كتب: ربيع السعدني وماهيتاب عبد الفتاح وافقت لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب، خلال اجتماعها أمس الأربعاء، على مقترح بمشروع قانون مقدم بشأن تنظيم العمل داخل مستشفيات وزارة الصحة، ويلزم جموع الأطباء بالتفرغ للعمل في المستشفيات الحكومية وتجريم العمل بالمستشفيات الخاصة حتى لا يتم إهمال الخدمة الطبية. وينص مشروع القانون المطروح للنقاش داخل مجلس النواب على تجريم عمل الطبيب الذي يعمل في مستشفى حكومي بأي عمل خاص مع منح الطبيب المقابل المادي المناسب، وإلغاء "النبطشيات والسهرة"، وأن يكون العمل بنظام الثلاث ورديات يوميًا، وأن يكون التوظيف حسب حاجة العمل من خلال مسابقة. ترحيب ووفقًا لبيان رسمي صادر عن نقابة الأطباء، أكدت تقدمها من قبل بالمقترح ضمن مشروع كادر الأطباء، المقدم منذ شهور طويلة إلى لجنة الصحة بمجلس النواب مع أهمية أن يكون التفرغ أو "العمل وقت كامل" مقابل "أجر كامل" أو أجر حقيقي، يوازي الأجر الحقيقي الذي تقره الدولة للمهن المهمة التي تلتزم بالتفرغ. وقالت منى مينا، وكيل نقابة الأطباء، إن الخدمة الصحية في الوقت الحالي، خارج أجندة المسؤولين، وليست ذات أهمية أو أولوية لدى متخذي القرار، فلا يُمنح الطبيب راتبًا عادلًا للحياة أو يُتاح له التفرغ التام لعمل واحد بدلا من الجمع بين أكثر من وظيفة، ورحبت بالقانون المطروح بشرط الأجر العادل والتدريب الكافي للأطباء على نظم التعليم الطبية الحديثة المستمرة وطرق العلاج الحديثة حتى لا ينتقل من مكان لآخر. ووصف الدكتور أحمد شوشة، عضو مجلس نقابة الأطباء، مشروع القانون بالجيد، وكان يجب تطبيقه منذ فترة طويلة، مضيفا ل"البديل" أن عمل الأطباء في أكثر من مكان يجعلهم مشتتين ولا يستطيعون التركيز، سواء في العمل الحكومي أو الخاص، ما يضر بصحة المرضى، مؤكدا النقابة تؤيد القانون لإصلاح منظومة الصحة. محظورات على جانب آخر، يحظر مشروع القانون الجديد على الأطباء الحكوميين العمل في العيادات الخارجية أو مراكز الأشعة ومعامل التحاليل والصيادلة الحكوميين والفنيين وطاقم التمريض والعاملين بمراكز الأشعة والتحاليل أو الصيدليات الخاصة، ما أثار غضب هذه الفئات في ظل تدني الأجور. "أخشى أن يكون مشروع هذا القانون كلمة حق يراد بها باطل لتفريغ المنشآت الصحية الحكومية من كوادرها المميزة".. هكذا أعلن مساعد وزير الصحة السابق، الدكتور هشام شيحة، رئيس قطاع الطب العلاجي السابق، تخوفه الشديد من تصريحات رسمية تتسم بالعشوائية والتخبط وتصدير الأزمات والكوارث والمشكلات المتلاحقة، بحسب تعبيره. وأضاف شيحة ل"البديل" أن إصلاح النظام الصحي الحالي يقوم على عدة محاور رئيسية؛ في مقدمتها العمل على رفع مستوى معيشة الأطباء والفريق الطبي، لأن ذلك سينعكس إيجابا على الخدمة الطبية المقدمة للمواطن، خاصة أن المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة والجامعات يعمل بها أكثر من مائة ألف طبيب في مختلف التخصصات، ما يمثل حوالي 50% من الأطباء المسجلين في النقابة العامة، ومثلهم يعملون خارج البلاد، بالإضافة إلى الآلاف ممن يعملون تحت مسمى طبيب حر وآخرون لا يمارسون الطب. وتابع: "في المقابل، يوجد عجز شديد في بعض التخصصات المهمة مثل العناية المركزة والطوارئ والتخدير وجراحة المخ والأعصاب ويستحيل الاستغناء عنهم في حالة رغبتهم تقديم استقالاتهم"، مؤكدا أن الأطباء يعانون بشدة من ضعف المرتبات، بالإضافة إلى مشكلات كثيرة في الدراسات العليا، ولا يجدون من يستمع إليهم، رغم أنهم العمود الفقري لأي منشأة صحية. وتساءل شيحة عن مدى قدرة وزارة المالية على تدبير عشرات المليارات لتنفيذ مشروع القانون الجديد في الوقت الذي تعجز فيه عن توفير ألف جنيه فقط بدل عدوى للأطباء، فضلًا عن العجز عن تحسين أحوال أصحاب المعاشات ومنهم الأطباء، قائلًا: "أشعر بالخجل من ذكر المبلغ الذي يتقاضاه من أفنى عمره في العمل ليعامل في نهاية الأمر مثل خيل الحكومة". مخطط للخصخصة وأوضح الدكتور عادل عبدالستار، استشاري التخدير بجامعة القاهرة، أنه بعد 34 سنة من العمل داخل وزارة الصحة، هناك أكثر من 80% من الأطباء العاملين بالمستشفيات التابعة للوزارة سيفضلون العمل الخاص على الحكومي حتى لو وصل المرتب إلى 10 آلاف جنيه. ويخشى الدكتور محمد إسماعيل، استشاري الصدر والحساسية بجامعة طنطا، أن يكون وراء القانون الجديد مخطط خفي لإغلاق أبواب المستشفيات العامة وتحويلها إلى مبان مهجورة عبر هجرة الأطباء من العمل بها، في ظل عدم توفير الأجور العادلة، ومن ثم يتم لجوء غالبيتهم إلى المستشفيات الخاصة، وبالتالي يكون الباب مفتوحًا على مصراعيه أمام القطاع الخاص للمشاركة في التطوير والتشغيل والإدارة.