في وقت تعاني فيه الكثير من الدول العربية، خاصة الخليجية من تهاوي أسعار النفط والاضطرابات الاقتصادية، تواجه الكويت هذه المعضلة بالاعتماد على الاقتراض، حيث أعلنت عن خطط طموحة لمضاعفة سقف الدين العام، في إطار خطة لمدة عشرين عامًا. وكشف وزير المالية الكويتي، أنس الصالح، أن الحكومة الكويتية تستهدف إجراء تعديل تشريعي يسمح بزيادة سقف الدين العام من 10 مليارات دينار إلى 20 مليار دينار (66 مليار دولار)، وأضاف خلال افتتاح ملتقى الكويت المالي، أن الحكومة تبحث أيضا زيادة مدة السندات التي تستطيع إصدارها من 10 إلى 30 سنة وإدخال الصكوك ضمن أدوات الاقتراض. وباعت الكويت سندات بقيمة 8 مليارات دولار لأجل 5 و10 سنوات في مارس الماضي، في أول طرح لسندات دولية في الأسواق العالمية، كما باعت دول الخليج المجاورة، ومن بينها قطر والسعودية وعمان، ديون بآجال أطول على مدى الأشهر القليلة الماضية، ما أثار تساؤلات عدة عن الأسباب التي تجعل الكويت تتجه إلى الاستدانة والاقتراض رغم أنها دولة غنية وصاحبة ثروة نفطية كبيرة. الرأي الشائع في الكويت أن الحكومة تنتوي الاستمرار في سوق الدين العالمية بهدف الإنفاق الاستثماري، حيث أكد وزير المالية الكويتي حرص بلاده على إبعاد الأثر السلبي لتراجع أسعار النفط على الإنفاق الاستثماري العام، وأن الحكومة ستواصل تخصيص اعتمادات متزايدة لهذا الإنفاق في الموازنة العامة. وبجانب الحفاظ على الإنفاق الاستثماري، تؤكد الكويت ومعها الدول الخليجية أن السعي وراء الاقتراض من الأسواق الدولية هو لسد النقص في السيولة التي صاحبت تراجع أسعار النفط وسدّ العجز في الموازنة رغم الإجراءات التقشفية التي اتخذتها في العامين الماضيين، وتشير تقارير عدة إلى أن الحكومة الكويتية تسابق الزمن لبدء حملة الترويج لسنداتها في الخارج، قبل أن يُصدر الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) قراره المتوقع برفع أسعار الفائدة، ما يعني تكاليف باهظة أكثر تتحملها الدولة الخليجية. ورفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) مؤخراً، أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، على خلفية تحسن سوق العمل، للمرة الأولى منذ ديسمبر 2015، لتتراوح في البنوك بين 0.50% و0.75%، ومن هنا تستعجل الكويت إصدار سندات للاقتراض، حتى لا تضطر لدفع فوائد أعلى، خاصة أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لوح بزيادة في سعر الفائدة مرة أخرى، وأشار إلى عدة زيادات أخرى في 2017. وقال مراقبون إن تأخر الكويت في طرح سنداتها المزمعة لجمع عشرة مليارات دولار، حتى صدور قرار المركزي الأمريكي برفع الفائدة، يكلف الدولة قرابة 300 مليون دولار إضافية على الأقل، عما إذا طرحت سنداتها قبل هذا القرار، وبدأت الكويت فعليا إجراءات طرح السندات للمساهمة في عجز موازنة العام المالي الجاري، والذي تقدره وزارة المالية بنحو 5 مليارات دينار (16.4 مليار دولار) انخفاضا من توقعات سابقة كانت بحدود 6 مليارات دينار. وأرجع آخرون سعي الحكومة الكويتية إلى الاقتراض وطرح السندات إلى تخفيف الأعباء عن ميزانية الدولة، لاسيما بعد رفض البرلمان الكويتي وثيقة الإصلاح الاقتصادي التي أعلنتها الحكومة منذ أقل من عام ونالت انتقادات واسعة في مجلس الأمة الذي يشكل المعارضون نحو نصف أعضائه، وأبدت حكومة الكويت تراجعا في الفترة الأخيرة وصفه محللون "بالتكتيكي"، حيث قال وزير المالية أنس الصالح، إن "الإصلاح الاقتصادي لا تراجع عنه.. لكن وثيقة الإصلاح الاقتصادي وبرنامج الإصلاح الاقتصادي هي أدوات يتم الآن تطويرها وتعديلها بالمشاركة مع شركائنا في مجلس الأمة الكويتي بهدف رفع كفاءتها". وتهدف الوثيقة التي أقرها البرلمان السابق الموالي للحكومة في يونيو من عام 2016 إلى إصلاح الميزانية العامة وإعادة رسم دور الدولة في الاقتصاد وزيادة دور القطاع الخاص وتفعيل مشاركة المواطنين في تملك المشروعات العامة وإصلاح سوق العمل، كما ستعمل على تخفيف العبء على الميزانية، حيث تنص على رفع أسعار البنزين والسولار والمحروقات ورفع أسعار تعرفة الكهرباء والماء والشروع في إعداد قانون جديد لفرض ضرائب على الشركات المحلية بواقع 10 % من صافي أرباحها السنوية، بالإضافة إلى إعادة هيكلة الرواتب والمكافآت والمزايا الوظيفية للعاملين في الحكومة، المكان المفضل لأكثر من 90 %من القوى العاملة الكويتية، وهو ما قوبل برفض حاسم من عمال النفط، الأمر الذي استدعى تعزيز فكرة الاقتراض والاستدانة وطرح سندات للخارج.