تعددت الروايات حول مكان دفن رأس الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ما بين القاهرة وكربلاء وغيرها، ويعتقد الكثيرون أن رأس الإمام في ضريح المسجد الذي يحمل اسمه بالقاهرة ليست موجودة أصلًا. مع وفاة الخليفة معاوية بن أبي سفيان وتولي ابنه يزيد الخلافة من بعده بالوراثة، رفض الحسين مبايعته ورحل إلى مكة ومعه جماعة من أهل بيت رسول الله وأتباعه، ومكث فيها عدة أشهر، ومن ثم توجه إلى الكوفة ومعه ما يقرب من ثمانين رجلًا من آله، ليعلم يزيد بن معاوية بسفره، فوجه إليه جيشا اعترضه في كربلاء، وهناك بدأت المعركة وسقط الحسين شهيدا، ليقطع شمر بن ذى الجوشن رأسه الشريف التي أصبح مكان دفنها فيما بعد محل خلاف كبير بين العلماء والمؤرخين. انتشرت التأويلات حول مكان الرأس، فهناك من يقول إنها في العراق وهناك من يقول إنها في مصر، والبعض يقول إنها في دمشق واختلفت الآراء حول مرقد رأس الحسين. الشيخ السيد زايد، عضو لجنة الفتوى بالأزهر يقول، إن رأس الإمام الحسين - رضى الله عنه - موجودة في مصر، وأكد أنه بعد استشهاده في كربلاء أرسل القائد الأموى عمر بن سعد بن أبى وقاص رأسه إلى دمشق ودفنها بأوامر من يزيد بن معاوية. وأشار إلى أنه تم نقل الرأس إلى ميناء عسقلان ثم جاء الفاطميون لحكم مصر والشام، وخافوا عليها من الاستيلاء فنقلوها للقاهرة، بعد وقوع الحروب الصليبية. وأوضح أن ما يتردد حول وجود رأس الإمام الحسين بالعراق بجوار الجسد كلام غير صحيح؛ لأن الجسد موجود في كربلاء، والمؤرخون الذين أرخوا لتلك الفترة أكدوا وجود الرأس في مصر، مشيرا إلى أن المسجد أقيم حول الضريح بحيث يكون المشهد بالداخل. ويرى أن إنكار البعض وجود رأس الحسين في مصر، يعود لأنهم ضد إقامة الأضرحة والمشاهد، بدليل أنهم هدموا جميع القبور الموجودة في البقيع، تلك المنطقة التي يدفن بها الصحابة وأهل البيت والرحالة الذين زاروا هذه القبور، وكان بها قبر إبراهيم بن النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وعثمان بن عفان، لدرجة أنهم كانوا يفكرون في هدم قبة الرسول لولا خوفهم من ثورة المسلمين. وتقول الدكتورة نادية حسني، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن هناك العديد من الروايات التي اختلفت على موطن رأس الحسين بن على رضى الله عنهما، ومنها أن الرأس أعيد إلى الجسد بعد 40 يوما ودفن معه في كربلاء، ومنها أنه دفن في المدينة، وأنه دفن عند باب الفراديس بدمشق، ثم نقل إلى عسقلان، ومنها إلى القاهرة في أواخر العصر الفاطمي. وأكدت الدكتورة نادية، أن أقرب الروايات المنطقية للعقل أن الرأس أعيد إلى كربلاء، وبعد 40 يوما دفن مع جسده الشريف، بعد مقتله وذبحه، وأشارت إلى أنه تم حمل الرأس إلى الوالى ومنها إلى الخليفة يزيد بن معاوية في دمشق، ثم إعادته مرة أخرى ليدفن في كربلاء، ولكن هناك بعض الروايات التي تقول إنه استقر في القاهرة في مسجد الحسين الموجود بالقرب من خان الخليلي. وأشارت إلى أنها شاهدت العراقيين وهم يحتفلون بيوم إعادة رأس الحسين قبل مقتل الرئيس صدام حسين، وأكدت أنه يوجد داخل مسجد بكربلاء على شكل مثلث يقولون إنها تحتوي على الرأس والجسد. وقالت: "مع كثرة هذه الروايات فليس لدينا دليل قاطع على مكان رأس الحسين إلى أن تقوم الساعة"!! وأكد الدكتور محمد أبو ليلة، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، أن العلماء أثبتوا أن رأس الإمام الحسين حملت إلى مصر ودخلت وعطرت في مكانها الحالي، وأشار إلى أن الأديب عباس محمود العقاد ذكر كربلاء، وأكد أن رأس الإمام الحسين في مصر. وقال: "ذكر الشيخ منصور عبيد، وكيل أول الأوقاف الأسبق، أنه دخل مقصورة مسجد الحسين في القاهرة وحفروا فوجدوا رائحة زكية أكثر من المسك والعنبر حتى وصلوا إلى مكان رأس الحسين، وأقسم لى بالله إنه وضع يده على رأس الحسين وخرج منها رائحة زكية وصلت كل من في المسجد وكان يخرج من القبر نور"!! وأضاف الدكتور أبو ليلة، أن من يحاول إنكار وجود رأس الإمام الحسين في مصر إنما هو مخطط لشغل المسلمين بأشياء لا تفيد، وأشار إلى أن الشيعة وغيرهم ينسجون المؤامرات لزرع الانقسام في صفوف الأمة. وأكد أن الإمام محمد زكي الدين، إمام العشيرة المحمدية، أكد في كتابه «مراقد أهل البيت» من خلال الأدلة، وجود رأس الحسين في مصر، وأيضا الدكتورة سعاد ماهر في كتابها "وجود رأس الحسين في مصر"، ويقال إن السيدة زينب -رضي الله عنها- حملت الرأس معها من العراق ودفنت هنا. ويرى الدكتور محمود الشريف، نقيب الإشراف، أن قضية رأس الإمام الحسين حسمت منذ فترات طويلة عن طريق المؤرخين وأساتذة التاريخ الإسلامي، وهذا ثبت بشكل قاطع لا يقبل النقاش. وأشار إلى أن المؤرخين وكتاب السير أجمعوا على أن جسد الحسين رضى الله عنه، دفن مكانه في "الطف" كربلاء، أما الرأس الشريفة فطافوا بها حتى استقرت في عسقلان "الميناء الفلسطينى على البحر المتوسط قريبا من موانئ مصر"، وأيد هؤلاء نقلها بعد ذلك إلى مصر ومنهم ابن ميسر والقلقشندى وعلى بن أبى بكر الشهير بالسايح وابن إياس وسبط الجوزي. وأشار إلى أن المقريزي، أكد أنها نقلت يوم الأحد الثامن من جمادي الآخر سنة ثمانية وأربعين وخمسمائة «845 ه» (13 أغسطس سنة 1135).. واللافت أن هناك أكثر من 9 روايات عن مدفن رأس الحسين.. وهو يؤكد أن التاريخ الإنساني يتعرض يوميًا للتدليس والافتراءات.