في مشهد يؤكد مدى النفوذ والتوغل الصهيوني داخل إفريقيا، يشارك رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قمة غرب إفريقيا، والتي من المقرر أن تبدأ غدًا الأحد في ليبيريا، بحضور عدد من رؤساء وقادة دول غرب القارة، فيما يعد ذلك محطة صهيونية رئيسية في الانتقال من التحرك السري والاستخباراتي داخل القارة السمراء، إلى التحرك العلني والمباشر، الأمر الذي من شأنه أن يهدد مصالح العرب ودول الشرق الأوسط. وتأتي مشاركة نتنياهو في ضوء دعوة رئيسة ليبيريا إلين سيرليف لحضور القمة، بصفتها رئيسة البلد المستضيف، فيما أغضبت الدعوة دولًا أخرى لم تغير نظرتها للكيان الصهيوني بصفته محتلًّا لأرض عربية، وبين هذا وذاك يؤكد مراقبون أن المشاركة تبقى في حد ذاتها صفعة على وجه المنطقة العربية بأكملها التي فشلت في تقييد التحركات الصهيونية، الأمر الذي نتج عنه توسيع نفوذ الاحتلال. ورغم أن أغلب الدول الإفريقية كانت قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع الاحتلال الإسرائيلي بعد حروبه مع الدول العربية في الأربعينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، بدا واضحًا في العقود القليلة الماضية استغلال الاحتلال الكثير من الظروف، لينفذ باقي الاستراتيجية التي بدأت بتحركات سرية وسياسية في محاولة لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع دول القارة، حتى وصل في الفترة الأخيرة إلى الكشف، بكل وضوح، عن أهداف هذه التحركات، مؤكدًا أن خطته السياسية المستقبلية هي تحويل الدول الإفريقية إلى عامل مساعد للكيان الصهيوني في المحافل الدولية. تلك السياسة التي ربما تتوج باتفاقيات اقتصادية وعسكرية وسياسية بين الاحتلال الصهيوني ودول غرب القارة، بحسب ما أعلن عنه في الصحافة الصهيونية قبل الزيارة، كانت قد كشفت رسميًّا من جانب الحكومة الصهيونية في فبراير الماضي، عندما عقد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعًا استثنائيًّا مع سفراء كيانه في دول إفريقيا، بهدف تفعيل التحركات الصهيونية في القارة، مطالبًا بالعمل على تحويل الدول الإفريقية إلى أغلبية تلقائية لصالح إسرائيل في الأممالمتحدة. يشارك في عضوية منظمة «الأكواس» التي تضم دول غرب القارة، أربع عشرة دولة هي «ساحل العاج، وبنين، ومالي، وبوركينا فاسو، والسنغال، والتوجو، وغينيا بيساو، والنيجر، ونيجيريا، وليبيريا، وسيراليون، وغامبيا وغانا، وجزر الرأس الأخضر»، ورغم أن هناك دولًا مازالت تحمل العداء للكيان الصهيوني بهذه المنظمة كالسنغال التي أعدت مشروعًا في مجلس الأمن لإدانة المستوطنات الإسرائيلية بعدما سحبته القاهرة، ومالي والنيجر اللتين لا تقيمان علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، إلَّا أن حضور الاحتلال في القمة يعني انتصار معسكر التطبيع مع الكيان على المعسكر الآخر، مما يدعم إسرائيل في تحقيق مخططاتها الداعية إلى اعتراف جميع دول القارة الإفريقية به. ولم تكن تلك الزيارة هي الأولى لرئيس الاحتلال الصهيوني إلى إفريقيا، حيث تعد الثانية في أقل من عام، فقد اجتمع نتنياهو مع زعماء سبع دول في شرق إفريقيا خلال جولته بأوغندا وكينيا ورواندا وإثيوبيا في يوليو الماضي، كما أنه من المتوقع أن يزور في أكتوبر المقبل توجو التي برزت مع رواندا، باعتبارهما أصدقاء للكيان الصهيوني في إفريقيا، بحسب الصحف العبرية، لحضور قمة افريقية إسرائيلية متوقع أن تجذب قادة حوالي 25 دولة بجميع أنحاء القارة. ووفقًا لوسائل إعلام صهيونية، فإن تلك الزيارة ستكون إعلانًا واضحًا وصريحًا عن التوجه السياسي والاقتصادي لإسرائيل بالقارة الإفريقية، فمن المفترض أن يوقّع نتنياهو عدة اتفاقيات اقتصادية مع عدد من دول المنظمة بمجالات الزراعة والموارد المائية والتجارة والتعليم والصحة والأمن والطاقة والعلوم، كما سيجري مباحثات مع عدد من رؤساء هذه الدول، كما يرافق نتنياهو كلًّا من وزير الطاقة، يوفال شتاينتس، ووزير الزراعة، أوري أرئيل، ونائبة وزير الخارجية، تسيبي حوتبلي، وعضو الكنيست الليكودي، أفرام نيجوسا. ورغم أن حضور نتياهو قمة غرب إفريقيا بعد دعوته يعد في حد ذاته أمرًا مفاجئًا يتخطى كل التوقعات، ولا يمكن وصفه بأقل من أنه بالغ الخطورة، ويحمل في طياتها الكثير من الدلائل والمعاني، إلَّا أن رئيس وزراء الاحتلال يستهدف من هذه الزيارة أمورًا أخرى تتعدى حد اللقاءات والاتفاقيات الثنائية، حيث يستعد الاحتلال لاستغلال علاقته بالقارة الإفريقية لإحراز مكاسب في معركته مع الفلسطينين في المحافل الدولية، وهو ما أظهره رئيس وزراء الاحتلال خلال اجتماعه بسفراء كيانه في فبراير الماضي، عندما قال بحسب موقع موقع «إن. أر. جي» الصهيوني أشار إلى أن هناك 54 دولة بالقارة، وفي حال نجحوا في تغيير طبيعة عملية التصويت التي تجري بالأممالمتحدة، فإن الكيان الصهيوني سيستطيع أن يمتلك أغلبية تلقائية تصوت لصالحه.