تعاني عزبة الصيادين بمدينة الإسماعيلية، والتي اشتهرت بصيد الأسماك وصناعة القوارب، من أزمات يمكن أن تقضي على المهنة، التي توارثوها أبًا عن جد، نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الخامات، واختفاء الزريعة من الأسماك؛ مما اضطر البعض إلى هجر المهنة، بل والسفر إلى دول أخرى لممارسة مهنته بها، خاصة أنه رغم كل هذه الضغوط، تأتي الدواعي الأمنية، لتجبر الصيادين على عدم الاقتراب من منتصف البحيرات، والاكتفاء بالصيد بالقرب من الشواطئ ولساعات محددة. تتميز المنطقة بالعديد من البحيرات المصرية المرتبطة بقناة السويس، كبحيرة المنزلة وبحيرة الصيادين وبحيرة التمساح والبحيرات المرة الكبرى والصغرى، والتي تمثل حاجزًا للقناة من آثار المد والجزر، كما أنها كانت مصدرًا لثروة سمكية هائلة. وقال عبد الله إسماعيل، نجار قوارب، إن المهنة تنهار بسبب الأوضاع الاقتصادية والأزمات التي تشهدها مهنة الصيد، مؤكدًا أن معظم سكان القرية من النجارين أو الصيادين، وتتناقص أعدادهم يومًا بعد يوم، وتغلق الورش؛ بسبب ضيق الحال، ولا توجد أي اتفاقات على تصنيع قوارب جديدة، ولكن بين الحين والآخر نجد قاربًا يحتاج إلى تصليح. وأكد أن تضارب أسعار الخامات وارتفاعها وعدم توافرها ضاعفت من معاناة التصليح، ولهذا هجر كثير من الصنايعية بالقرية المهنة، وبدءوا البحث عن مصدر رزق آخر. وتابع أنه رب أسرة مكونة من 4 أبناء بمراحل تعليمية مختلفة، وزوجته ربة منزل، ولا يوجد أي مهنة يعرفها سوى بناء قوارب الصيد الصغيرة التي توراتها عن أبيه وجده، وأصبح يعيش على الدين والسلف؛ لتلبية احتياجات أسرته، مشيرًا إلى أن الأحوال قبل الثورة كانت منتعشة، و"لا يلاحقون على الطلبات"، وقواربهم كانت تملأ بحيرات الإسماعيليةوالسويس وبورسعيد، وتصدر أيضًا إلى دول إفريقية. وأشار إلى أن بناء القارب كاملًا يستغرق حوالي شهرين، ويعمل فيه ثلاثة صنايعية بيومية 100 جنيه، مستخدمين في صناعته الخشب السويدي والتوت، وتكلفة القارب حوالي 10 آلاف جنيه، تزيد حسب الحجم والشكل والإمكانيات. وأكد أحمد النجار أن أهالي المنطقة يمرون بأسوأ ظروف منذ بدءوا مزاولة المهنة، مضيفًا أن شقيقه سافر إلى السودان مع بعض الأهالي؛ ليعملوا في تصنيع القوارب هناك، وهو يرعى أسرته وأسرة شقيقه، وأن ضيق الحال دفع كل ورشة للاستغناء عن الصنايعية، وأن أعمال التصليح والصيانة قلت، وزيادة التكاليف جعلتهم يطلبون من الزبائن شراء الخامات ومحاسبتهم على المجهود والصناعة فقط. وتابع أن المسؤولين لا يشعرون بهم، ولا يهتمون بصناعتهم ولا مهنتهم، مشيرًا إلى أن العزبة هجرها النجارون والصيادون أيضًا، بعد أن كانت تنتعش بالجميع، وكانت أسعار الأسماك فى متناول الجميع، عكس ما نشاهده الآن، محذرًا من انقراض مهنة صناعة القوارب في عزبة الصيادين. وأكد أنه لم يعد يستطيع سد نفقات تعليم أولاده وأولاد شقيقه. ولفت إلى أنه إضافة إلى الارتفاع المستمر في أسعار المواد الخام، يعاني الصيادون من قيود مفروضة عليهم للدواعي الأمنية واختفاء الزريعة، سواء بالسرقة أو الموت بسبب الملوثات، ورغم لجوء البعض للقوارب القديمة ومحاولات ترميمها المستمرة، إلا أن الصيد أصبح شحيحًا، والصيادون يتعرضون للخطر؛ لتهالك بعض القوارب وغرقها. ومن جانبه قال اللواء ياسين طاهر، محافظ الإسماعيلية، إن أزمة عزبة الصيادين خارجة عن مسؤوليات المحافظة، فضيق الأحوال وغلاء الأسعار مشكلة عامة، والدواعي الأمنية يتم التنسيق فيها مع الجهات الأمنية من الجيش والشرطة، وطالبهم بالتحلي بالصبر لصالح البلاد، حتى تمر الأزمة التي يعاني منها الجميع.