباحث التموين وهيئات الرقابة عن احتواء الأسواق كميات هائلة من لحوم الحمير والخنازير، غير أن المفاجأة الكبرى كانت العثور على لحوم أكثر من 60 كلبًا مذبوحًا ومعدًا للبيع بإحدى محافظات الصعيد. ضبطيات اللحوم الفاسدة طالت جميع المحافظات شمالًا وجنوبًا، ولم تتوقف عند ذبح الحيوانات غير المسموح بتناول لحومها فحسب، بل تم ضبط عشرات الأطنان من لحوم المواشي الفاسدة تارة، ومجهولة الهوية والمريضة تارة أخرى، ما جعل المواطنين في حالة من القلق المستمر، خاصة أن بعض المنافذ الحكومية التي تبيع اللحوم المجمدة عُثر بها أيضا على مخالفات جسيمة. "البديل" ترصد سلسلة المخالفات التي شهدتها المحافظات مؤخرًا، والتي كشفت عن تكدس الأسواق باللحوم الفاسدة؛ ففي محافظة السويس تم ضبط سيارة محملة بنحو200 كيلو من لحوم الخنازير مجهولة المصدر بكمين السويسالقاهرة، وكانت معبئة داخل أجوله، واعترف سائقها أنه قام بتحميلها من القاهرة لتسليمها إلى أحد التجار بالسويس تمهيدًا لتصنيعها وخلطها وبيعها في عيد الأضحي، كما ضبطت مديرية التموين والطب البيطري ربع طن من اللحوم الفاسدة أو مجهولة المصدر بالمحلات، كانت معدة لبيعها فى العيد واختلفت الضبطيات ما بين لحوم مصنعة ومفرومة ولحوم فاسدة ومريضة ومجهولة المصدر. بالانتقال إلى محافظة الإسماعيلية، كشفت الحملات عن وجود لحوم فاسدة بالجمعيات التعاونية، التي تشهد زحاما كبيرا من المواطنين للحصول على لحوم بسعر أقل من الأسعار المعلنة في المحلات، وتم مصادرة اللحوم بجمعية "حي أول التعاونية"، وكشفت العينات الأولية أن جميع اللحوم فيها لأبقار وخراف مريضة، ومعها لحوم مصابة بأورام، واعترض المواطنون على غلق الجمعية، حيث تشاجروا مع رجال التموين والطب البيطري، ومنعوهم من مصادرة اللحوم رغم تأكدهم أنها مصابة واُستدعت الشرطة للفصل بينهم وطمأنتهم بإحضار بديل لحوم غير مصابة لبيعها بالجمعيات، وحرر عن ذلك محضر برقم 4028 جنح أول ضد المسؤول عن الجزارة والجمعية وإخطار النيابة العامة. وفي محافظة الاسكندرية، اختلطت لحوم مجهولة المصدر ومنتهية الصلاحية مع اللحوم البلدية؛ إذ تم ضبط محل جزارة شهير بدائرة قسم ثالث المنتزة 292 كجم لحوم مستورد ة منتهية الصلاحية، و120 كجم كبدة وكلاوي مستوردة، و12 كجم سجق، و160 كجم دهون وأمعاء، جميعها بها تغير في الخواص الطبيعية وغير صالحة للاستهلاك الآدمي، وأيضا لم يختلف الأمر بقسم أول المنتزة؛ فتم ضبط كمية وقدرها 90 كجم كبدة مستوردة بها تغير في الخواص وغير صالحة للاستهلاك. أما عن الذبح خارج المجازر العمومية، تم ضبط 125كجم بمحل جزارة بدائرة قسم ثان الرمل يتاجر في اللحوم البلدية ذبيح خارج المجازر العمومية، ولم يتم الكشف الطبي البيطري عليها، كما تم ضبط لحوم مجهولة المصدر وغير صالحة للاستهلاك الآدمي بمخزن تجهير الوجبات لأحدى سلاسل المطاعم الشهيرة بقصد استخدامها في تصنيع المأكولات، وتقدر بنحو 183 كيلو من اللحوم مجهولة المصدر داخل أكياس غير مدون عليها أي بيانات