تزخر مصر بالعديد من الأماكن والآثار التاريخية التي يجهل الكثير من المصريين تاريخها الحقيقي، في ظل عدم انتشار الوعي الأثري والتاريخي.. و"البديل" بدورها تبنت حملة "اعرف تاريخك"؛ لنشر الوعي لدى المواطن المصري بتاريخ بلاده من خلال آثارها، وحديثنا اليوم عن مشهد الإمام الحسين. إنشاء مشهد الإمام الحسين يقول صلاح الناظر، الباحث الأثري الحر، إنه تم إنشاء مشهد الإمام الحسين في خلافة الخليفة الفاطمي الفائز بنصر الله سنة 1154م، وأشرف على البناء الوزير الصالح طلائع؛ ليدفن فيه رأس الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، بعد نقله من عسقلان بفلسطين إلى القاهرة، في سنة 1171م أنشأ صلاح الدين الأيوبي مدرسة بجوار الضريح عرفت باسم المشهد، وهي المدرسة التي هُدمت فيما بعد، وبني في مكانها الجامع الحالي. وأضاف "الناظر" أنه في أواخر العصر الأيوبي وفي سنة 1235 م شرع الشيخ أبو القاسم بن يحيى بن ناصر السّكري المشهور باسم الزرزور في بناء مئذنة فوق باب المشهد المعروف حاليًّا باسم الباب الأخضر، وتوفي أبو القاسم بن يحيى قبل أن يتم بناء المئذنة، فأتمها ابنه سنة 1236م، وهي مئذنة حافلة بالزخارف، وتبقى من هذه المئذنة قاعدتها المربعة وعليها لوحتان تذكاريتان من الرخام تتضمنان تاريخ بناء المئذنة واسم المنشئ. الإمام الحسين وعن الإمام الحسين يقول الناظر "هو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، ولد لخمس ليالٍ خلون من شهر شعبان سنة 4 هجرية (645م). عرف الإمام الحسين بأنه ريحانة جده لأمه النبي محمد عليه الصلاة والسلام وشبيهه. أقام الحسين في المدينةالمنورة، ودعا إلى نفسه بالخلافة بعد مقتل أبيه علي بن أبي طالب، وكان له أتباع كثيرون". وتابع أنه بعد وفاة معاوية مؤسس الدولة الأموية سنة 680 م، تولى الخلافة ابنه يزيد، وأرسل إلى الإمام الحسين ويطلب منه البيعة له، فانتقل الى مكة مع أتباعه، وأرسل إليه أهل الكوفة يبايعونه على الخلافة، فاتجه إليها، ولكن جيش عبدالله بن زياد، والى الكوفة الأموي، قطع عليه الطريق، وقتل الحسين في موقعة الطف بالقرب من كربلاء في شهر المحرم سنة 61ه (680م)، وقطع الأمويون رأس الحسين، ودفنوا جسده ومن قُتل من أتباعه في كربلاء، ودفن الرأس في عدة أماكن، إلى أن استقر في عسقلان بفلسطين، ثم نقل إلى المشهد الحالي في القاهرة أيام الحروب الصليبية؛ خوفًا عليه حسبما استقر عليه العديد من المؤرخين والرحالة. تجديدات مشهد الحسين وأشار "الناظر" إلى أنه في سنة 1862 أمر الخديوِ إسماعيل بتجديد المشهد وتوسيعه وبناء الجامع الحالي، وتم بناء الجامع سنة 1873، وبناء مئذنته الحالية على طراز المآذن العثمانية سنة 1878م، وأورد علي مبارك وصفًا كاملاً لجامع الحسين، وقال إن الخديوِ اسماعيل أمر بتجديده وتوسعته وتوسعة رحابه وطرقه. وقال علي مبارك "ندبني الخديوِ لعمل رسم للجامع يكون به وافيًا لمقصده الحسن، فبذلت الهمة في ذلك، وعملت له الرسم اللائق بعظيم شأنه"، مضيفاً أن "الخديوِ أوكل إليه "راتب بك" ناظر ديوان الأوقاف ببناء الجامع، ولكنه لم يُجرِ البناء على ما رسمنا، فجاء البناء غير قائم الزوايا، ضلعه الأيمن قصير عن ضلعه الأيسر، كما صار الجامع على سعته وارتفاعه غير مستوفٍ لحقه من النور والهواء، ونقل الخديوِ الى جامع الحسين منبر خشب بديعًا من جامع أزبك الذي هدم عند إعادة تخطيط حي الأزبكية والعتبة سنة 1869″. وأوضح أنه في سنة 1893 أمر الخديوِ عباس حلمي الثاني ببناء غرفة في الناحية الجنوبية لقبة المشهد، خُصِّصت لحفظ الآثار النبوية الشريفة التي تشمل قطعة من قميص النبي محمد ومكحلة ومرودين وقطعة من عصاه وشعرتين من اللحية الشريفة، بالإضافة إلى مصحفين شريفين نُسِب أحدهما الى الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، ونسب الثاني إلى الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب، ولفت إلى أن أول ما عُرف عن الآثار النبوية بمصر أنها كانت ملك بنى إبراهيم في مدينة ينبع بالحجاز، ثم اشتراها الوزير الصاحب تاج الدين محمد بن حنا خضر الدين، ونقلها إلى مصر، وبنى لها مسجداً عُرف باسم "رباط الآثار" في حي أثر النبي في مصر القديمة حاليًّا، وذلك في أوائل القرن 14م". وقال إن المشهد الحسينى وجامعه نالا عناية الحكومة بعد ثورة يوليو سنة 1952، فتم توسيع ساحة الصلاة حتى بلغت 3340م2 وإنشاء مبنى إداري للمشهد والجامع، وأيضًا مكتبة في الجهة الشرقية على امتداد القبة ومصلى للسيدات، وفي السنوات الأولى من ثمانينيات القرن العشرين قامت هيئة الآثار المصرية بإجراء أعمال ترميم وتجديد للمشهد الشريف والجامع الحسيني، وهو التجديد الذي تم فيه تغيير قبة المشهد التي ترجع إلى أعمال الأمير عبدالرحمن كتخدا التي أجراها بالمشهد سنة 1761. واختتم "وللمشهد الحسيني مكانة خاصة عند المصريين بين مشاهد أهل البيت في مدينة القاهرة، خاصة أن المصريين يحتفلون بمولد الإمام الحسين طوال شهر ربيع الثاني كل سنة، وفي شهر شوال من كل سنة كانت تحمل كسوة الكعبة الشريفة إلى المشهد الحسيني بموكب، حيث تخاط فيه ثم تحمل منه بموكب إلى مكة".