أصبح التوك توك صداعا مزمنا في رأس الدولة، بسبب الانفلات المروري الذي يحدثه، إلا أنه وسيلة ضرورية وأحيانا وحيدة لعدد كبير من المواطنين، وبينما أوصت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، بالوقف الفوري لاستيراده أو تصنيعه، أكد بعض الخبراء أهميته لكثيرين، فى ظل عدم تغطية منظومة النقل العام للمحافظات كافة. وطالب الخبراء بأهمية ترخيص التوك توك لمواجهة الانفلات الأمني والمروري حتى تتمكن الدولة من توفير بديل له، خاصة أن آخر إحصائية لإدارة العامة للمرور قدرت أعداد التوك توك في المحافظات بحوالي 2 مليون و500 ألف مركبة، وتم انتهاء التراخيص ل80 ألفا منها فقط. وأعلنت أول دراسة اقتصادية رسمية حول التوك توك في مصر عام 2015، أنه قدم حلولاً عملية وغير مكلفة لعدد من المشكلات التي تعاني منها مصر، ووفر فرص عمل ومصدر دخل للعديد من المواطنين، وأسهم فى حل مشكلة المواصلات بكثير من المناطق، خاصة القرى والنجوع، بعد أن أصبح وسيلة المواصلات التى يعتمد عليها أكثر من 30 مليون مواطن يوميا. وقالت الدراسة المعنونة ب"التوك توك فرصة للتنمية" بأنه يوفر دخلاً شهرياً لمالكه وسائقه فى حدود ألفي جنيه، ما يعنى إجمالي دخل يصل إلى 3 مليارات جنيه شهريا، يتم توجيهها إلى الاقتصاد مرة أخرى؛ من خلال الحصول على سلع وخدمات تسهم فى خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة فى القطاعات الاقتصادية المختلفة، بالإضافة إلى زيادة معدلات الطلب والاستهلاك مما يسهم فى تحفيز الاقتصاد. كشفت الدراسة أن التوك توك يستخدمه تقريباً 30 مليون مواطن يومياً نظراً لعدم وجود بدائل أخرى، كما يمثل مصدر دخل لحوالي 6 ملايين مواطن، إذ يستفيد منه حوالى 6 ملايين مواطن من ملاك وسائقين وأسرهم، بخلاف آلاف المواطنين المستفيدين منه بطريق غير مباشر مثل التجار والفنيين وأسرهم، وأوضحت الدراسة أن 1.5 مليون شخص يعملون عليه، كما يوفر نحو 200 ألف فرصة عمل مباشرة سنوياً دون تحمل الحكومة أية أعباء اقتصادية أو مالية، حيث إن معدل مبيعات التوك توك السنوية ما بين 60 ألفاً إلى 65 ألف وحدة. وأوصت الدراسة بتعميم ترخيص التوك توك، باعتباره خطوة جادة لدمج 1.5 مليون مواطن في الاقتصاد الرسمي، ستسهم في توفير عائد مادي كبير لخزينة الدولة، واقترحت تخفيض رسوم الترخيص، قائلة إنه حال فرض 500 جنيه رسوم ترخيص (نصف القيمة المفروضة حالياً) وغير المطبقة على كل توك توك شهرياً، فإن ذلك سيدر نحو 250 مليون جنيه سنوياً؛ بخلاف العائد من الزيادة المتوقعة فى الرسوم الجمركية على قطع الغيار وضرائب الدخل على ملاكه، إضافة إلى أن استخدام التوك توك كوسيلة نقل رئيسية فى مجتمعات عمرانية جديدة والمناطق النائية والوعرة يعد الأقل تكلفة على المواطنين وأقل استهلاكاً للبنزين، وبالتالي يعد من أقل وسائل النقل فى نسبة الانبعاثات وتلويث البيئة. وأضافت الدراسة أن أهم الفوائد الاجتماعية لتقنين أوضاع التوك توك، تأمين مصدر دخل لملايين المواطنين، محذرة من أن عدم ترخيصه يعد تهديداً مباشراً للأمن القومي، في ظل عدم وجود بديل آخر لتعويض الملايين من المواطنين وعائلاتهم ممن يعتمدون عليه كمصدر دخل ورزق، ما سيؤدي إلى وجود حالة من الاحتقان والمصادمات بين سائقي وملاك التوك توك والأجهزة المعنية، فضلاً عن اللجوء إلى الأعمال الخارجة على القانون بحثاً عن مصدر رزق آخر. وقال الدكتور أسامة عقيل، أستاذ هندسة الطرق والمرور بكلية الهندسة جامعة عين شمس، إن التوك توك بلا شك تسبب في مضاعفة الأزمة المرورية، خاصة في ظل عدم وجود خطوط سير محددة، حيث يتحرك في الشوارع الرئيسية والمدن والعواصم دون أي رقابة، مؤكدا أن إيقاف استيراده ليس حلا؛ لأنه أصبح وسيلة نقل ضرورية وتخدم ملايين المواطنين في المحافظات المختلفة. وأضاف عقيل ل"البديل": "قبل إيقاف استيراده، يجب أن تفكر الدولة في بديل للنقل العام الحضاري يلبى احتياجات المواطنين في وسيلة مواصلات آمنة تنقلهم من مكان إلى آخر داخل المدن والقرى والمحافظات، من خلال منظومة مرورية متكاملة"، متابعا أنه يتفق مع اقتراح "النواب" بتقنين وضعها المروري وضبط سيرها للتخفيف من حدة الأزمة المرورية، وأن يكون خط سيرها في الأطراف والمناطق النائية وداخل القرى التي تفتقر لوسائل النقل الجماعي. وحذر من سيطرة الميكروباصات والتوك توك على 40 % من خدمات النقل المقدمة للمواطنين، ويجب على الحكومة أن تظل المحتكر الشرعي لخدمات النقل لأنها لن تؤذي أو تستغل المواطن بعكس القطاع الخاص، مطالبا بضرورة أن تضع الدولة التوك توك تحت سيطرتها القانونية حتى تستطيع إيجاد بديل حضاري آخر عنه يقدم الخدمات للمواطنين. وأكد اللواء مجدي الشاهد، الخبير المروري، أن الدولة ليس بحاجة إلى إيقاف استيراد التوك توك الذي أصبح أمرا واقعا لا يمكن إنكار أهميته، لكنها بحاجة إلى تطبيق قانون المرور والقضاء على الفوضى المرورية بتشريع قائم بالفعل ولكن غير مستغل، مضيفا أن قانون المرور 128 لسنة 2008 أول قانون مرور يعترف بترخيص التوك توك، بل ألزم ملاكه وحائزيه بترخيصه في إدارة المرور، والأزمة كانت فى بعض المحافظين والمحليات الذين رفضوا ترخيصه، وأعطاه بعضهم رخصة النقل البطىء، ما يعد عوارا. وأوضح الشاهد ل"البديل": "ليس من حق مجلس النواب اقتراح إيقاف التراخيص الجديدة للتوك توك، أو منع القائم من العمل؛ في ظل صدور قرار بقانون رقم 54 لسنة 2014 في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور، الذي يلزم التوك توك بالترخيص"، مؤكدا أن المحافظين والمسؤولين في المرور الذين يمتنعون حتى الآن عن تنفيذ قانون المرور بترخيص التوك توك مخطئين ويخالفون القانون، ويتسببون في إهدار ملايين من الجنيهات، مثل رسوم التراخيص والغرامات، كما يساهمون في انتشار الجرائم والانفلات الأمني لسائقى التوك توك غير المرخصين.