تجارية وغير صالحة للاستهلاك الآدمي. الكارثة الكبرى كانت في محافظة أسيوط؛ عندما وردت معلومات إلى قسم شرطة المعلمين بوجود مجزر لذبح الكلاب الميتة وبيعها، وبانتقال الأجهزة الأمنية ولجنة من وزارة الصحة إلى محل البلاغ، عثر على 67 كلبًا مذبوحا و92 كيلو جراما من اللحوم الفاسدة، وألقت قوات الأمن القبض على صاحب المجزر، الشهير بالمعلم "كرشة" وعدد من العاملين بالمجزر، واعترفوا بتوريد إنتاجهم إلى سلسلة من المطاعم الشهيرة في أسيوط استعدادا لعيد الأضحى، كما تم ضبط 100 كيلو لحوم لعجل نافق بمركز أبوتيج قبل بيعها على أنها لحوم طازجة. وفي المنيا، سيطرت حالة من الاستياء بين المواطنين عقب عثور بعض المواطنين على سلخانة لذبح الحمير بمنطقة جبلية بالقرب من مدافن زاوية سلطان، ولم يستدل على أصحابها، أو عن مكان اللحوم التي بيعت بها هذه اللحوم، خاصة أن المحافظة شهدت في الأشهر القليلة الماضية ضبطيات كبيرة للحوم حمير في مناطق متفرقة أشهرها ضبط سيارة أمام أحد المنازل بقرية دير جبل الطير، وبها أعداد من الحمير، فى ساعة متأخرة من الليل، بصورة مثيرة للريبة، وتبين أن محتويات السيارة، كان سيتم تسليمها لأحد الأشخاص لذبحها وبيع لحومها للأهالي. كما تم ضبط جزار بقرية إسطال، التابعة لمركز سمالوط، أثناء بيع لحوم الحمير للمواطنين والمطاعم، وبمداهمة منزله، عُثر بداخله على200 كيلو لحوم حمير، وجلود 67 حمارًا تم ذبحها، كما ألقت مباحث التموين القبض على شخصين بقرية الجازي، بمركز العدوة، أثناء ذبح وسلخ وتقطيع لحوم عدد من الحمير، تمهيداً لبيعها للمواطنين على أنها لحوم بلدية. وفي محافظة سوهاج، سادت حالة من الخوف والقلق بين غالبية أهالي المحافظة بعد ضبط عشرات الدواب المسلوخة والمأخوذ أجزاء من لحومها بمنطقة الغابات الشجرية بالمنطقة الصحراوية بقرية الكولة بمدينة أخميم، لخوفهم من طرحها بالأسواق في هيئة لحوم مفرومة أو لحوم عادية، خاصة أن العديد من الجزارين يذبحون المواشي والأضاحي خارج المجازر، ما يزيد احتمال شرائها من قبل المواطنين لعدم معرفتهم نوع اللحوم المفرومة. وتمكنت إدارة مراقبة الأغذية بمديرية الصحة في سوهاج بالتنسيق مع مديرية التموين من ضبط أكثر من طن لحوم مجهولة، وغير صالحة للاستخدام الآدمي خلال الأيام القليلة الماضية في عدة ضبطيات متفرقة. لم تختلف الأحوال كثيرا بمحافظة الفيوم، فخلال الأيام الماضية تم ضبط عدة مزارع بمركز طامية، تضم أكثر من 1500 حمار ويقوم أصاحبها بتربية "الحمير" وذبحها وتوزيعها على عدد من الجزارين على أنها لحوم صالحة للاستخدام الآدمي، وأيضًا تم ضبط بعض الجزارين يجمعون العجول النافقة الفاسدة وبيعها بالأسواق، عوضًا عن قيام بعضهم بذبح الماشية المريضة، وهناك بعض الجزارين بالمحافظة ترتبط أسمائهم بتجارة ما يسمي ب"الوقيع". وشهدت محافظة الغربية أيضا، انتشار لحوم الحمير واللحوم الفاسدة بكميات كبيرة داخل الأسواق؛ إذ تم ضبط أحد الجزارين بمدينة كفر الزيات يذبح الحمير، بالإضافة إلى ضبط 5 