علام كانت تعوّل حماس منذ تولّت زمام الحكم في غزة؟ عشر سنوات مضت على تولي حركة المقاومة الإسلامية حماس مراكز الحكم في قطاع غزة، عشر سنوات كانت الأصعب على أكثر من اثني مليون إنسان يعيشون داخل القطاع، تخللتها ثلاثة حروب وويلات ومعاناة لم تمر على الشعب الفلسطيني منذ النكبة، ولا زالت حماس كما هي، بنفس الموقف والنفَس الذي كان حين سيطرت على غزة بقوة السلاح، بعد طردها للسلطة الوطنية والرئاسة من غزة. فالسؤال الآن، حين اتخذت قيادة الحركة قرار السيطرة بالقوة على القطاع في 2007، على ماذا كانت تستند وتعتمد لتسيير حياة 2 مليون مواطن، من صحة وتعليم ووظائف وكهرباء وماء وسفر وإلخ من تلك الحقوق الأساسية المفقودة في القطاع؟
الحقيقة أنَّ مفاتيح الحياة جميعها في هذا البلد لا تملك منها حماس شيئاً، لا تملك كهرباء ولا معابر ولا ميزانيات تغطي القطاعات العامة، ولا ناتج اقتصادي سوى الضرائب التي تجبيها منا نحن "المنيلين"، رقابنا كلها بيد السلطة والاحتلال، فهل تدرك حماس أنها أضعف من أن تحكم غزة؟
مشعل بعد عشر سنوات قال: "استسهلنا حكم غزة"، والحقيقة أنهم استلذّوا الحكم، ونحن تجرعنا المعاناة، تخيل عزيزي القارئ، عشر سنوات بأكملها مرّت علينا في غزة ونحن نرى ونسمع وعودا ومصالحات واتفاقيات، وفجأة صرخ صوت بداخلنا: يا إلهي، سنشيخ ونحن بين هذه المناكفات!
ربما يكون لدى حماس بعض الحلفاء، كقطروإيران، وإن نظرنا لكل منهما، سنجد أنَّ قطر "تل أبيب الوطن العربي"، لم تدعم يوماً الشعب في غزة، بل هي وطوال الأعوام الماضية كانت تدعم بقاء حماس وحكمها فقط، ولم تنفك تنقذها من كل مأزق وضيق، وهذا معلوم ما الهدف منه، ألا وهو بقاء الانقسام وتعزيز صمود حماس، وليس الشعب، والمستفيد الأول من الانقسام معلوم لدى الجميع، فهل يا ترى ستقف قطر مجددا مع حماس في أزمتها الحالية والتي ستشتد قريبا بعد الإجراءات التي سيتبعها أبو مازن؟، وهل يُمكن أصلاً أن تقف قطر أمام إرادة المجتمع الدولي وأمريكا إن كانت النية فعليا كما يُقال إنهاء حكم حماس في غزة؟
والحليف الآخر إيران، الداعم العسكري الأول، قبل يومين خرج بيان من حماس يوضح أن موقف الحركة سيتغير تجاه إيران نظراً لدعمها لنظام بشار الأسد "المجرم"، وفي تصريح سابق لمشعل قال إن ما يربط حماس بإيران ليس سوى حاجة الحركة للدعم العسكري والمالي، أي أن العلاقات الحمساوية الإيرانية بدأت تسير في منعرج ضيّق وغير مفهوم. فماذا تنتظر حماس؟ أعتقد أن الخيارات محدودة، وأن الحركة فعلياً في امتحان صعب، وإن كانت فعليا حركة وطنية ومقاومة فعليها أن تسير في أي اتجاه يخدم الشعب المكلوم الذي تحملها منذ عشر سنوات، وأن أي مغامرة سيدفع ثمنها الشعب والناس كما دفعوا ثمنها سابقاً، فهل ستظل حماس تناور وتغامر بمستقبلنا جميعاً، من أجل كرسي؟
أبو مازن بدأ فعلياً معركة جديدة ضد الانقسام وضد تولي حماس حكم غزة، كانت بدايتها خصم 30 % من رواتب الموظفين، وقد ذكرت في مقال سابق الرؤية حول هذا الموضوع، وأن هناك بنوداً ستحملها اللجنة السداسية التي تشكلت بإيعاز من مركزية فتح، للتفاهم مع حماس، كان أبرزها إلغاء لجنة إدارة غزة التي شكلتها حماس، وتسليم المعابر والوزارات لحكومة الوحدة الوطنية، والدخول بانتخابات تشريعية ورئاسية، وإن حصل فعليا ووافقت حماس على تلك البنود، فهذا شيء يحمل قليلاً من الأمل، أما إذا لم توافق، فأبو مازن صرّح أنه سيكون هناك إجراءات مشددة ضد حماس، خاصةّ وأنَّ هناك أزمة كهرباء تلوح بالأفق، وبتنفيذ هذه التهديدات؛ فالخيارات ستنحصر باتجاه حرب ضد إسرائيل تهرب منها حماس من هذه المعضلة، ولكن هل نحن بصدد مناكفات فقط كما سبقها طيلة عقد من الزمان؟
هذه التساؤلات جميعها، يقف بجانب تساؤل يجول بخواطرنا جميعاً، لماذا الآن بدأ أبو مازن بخطواته الفعلية لإنهاء الانقسام كما يُقال؟!