ما زالت الإدارة الأمريكية تبذل قصارى جهدها للحفاظ على تفوق وتقدم الاحتلال ودعم جرائمه بحق الفلسطينيين، الأمر الذي ظهر مؤخرًا في قرار اتخذه مجلس الشيوخ الأمريكي يوقف بموجبه المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية؛ لمعاقبتها على دفع مخصصات مالية لأسر الأسرى والشهداء الفلسطينيين، وهو القرار ذاته الذي كان قد صدق عليه الكنيست قبل أشهر قليلة. دعم أمريكي للجرائم الصهيونية أقرت لجنة بمجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون، أمس الخميس، تتوقف بموجبه مساعدات سنوية قيمتها 300 مليون دولار تقدمها الولاياتالمتحدة للسلطة الفلسطينية، حيث صوتت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بأغلبية 17 صوتًا مقابل أربعة، لصالح مشروع القانون المعروف باسم تيلور فورس، ويهدف القانون إلى منع السلطة الفلسطينية من صرف رواتب يمكن أن تصل إلى 3 آلاف و500 دولار شهريًّا إلى أسر الشهداء والمصابين والأسرى الفلسطينيين. من جانبه قال رئيس اللجنة من الحزب الجمهوري، وأحد رعاة مشروع القانون السناتور، بوب كوركر: لا يمكننا على الإطلاق القبول بمكافأة أعمال إرهابية؛ مثل تلك التي اختطفت حياة تايلور فورس، وأكد أن هذا التشريع سيجبر السلطة الفلسطينية على أن تختار إما أن تواجه عواقب تأجيج العنف، أو إنهاء هذه الممارسة المقيتة على الفور، مضيفًا: نأمل أن يحول ما حدث هنا بعد إقراره دون أن يلقى آخرون المصير ذاته، وربط السيناتور وقف إقرار القانون بتوقف السلطة الفلسطينية عن صرف ما أسماها مشرعون بأنها «مبالغ مالية تكافئ الجرائم العنيفة» وأضاف كوركر أنه واثق أن مشروع القانون سيتحول إلى قانون في الأشهر المقبلة، فيما عبر معارضو مشروع القانون عن قلقهم من أن يؤدي قطع المساعدات الاقتصادية عن الفلسطينيين إلى زيادة الفقر والاضطرابات في الضفة الغربية وغزة، مما يؤجج العنف ويشعل المواجهات ضد إسرائيل. في إطار الحشد الأمريكي للمزيد من الدعم للاحتلال، كتب 16 عضوًا جمهوريًّا وديمقراطيًّا باللجنة خطابًا إلى مندوبة الولاياتالمتحدة بالأمم المتحدة، نيكي هيلي، والمعروفة بعداوتها للفلسطينيين وتصريحاتها الداعمة للكيان الصهيوني، يطلبون منها أن تقود جهودًا دولية لتتخذ دول أخرى إجراءات مماثلة للقرار الأمريكي، الأمر الذي يظهر مدى الدعم الحثيث من قِبَل الإدارة الأمريكية للاحتلال الإسرائيلي. هذا القانون لم يكن الأول الذي تتخذه الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب ضد الشعب والسلطة الفلسطينية، حيث سبق أن أعدت الإدارة مرسومين ينصان على تقليص أو حتى إلغاء المساهمة المالية للولايات المتحدة في وكالات عدة تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية، وإعادة النظر في سلسلة من المعاهدات، ويطال ذلك أي منظمة منحت صفة عضو كامل للسلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير الفلسطينية، أو أي منظمة تدعم برامج الإجهاض أو تخالف العقوبات ضد إيران أو كوريا الشمالية. كما سبق أن حذر ترامب علانية السلطة الفلسطينية من مغبة التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة إسرائيل على خلفية قراراتها الاستيطانية، حيث نقل موقع هارتس الإسرائيلي، في فبراير الماضي، عن دبلوماسيين غربيين وعرب تأكيدهم أن إدارة ترامب هددت باتخاذ خطوات عقابية شديدة ضد السلطة في حال أقدمت على هذه الخطوة مثل وقف تام للمساعدات الأمريكية المُقدمة للسلطة، وإغلاق مكاتب منظمة التحرير في العاصمة الأمريكيةواشنطن، وإتخاذ خطوات شديدة أخرى من شأنها إن تلحق الضرر الكبير في مكانة وموقع منظمة التحرير الفلسطينية. انتقام ل«فورس» أم إرضاء للاحتلال؟ برر بعض المراقبين هذا القانون الأمريكي الداعم للاحتلال الصهيوني بحادثة مقتل الشاب الأمريكي تيلور فورس الذي كان يبلغ من العمر 29 عامًا، وكان طالبًا بالدراسات العليا في جامعة فاندربيلت في تنيسي، وقد عمل كجندي أمريكي سابق من مدينة لوبوك، بولاية تكساس، وخدم في العراق وأفغانستان، حيث سمي القانون على اسمه، وكان هذا الأمريكي يقضي إجازته في الكيان الصهيوني العام الماضي، عندما هاجمه فلسطيني وقتله طعنًا، فيما قتلت الشرطة الإسرائيلية حينها المهاجم، بينما ظلت عائلته تتلقى مبلغًا شهريًّا. على جانب آخر، رأى البعض أن هذا القانون جاء داعمًا لنظيره الإسرائيلي الذي صادق عليه الكنيست في يونيو الماضي، عندما أقر الكنيست بالقراءة التمهيدية مشروع قانون خصم المخصصات المالية التي تدفعها السلطة الفلسطينية لأسر الأسرى والشهداء والجرحى الفلسطينيين من أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل لمصلحة السلطة، وصوت على مشروع القانون الذي قدمه النائب اليعازر شترين عن حزب يش عتيد كل أعضاء الائتلاف الحكومي الإسرائيلي وعدد من أعضاء كتل المعارضة. في الإطار ذاته، حذرت مؤسسات حقوقية فلسطينية مرارًا من أزمة في المجتمع الفلسطيني في حال التعرض لحقوق معتقلين فلسطينيين لدى إسرائيل، وخصوصًا إذا رضخت السلطة الفلسطينية للضغوط الدولية وأوقفت مخصصات الأسرى والشهداء وعائلاتهم، حيث يتعرض الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، لضغوط أمريكية وإسرائيلية لوقف تلك المخصصات في سبيل إقامه اتفاق سلام جديد.