آلاف و740 كيلو لحوم حمير مذبوحة بمدينة السنطة، وكذا التحفظ على 15 حمارًا مذبوحًا ومسلوخا بمدينة بسيون، ما أدى لإصابة الأهالي بحالة من الذعر بسبب انتشار ظاهرة ذبح الحمير وبيع لحومها في ظاهرة غريبة لم تشهدها المحافظة من قبل. وكانت مباحث التموين بالغربية، شنت حملة مكبرة منذ أيام قليلة لضبط اللحوم الفاسدة، التى تم ذبحها خارج المجازر العمومية وغير صالحة للاستهلاك الآدمي، وأسفرت عن ضبط ما يقرب من ربع طن لحوم فاسدة. وعن كيفية معرفة لحوم الحمير والكلاب، قالت شيرين زكي، طبيبة بيطرية بإدارة التفتيش على اللحوم بالاسكندرية: هناك بعض العلامات الواضحة التي تستطع من خلالها التفريق بين لحم الحمير ولحوم الماشية، فلحم الحمير غامق وطعمها سكرى إلى حد ما نتيجة لمادة الجليكوجين التى تحتويها عضلاتها، وعند سلقها يظهر بقع زيت متصلة ولزوجة فى الشوربة الخاصة بها، مضيفة: يوجد تجربة بسيطة نعرف من خلالها اللحم الفاسد من عدمه، وهي قطع جزء من اللحوم وتسخين طرف السكين على النار وملامسة الجزء الساخن للسطح المقطوع من اللحوم، وعند ظهور رائحة كريهة فهذا دليل فساد هذه اللحوم وأنها لحمير وغير صالحة للاستهلاك الآدمي. وحذر الدكتور نبيل مصطفى، مدير مجازر الفيوم، المواطنين من عمليات الذبح التي تتم خارج المجازر غير موثوق بها، مؤكدا أن القانون يجب أن يغلظ العقوبة على المخالفين، فالعقوبة الحالية 10 آلاف جنيه غير كافية ولا تعني شيئا للجزار الذي تربح وجني ملايين الجنيهات من تجارة اللحوم الفاسدة. وتابع مصطفى ل"البديل": يجب توعية المواطنين بتناول اللحوم المذبوحة داخل المجازر الحكومية وخطورة تناول اللحوم المذبوحة خارج المجازر، وضرورة التأكد من سلامة اللحوم المعروضة خلال فترة عيد الأضحى المبارك قبل شرائها، مشيرًا إلى أنه تم تشكيل غرفة عمليات مركزية بديوان عام مديرية الطب البيطري للرد على استفسارات المواطنين وتلقي أي شكاوى خاصة بالمستهلك على مدار ال24 ساعة. وائل جلال، رئيس جهاز حماية المستهلك بالفيوم، قال إن لحوم الحيوانات النافقة تؤدي إلى إصابة من يتناولها بأمراض الكبد والفشل الكلوي، وأن خطورة لحوم الحمير تكمن في أن المواطن العادي لا يستطيع التعرف عليها، أو الدكتور غير المتخصص في المجازر، نظرًا لأنها مشابهة للحوم العادية، لكن تظهر عليها بعض الأوصاف أثناء الطهي، وبعد السلخ تكون مشابهة للحمة "البقري"، لكن بعد طهيها يكون طعمها "مسكر"، وبعد الطهي تنتج طبقة من الزيت ثقيلة وبها مادة لزجه، ويكون لونها داكن أكثر من لحمة الحيوانات العادية مع أنها تكون أقل دهون لدرجة الانعدام. وقال الدكتور حاتم كمال، وكيل وزارة الطب البيطري بالغربية: ذبح الحمير أصبح ظاهرة منتشرة في كل المحافظات، الغرض منها الاتجار في الجلود وتصديرها إلي الصين ودول أخرى وبيعها بالدولار، وتشغيل هذه الجلود في استخدام الصناعات الجلدية واستخلاص بعض الكمياويات والمنشطات الجنسية، فالحالة المخيفة التي يعيشها الناس الآن، لأن الأزمة انتشرت بشكل كبير.