الاحتلال العسكري هو عملية استيلاء جيش دولة ما على اراضي دولة ما .. جزء منها او كلها ، ذلك التعريف البسيط يظهر حقيقة ما تعيشه مصر منذ 23 يوليو 1952 فهناك قوات عسكرية تحركت من ثكانتها منذ ستون عاما لتسيطر على الدولة بكامل طولها وعرضها لا مجال لتبرير تحرك الضباط للاطاحة بحكم ملكي مستبد او لغيره نحن نرصد حقائق ادى تراكمها الى ما نحن فيه الان . حقيقة الاحتلال لا تتجلى فقط من مظهر بذلات جنرالات المجلس العسكري المتماهي تماما مع مظهر بذلات جيش الاحتلال الانجليزي لمصر ، نحن امام دولة مستقلة تماما بكل اعمدتها فهناك عامود القوة العسكرية والتي تتكون من قوات ما بين برية وجوية وبحرية بالاضافة الى قوات الشرطة وجحافل الامن المركزي ولها ايضا عامود اقتصادي غير بعيد عن الشارع متجليا في مصانع للمكرونة والجبنة ومحطات الوقود والدواجن والنوادي والدور حتى بيع المياه المعدنية وعامود سياسي من زمن الديكتاتوريات العسكرية وهي مؤسسة سياسية تضم رجالا في سن العجز تحكم البلاد دون منازع هي المجلس العسكري وذراع اعلامية تمجد دور القوات المسلحة في الدولة في نفس الوقت التي تنتقد فيه هذه الذراع الحال المزرية للمواطن كما تسيطر دولة الاحتلال بزرع بعض عملائها من رجال القوات المسلحة السابقين في مواقع سيادية في الدولة التي يحتلونها فستجد الجنرال المحافظ والجنرال رئيس الحي والجنرال رئيس شركة المياه والجنرال وزير البيئة وهكذا ،انها دولة العسكر المستقلة قوة الاحتلال مهما كبر عددها وفاقت قوتها تدرك جيدا صعوبة السيطرة على الامور وحدها كما انها لا تملك الشرعية التي تمكنها من الاستقرار لتحقيق اهداف الاحتلال واستنزاف موارد البلد المحتل باكبر قدر من الهدوء واستمرار سلطة الاحتلال لاطول فترة ممكنة لذلك سرعان ما يلجأ المحتل الى التحالف مع قوى محلية يرفعها فوق الشعب ولكنها لا تصعد ابدا الى منزلته تقوم تلك القوى بدور المحلل الشرعي للمحتل تتحدث دائما عن خارطة طريق للجلاء او اتفاقية استقلال او حتى معارضة قوية لسياسة المحتل ولكن دون ان يصاب المحتل باي تأثير محافظا على مصالحه كما هي ، ولا يشترط ان تكون القوى السياسية المتعاونة مع الاحتلال – المحلل – قوى خائنة او عملية بل يمكن ايضا ان تكون قوى وطنية لديها مشروع اصلاحي ذو رؤية ضيقة للخروج من ما يمكن ان يكون ازمة سياسية ، ففي تصور تلك القوى فالاحتلال هو حالة ازمة سياسية يمكن معالجتها بالاصلاح ودائما ما يكون الطرف الاخير في اللعبة هو الشعب الذي يدرك جيدا ان هذا محتل وذاك خائن وعميل وبعد مرحلة الادراك يختار الوسيلة التي تمكنه من تحقيق الاستقلال ربما ينزل الى الشارع في مظاهرات سلمية وربما يعلن العصيان المدني وربما يرفع السلاح ليؤرق وجود المحتل ويهدد مصالحه وكلها وسائل يمكن توصيفها بانها تصرفات خارج اطار القانون الذي يدعمه المحتل اذن فهي ثورة شعبية تريد اجلاء المحتل والوصول الى السلطة لتغيير النظام بشكل قاطع حالة الارتباك التي نعيشها يوميا بسبب ضربات متتالية موجعة من ماسبيرو الى الان تحتم علينا اعادة صياغة المشهد الثوري والذي يضم بعض القوى التي ترى الى الان ان الموضوع خناقة بين اهل وحبايب – الثوار والمجلس العسكري -، والغريب ان ما يحدث يوميا لا يحتاج الى تحليل عميق للوصول الى اننا في مواجهة سلطة احتلال عسكري التعاون معها بعيدا عن تطلعات الشعب الثورية يعد خيانة فلا يمكن تصور ان الهتاف بسقوط المجلس العسكري داخل مجلس الشعب عمل ثوري او الاعتصام داخل مجلس الشعب عمل ثوري ، العمل الثوري يحتم العودة الى صفوف الجماهير فورا ودون حسابات وعدم اعطاء غطاء شرعي لمحتل يرغب بالتاكيد في معارضة وهمية من نوع الاعتصام والزعيق . ويجب ان ندرك تماما اننا احرار ولا نحتاج ان ندافع او نبرر الطرق التي نختارها لمواجهة المحتل ، لا يجب ان نقف عند تعريفات البلطجة وحرمة رمي الطوب والمولتوف يجب ان يعاد صياغة المشهد تماما وبوضوح فبعد عام على قيام الثورة نحن امام سلطة احتلال وليست سلطة وطنية نرغب في اصلاحها فالمنطقي ازاحة الاحتلال وليس تقويمه واصلاحه . الموضوع لا يعد مقارنة او تشبيه او مقاربة بين وضع تعيشه مصر الان وبين وضع عاشته مصر من قبل الفكرة هي توصيف لحالة يعيشها شعبنا تجعله على اعتاب اعادة صياغة للثورة من جديد وتمكنه من الاختيار وبكل حرية الوسائل التي تمكنه من ازاحه الاحتلال باي طريقة ممكنة . كاتب وسيناريست مصري [email protected]