يعيش آلاف المواطنين بقرية الشرفا التابعة لمركز المنيا، حياة مرعبة؛ لوقوع منازلهم البسيطة التي بنيت بالطوب الأبيض وتفتقر لخدمات كثيرة، تحت سفح الجبل مباشرة، وبين منحدراته وصخوره منذ عشرات السنين، طامحين في حياة آمنة بدلًا من العشوائيات التي تملأ المحافظة شمالا وجنوبا. ويعد الجانب الشرقي لمنازل القرية، من أخطر المناطق التي يقطنها المواطنون بالمحافظة، إذ توجد كتل صخرية كبيرة بها تشققات قد تنهار مع الوقت أو سقوط الأمطار على المنازل التي تقع أسفلها مباشرة، وغالبيتها دون سقف، ما يهدد حياة المئات بالموت تحت أنقاضها. محمد محسن، أحد سكان القرية، الذين سكنوها قبل 40 عامًا، قال ل"البديل" إن جميع سكان الشرفا من البسطاء، والرجال والأطفال من سن الثانية عشر يعملون في الجبل والمحاجر بالأجرة اليومية، وتعد غالبية المنازل في حضن الجبل؛ فبعضها يقع تحت السفح، وبعضها الآخر يقع بين الصخور المتصدعة، وفئة ثالثة تقع أمام منحدرات خطرة تنذر بكارثة في حالة سقوط الأمطار، إذ يفتقد السكان بديلا للمنازل التي سكنوها منذ عشرات السنين، وكثيرًا ما يعانون من كوارث الجبل وما يحويه من حيوانات متوحشه، وثعابين تداهم منازلهم ليلًا ونهارًا. وتساءل محسن: "أين نذهب ونترك منازلنا في ظل الغلاء المستوحش بمدن المحافظة؟ فمتر الأراضي في بعض المناطق يتجاوز العشرين والثلاثين ألف جنيه، ونحن على أتم استعداد للنقل إلى أماكن أخرى أكثر أمانًا، بعيدًا عن العشوائيات ومشاكلها"، مطالبا الحكومة: "يجب أن تشعر بنا وتعمل على تحسين أحوالنا وإنقاذنا من الموت الذي قد يحدث في أي لحظة نتيجة لتشققات صخور الجبل". وقال علي أبو هاشم، عامل: "لسنا على قيد الحياة، فلا أمان داخل منازلنا أو خارجها، الجبل وصخوره وحيواناته تحاصرنا في كل اتجاه، فالقرية تبعد عن مدينة المنيا بحوالي 4 كيلومترات تقريبا، ولا نملك إلا قوت يومنا من خلال عملنا بالجبل تارة، أو مزارعين بقرى شرق النيل باليومية تارة أخرى"، مضيفا: "عاجلا أم آجلا سيأتينا الموت، وصخور الجبل ستسقط، لكن قضاء الله سيلطف بنا وبفقرنا". "الشتاء موسم الرعب والفزع".. هكذا بدأ عبد الله فرغل، أحد الأهالي، حديثه، مؤكدًا أن أشهر الشتاء وأمطاره تتسببان في حالة من التوتر والخوف المستمر لهم، نتيجة بناء منازلهم البسيطة بنظام "الحوامل" وليس الخرسانة، كما أن وقوعها أسفل سفح الجبل وعدة منحدرات أخرى، يجعل المياه تقتحم منازلهم، مثلما حدث في سيول التسعينات من القرن الماضي، بينما تكون الأزمة الأكبر للمنازل غير المسقوفة، التي يتركها أهلها ويتوجهون إلى أقاربهم بالجانب الغربي من القرية أو بالقرى المجاورة. واستنكر فرغل عدم اهتمام المسؤولين بالقرية، والعديد من قرى شرق النيل، وعدم متابعتهم لحالة الصخور والجبل الذي أصابه تشققات كثيرة بسبب استخدام المحاجر للقنابل والديناميت لتفتيت الصخور خلال الأعوام الماضية، ما أثر بالسلب على حالة منازلهم واستقرار أطرف الجبل، وظهرت به تشققات قد تتحول لكارثة إذا ما سقطت عليهم. وناشد الأهالي مسؤولي المحافظة ومديرية الإسكان، بإجراء عمليات فحص سريعة للمنطقة، والوقوف على حالة الصخور الجبلية المحيطة بهم، وإزالتها من عدمه قبل فوات الآوان.