لا يزال انهيار أسعار النفط منذ عام 2014 يؤثر على الشرق الأوسط، فقد سبقها عشر سنوات من ارتفاع الأسعار، قبل عامين من الأزمة المالية التي لا يزال أثرها على المنطقة. من المتوقع أن يتباطأ النمو في دول الخليج بنسبة 0.9% هذا العام، مقارنة ب2% في عام 2016، وسط محاولة مصدري النفط بخفض الصادرات لمواجهة انخفاض الأسعار. يرى الاقتصاديون علامات الانتعاش الاقتصادي، كما يتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع نسبة نمو القطاعات غير النفطية بنسبة 3% في عام 2017، مقابل 2% في العام الماضي، حيث تتطلع السعودية والإمارات لتعزيز النمو من خلال تقوية العلاقات التجارية مع الولاياتالمتحدةوالصين. تحتاج السعودية، أكبر اقتصادات المنطقة لتعزيز الانتعاش الاقتصادي بعد عامين من خفض النفقات المحلية لتغطية عجز الموازنة، وتتجه الآن لفتح مجالات جديدة من الاستثمار والتجارة. خص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السعودية لتكون وجهته في أول زيارة خارجية منذ تولي منصبه، وعقد صفقات تصل قيمتها إلى 380 مليار دولار، بما فيها صفقة الأسلحة بقيمة 110 مليار دولار. بموجب هذه الاتفاقات، ستشتري السعودية السلع الأمريكية، بما فيها النفط، بجانب استثمار 20 مليون دولار في صندوق البنية التحتية الأمريكي، كما تسعى المملكة إلى تدفق رؤوس الأموال لاقتصادها الخاص، وتفتح الحكومة السعودية أبوابها على نطاق واسع لتعزيز الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، والمعرف باسم رؤية 2030. تتجه السعودية أيضا نحو الشرق، حيث تسعى لتنويع قاعدتها الاقتصادية بعيدا عن الاعتماد التقليدي على حلفائها الغربيين، لذلك توجه العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، في مارس الماضي إلى الصين لإبرام صفقات بقيمة 65 مليار دولار، بما فيها خطط لتطوير معامل التكرير والبتروكيماويات، وتحاول الصين الموازنة بين مصالحها في الشرق الأوسط والمحافظة على علاقتها مع إيران، عدو السعودية. وكانت زيارة الملك سلمان إلى الصين، جزء من جولة آسيوية ضمت اليابان وإندونيسيا، كما حصلت الزيارة على اهتمام باقي دول الخليج، التي تبحث أيضا عن علاقات تجارية أكثر عمقا مع الصين؛ ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، الشريك التجاري الرئيسي لدبي بنسبة 13% هي الصين، تليها الهند بنسبة 7.4%، أما الولاياتالمتحدة بنسبة 6.7%. وتتطلع دبي نحو الصين على أمل المشاركة وتسهيل طرق تجارية جديدة مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم بين آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا إلى أوروبا، واجتذبت "المناطق الحرة" الناجحة في الإمارات، التي توفر شروطا تفضيلية لشركات للأعمال القائمة هناك، عددا كبيرا من الشركات الصناعية والتكنولوجية الصينية. يسعى مركز دبي المالي العالمي لوضع نفسه في مركز المرور التجاري بين اقتصادات الدول الناشئة، وقال المركز إن عدد الشركات المسجلة في عام 2016 بلغ ألفا و648 شركة، مقابل ألف و455 شركة في عام 2015، وشمل ذلك زيادة بنسبة 10٪ في عدد الشركات المالية. كما تسعى الإمارات أيضا إلى الاستفادة من مشروع "حزام واحد.. طريق واحد" الذي ترغب الصين في بنائه لإعادة ربط الطرق البرية والبحرية بالصين، في آسيا وإفريقيا وأوروبا. وافتتح البنك الزراعي الصيني، أحد أكبر المقرضين الصينيين، فرعا في دبي عام 2013، مما يقدم إسهاما جديدا في التجارة والتعاون بين البلدين. تلعب دبي دورا مهما في جذب المزيد من الشركات الصينية والمؤسسات المالية، كما أن لها وضع محوري على طرق التجارة البحرية الصينية الجديدة. تقتنع دول الخليج بأن أسعار النفط لن تعود إلى أسعارها الطبيعية، حيث أكثر من 100 دولار للبرميل، وبالتالي فقد آن الأوان لتنويع اقتصادها، وفي نفس الوقت تعود هذه الخطوة بالنفع على الصين لتزايد طلبها على النفط السعودي والذي هو بأرخص الأسعار الآن، كما تعتزم بكين ربط الصين بأوروبا من خلال تطوير البنية التحتية في المملكة الصحراوية. المقال من المصدر: اضغط هنا