لم يكد العراق يتذوق نشوة الانتصار على تنظيم "داعش" ودحر الإرهاب وتمتع أراضيه ببعض الأمان والاستقرار، حتى بدأ رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، التحضير للاستفتاء الذي يعتبر تمهيدًا لانفصال الإقليم عن الدولة والمقرر انطلاقه في 25 سبتمبر المقبل، وهو الاستفتاء الذي يهدد مستقبل وحدة العراق، وقد يكون الحلقة الأولى في سلسلة تفككه وتقسيمه على أساس مذهبي وطائفي. بارزاني إلى أوروبا غادر رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، برفقة وفد من المجلس الأعلى للاستفتاء، أمس الإثنين، مدينة أربيل، متوجهًا إلى أوروبا لدعم عملية استفتاء الاستقلال عن العراق، وسيترأس بارزاني، وفد الإقليم الذي من المقرر أن يعقد اجتماعات دبلوماسية في العاصمة البلجيكية بروكسل، لبحث مسألة الاستفتاء، حيث أعلنت رئاسة الإقليم أن الوفد سيعقد اجتماعات مع لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي ومقره في بروكسل، وعدد من المسؤولين في بلجيكا. تأتي محاولات حشد الدول الأوروبية التي يقوم بها رئيس الإقليم الكردي العراقي كحلقة في سلسلة محاولات مماثلة سابقة، حيث التقى بارزاني، قبل أسبوعين تقريبًا، بقناصل 7 دول عربية في الإقليم هي السعودية، والأردن، ومصر، والإمارات، وفلسطين، والكويت، والسودان، في محاولة لتأييد فكرة الانفصال عبر الاستفتاء، وشرح بارزاني، خلال لقاءاته، الصعوبات التي يعيشها الإقليم والتي دفعته إلى محاولة الانفصال، وفي أغسطس الماضي زار بارزاني تركيا أيضًا في محاولة لكسب التأييد التركي. وطالباني في إيران زيارة بارزاني إلى العاصمة البلجيكية بروكسل جاء بعد ساعات قليلة من زيارة قام بها رئيس الجمهورية العراقية السابق، والأمين العام لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني، إلى إيران، بناء على دعوة سابقة من طهران، حيث أكدت مصادر قريبة من طالباني، أنه وصل إلى طهران لقضاء فترة استراحة مع فريقه الطبي الذي يراقب وضعه الصحي بشكل مستمر، فيما أكدت مصادر في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني إن الرئيس السابق سيجري خلال فترة استراحته في العاصمة طهران لقاءات رسمية مع المسؤولين الإيرانيين، ورجح مراقبون أن يدور الحديث هناك عن الاستفتاء المزمع عقده والذي تعترض عليه إيران فيما يقف حزب الاتحاد الوطني حائرًا فيه بين الموافقة والرفض. تأتي هذه الزيارة بعد موافقة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني على إجراء الاستفتاء، حيث أكدت رئيسة كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في مجلس النواب آلاء طالباني، قبل أسبوع، أن قيادة الاتحاد الوطني مع إجراء الاستفتاء من أجل الاستقلال شريطة تفعيل برلمان إقليم كردستان، وقالت طالباني: إننا كقيادة الاتحاد نطالب بإجراء الاستفتاء في إقليم كردستان والمناطق المتنازع عليها من أجل الاستقلال ومع تفعيل برلمان كردستان من أجل توحيد الصف الوطني، وأشارت إلى أن الاتحاد يؤيد الاستفتاء ومُصر على ضرورة أن يكون القرار صادرًا من برلمان كردستان، وبإجماع كل الأطراف السياسية، وأوضحت أنه من الضروري أن يكون الاستفتاء وسيلة لتوحيد البيت الكردي الداخلي كي نبين للأطراف العربية والتركمانية أن الكرد يطالبون بصوت واحد بإجراء الاستفتاء وحق تقرير المصير. على الرغم من إبداء الحزب الموافقة على إجراء الاستفتاء، فإن الأنظار اتجهت إلى إيران لتنتظر ما ستسفر عنه زيارة طالباني، لطهران ولقاؤه مع مسؤولين إيرانيين، ورجح الخبير في الشؤون الإيرانية مصدق بور، أن يؤكد جلال طالباني خلال زيارته إلى طهران رفضه للاستفتاء في إقليم كردستان، وهو ما سيضع مشروع الانفصال الذي يخطط له رئيس الإقليم مسعود بارزاني في موقف حرج داخل البيت الكردي، خاصة أن هذا الاستفتاء وسع الفجوة الموجودة منذ سنوات بين الأطراف السياسية في العراق، حيث اتفق رئيس إقليم كردستان مسعود بازراني، في اجتماع مع الأحزاب السياسية في يونيو الماضي على إجراء استفتاء استقلال الإقليم في 25 سبتمبر المقبل، وسط مقاطعة حركة التغيير والجماعة الإسلامية، واعتراض الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي، وتباين موقف حزب الاتحاد الوطني. ويرى مراقبون أن زيارة طالباني إلى إيران في هذا التوقيت بالتحديد جاءت لغرض إرسال رسالة سياسية إلى بارزاني، الذي يحشد التأييدات لاستفتائه، مفادها أن موقف طالباني يماثل الموقف الإيراني من هذا الاستفتاء، والذي عبر عنه المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، قبل أيام خلال استقباله رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، حيث قال خامنئي حينها إن الجمهورية الإيرانية كجارة للعراق تعارض إجراء استفتاءٍ لانفصال جزء من العراق، وتعتبر مَن يثير هذا الأمر ضد استقلال وهوية العراق. لهذا الغرض وصف ائتلاف دولة القانون زيارة طالباني إلى إيران بأنها خطوة بالاتجاه الصحيح، وقال النائب في الائتلاف محمد الصيهود، إن التحديات التي تواجه إقليم كردستان جراء تفرد عائلة بارزاني في الحكم دعت الرئيس السابق جلال طالباني، إلى زيارة "الشقيقة" إيران، وأضاف الصيهود: الزيارة ستبحث الاستفتاء المزمع عقده، داعيًا الزعيم الكردي جلال طالباني، إلى الحد من التصرفات التوسعية للأسرة الحاكمة بالإقليم، مؤكدًا أن الاستفتاء غير شرعي، وهناك رفض واسع لإجرائه في المناطق المتنازع عليها، وأضاف: لطالما رفضت جميع الدول إجراء الاستفتاء بدءًا من الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي، وانتهاءً بالأمم المتحدة. في المقابل، رأى البعض أن زيارة طالباني إلى إيران لا تعني بالضرورة أن الأخير تبدلت وجهات نظره، بل أرجعوها إلى محاولة منه لإقناع حليفته المقربة بأهمية هذا الاستفتاء، وهو ما قاله النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي، الذي أكد أن زيارة الأمين العام لحزب الاتحاد الوطني إلى طهران هي لإيضاح بعض الأمور المرتبطة بالاستفتاء، وأوضح شنكالي، أن طالباني مع إجراء الاستفتاء في الإقليم كونه يحقق رغبات الشعب الكردي ويحل أغلب المشاكل العالقة.