«مدد يا مولانا يا حسين.. مدد يا ابوزين العابدين.. مدد مدد.. مين اللي ينكر فضلك مين.. يا ابن بنت رسول الله.. شبه الحبيب أصل وصورة.. به المكارم منصورة.. علشان كده على المقصورة.. أمم تروح وأمم جايين.. كل الوفود جايه وهلا.. من نور حبيبها بتتملى لما النبى سره تجلى.. اتهنت الروح ويا العين.. سؤال لجدك طمني.. عند المقام أنا مستنى.. ده المغرمين واقفين ع الباب.. يا صاحب الأنوار يا حسين». رمضان في رحاب الحسين أجواء رمضانية خاصة تميز مسجد الإمام الحسين ويأتيه المصلون من كل مكان في الشهر الكريم، ونجد أن الفقراء يقبلون عليه لتناول الطعام في موائد الرحمن التي يتولاها أهل الخير في هذا الشهر، حيث يتجمع كل هؤلاء قبل موعد الإفطار في الساحة المحيطة بالمسجد، وبعد انطلاق أذان الفطر يقبلون على صلاة المغرب ثم الذهاب إلى الضريح للدعاء في خشوع تام وتجد الدموع تسبق دعاءهم. المصريون يعشقون أهل البيت، ويحرصون دائمًا على زيارتهم على مدى العام، والغالبية العظمى يسعون إلى الالتزام في الصلاة التراويح بأحد تلك البيوت، لما فيها من روحانيات خلال شهر رمضان، والإمام الحسين هو رمز للتضحية عند المسلمين، لذلك فهو يحتل مكانة خاصة في قلوبهم، وتقام حلقات الذكر والمديح بصفة مستمرة في رمضان ويشارك فيها الجميع من المحافظات كافة. بعد الانتهاء من حلقات الذكر وتلاوة كتاب الله وترديد الابتهالات والتواشيح الدينية، تجدهم يتجولون في ميدان الحسين الذي يتزين بالأضواء والزينة في رمضان، وتبقى المحلات مفتوحة إلى وقت متأخر من الليل حتى موعد صلاة الفجر، لتجد هذا الحي مزدحمًا طوال الشهر بمريدي البيت، رمضان في رحاب الإمام حسين له طابع مميز للذين تعودوا على الذهاب إليه في هذا الشهر من كل عام. داخل حي الحسين يعود تاريخ بناء مسجد الإمام حسين الذي يقع بحي الحسين بالقاهرة القديمة بجوار خان الخليلي، إلى عام 1154م/ 549ه، أي العصر الفاطمي، بعهد الخليفة الفاطمي الفائز بنصر الله، وبإشراف الوزير الصالح طلائع، ودفن بها رأس الإمام حسين بن علي بن أبي طالب، بعد نقله من عسقلان بفلسطين إلى القاهرة. وأرسلت الرأس مع بداية الحروب الصليبية خوفًا عليها من الأذى الذي قد يلحق بها في مكانها الأول بمدينة عسقلان بفلسطين، ودفنت الرأس في مكانها الحالي وأقيم المسجد عليها، ثم أنشأ صلاح الدين الأيوبي مدرسة بجوار الضريح وأطلق عليها اسم المشهد، وفي أواخر العصر الأيوبي بنى الشيخ أبو القاسم بن يحيى بن ناصر السّكري، وبالتحديد عام 1235م، مئذنة فوق باب المشهد «الباب الأخضر»، لكنه توفى قبل إتمام البناء واستكمله ابنه. على الطراز العثماني وتتميز المئذنة بقاعدتها المربعة والزخارف وتحمل لوحتين رخاميتين بهما تاريخ بناء المئذنة واسم المنشئ، وقد هدمت مدرسة المشهد فيما بعد وبني عليها المسجد الحالي، حيث يضم المسجد 3 أبواب مبنية بالرخام الأبيض تطل على خان الخليلي، وبابًا آخر بجوار القبة ويعرف بالباب الأخضر. وبني المسجد بالحجر الأحمر على الطراز القوطي «هو شكل هيكلي مميز يتم إنشاؤه عن طريق الأقواس البارزة والعقود المروحية والدعائم الطائرة» ومنارته التي تشابه المآذن العثمانية فهي اسطوانية الشكل ولها دورتان وتنتهي بمخروط، ومحراب بني من قطع صغيرة من القيشاني الملون، وبجانبه منبر من الخشب يجاوره بابان يؤديان إلى القبة وثالث يؤدي إلى حجرة المخلفات التى بنيت عام 1311ه. الإمام الحسين بن علي هو حفيد النبي محمد «صلى الله عليه وسلم»، الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، ولد بالمدينة ونشأ في بيت النبوة، فهو سيد شباب أهل الجنة وخامس أصحاب الكساء، شارك في عدد من المعارك بصحبة والده، منها «الجمل وصفين والنهروان في مواجهة الناكثين والقاسطين والمارقين». بعد وفاة معاوية مؤسس الدولة الأموية سنة 680م، وتولى الخلافة ابنه يزيد، لكن أهل الكوفة أوهموه بأنهم بايعوه للخلافة بدلًا من يزيد بن معاوية، فاتجه إليها ولكن هاجمه جيش عبد الله بن زياد قطع عليه الطريق، وقتل الحسين في موقعة الطف بالقرب من كربلاء في شهر المحرم سنة 61ه 680م، وقطع الأمويون رأس الحسين، ودفنوا جسده ومن قُتل من أتباعه في كربلاء، اختلف المؤرخون حول موقع دفن الرأس «دمشق الرقة عسقلان القاهرة كربلاء المدينة». فرجح أهل الشيعة أن الرأس الشريفة دفنت بكربلاء مع جسده، بينما اختلف أهل السنة في موضع دفن الرأس، منهم من قال إنها بدمشق، لكن الرواية الأقرب، إنها تم دفنها في ضريح الحسين بالقاهرة بعد إحضارها من عسقلان سنة 1154 ميلادية.