في الوقت الذي تعاني فيه محافظة المنيا بشكل كبير من ضعف العملية الصناعية على أراضيها، يفاجأ البعض بوجود 3 مناطق صناعية على ملايين الأمتار، تقع في مراكز مختلفة بالمحافظة، وما زالت لا تعرف طريقًا للمستثمرين؛ لقلة الترويج لها والاعتناء بها من قبل المسؤولين، رغم مرور عشرات السنين عليها. أشهر المناطق الصناعية هي منطقة "السريرية" بمركز سمالوط شمال المحافظة، وتقع على 1000 فدان تقريبًا، ولا يوجد بها الا مصنع واحد للأسمنت، ومنطقة الشيخ فضل بمركز بني مزار، التي يوجد بها بعض الورش الصغيرة لصناعة الرخام، أما المنطقة الثالثة فهي "المطاهرة " بشرق النيل، التي أنشئت على مساحة 1800 فدان، والقريبة من مدينة المنيا الجديدة، وهي أشهر المناطق الثلاث، رغم ضعف نشاطها وتوقف عدد كبير من المشروعات بها، وسط تبادل الاتهامات بين المستثمرين للمسؤولين بقلة المرافق وصعوبة إنجاز إجراءات التراخيص، واتهام المسؤولين لهم بالتسقيع لسنوات عديدة وعدم الجديه في التنفيذ. يقول محمد فهد، مهندس طاقة وأحد أبناء سمالوط، إن منطقة السريرية شديدة الأهمية؛ إذ تصنف منطقة للصناعات الثقيلة لإنتاج الحديد والأسمنت وما شابه، ورغم ذلك فإن الإهمال الذي تعانيه لا يجعل الكثير من المستثمرين يقتربون منها، إذ تفتقر للمرافق بشكل كامل، ما يجعلها طاردة للاستثمار. واستنكر فهد عدم استغلال الطاقة العمالية الكبيرة بالمحافظة، والتي يوجد بها نسبة بطالة تتخطى ال 20% بين الشباب، مشيرًا إلى أن منطقة المطاهرة هي المعروفة نسبيًّا عن غيرها، ولكن ابتعادها عن المراكز الشمالية يجعل الأمر صعبًا على العمال للانتقال إليها، مضيفًا أن الحل يكمن في استغلال المنطقتين الصناعيتين الأخريين وبشكل عاجل، خاصة بعد عودة آلاف الشباب من الخليج وبحثهم عن أية وظائف، وغالبيتهم من أبناء المراكز الشمالية (سمالوط ومطاي وبني مزار). واتفق معه حسن على، صاحب ورش لتقطيع الرخام بمركز مغاغة، مؤكدًا أن المشكلة لا تتمثل فقط في إنشاء المصانع من المستثمرين، ولكن في صعوبة توصيل المرافق لها، اذ تفتقر مناطق الشيخ فضل والسريرية للبنية التحتية، ما يعني تكبدهم ملايين الجنيهات لإدخال المياه والصرف الصحي لها، ناهيك عن بعد المسافة وغياب التأمين بشكل كبير. وأشار علي إلى أن هناك مضايقات كبيرة يتعرضون لها خلال عملهم بالورش داخل المدن، إضافة إلى تعدد المخالفات من قبل المسؤولين، إلا أنهم رغم ذلك لا يستطيعون نقل ورشهم إلى أي منطقة صناعية أخرى؛ لابتعادها أكثر من 30 كيلو متر عن المدن، ولارتفاع تكلفة نقل منتجاتهم من والى المدينة، خاصة في ظل الغلاء، مطالبًا محافظ المنيا عصام البديوي بوضع سياسة جديدة للتعامل مع منظومة الصناعة في المنيا واستغلال المناطق الصناعية الثلاث وتذليل كافة العقبات للمستثمرين. في ذات السياق قال المهندس محمود سعد، مدير المنطقة الصناعية بالمنيا الجديدة، إن منح الأراضي في المنطقة الصناعية بمنطقة المطاهرة يتم بالمجان، ولكن مؤخرًا صدر قرار من مجلس الوزراء بأن تكون قرارات المنح صادرة من الهيئة العامة للتنمية الصناعية بدلًا من المنطقة الصناعية بالمحافظة، متوقعًا عدم الإضرار أو تعطيل مصالح المستثمرين من ذلك القرار. وأضاف سعد ل "البديل" أن السبب الحقيقي لعزوف الكثير من المستثمرين عن المنطقة الصناعية بالسريرية رغم اتساع مساحتها، والتي تصل لنحو 1000 فدان تقريبًا، وامتداد المنطقة الصناعية بالشيخ فضل لمساحات كبيرة، هو عدم استكمال المرافق، وعدم منح أراضيها بالمجان، متوقعًا زيادة الإقبال عليهما اذا تم حل هاتين المشكلتين. وعن المنطقة الصناعية بالمطاهرة التي يترأسها، أوضح أنها ستشهد طفرة كبيرة خلال السنوات القليلة القادمة، حيث شهدت هذا العام تقدم مستثمرين لانشاء مصانع للحديد والصلب وآخر لانتاج المحاليل الطبية، ومصنعا للاستفادة من أخشاب الغابات الشجرية وعدد من المشروعات الأخرى. وعن حجم المصانع التي تشهدها المنطقة الصناعية بالمنيا الجديدة أوضح أنها بلغت 148 مصنعًا منتجًا، و42 مصنعًا متعثرًا، إضافة إلى ما يقرب من 134 مشروعًا تحت الإنشاء، مضيفًا أنه تم تخصيص 306 أفدنة للصناعات النسيجية بالتعاون مع الهيئة العام للاستثمار. وكان محافظ المنيا عصام بديوي قد أعلن خلال مؤتمر مستثمري المحافظة، الذي نظمه بنك التعمير والإسكان منذ 4 أشهر تقريبًا، عن استيائه من مستوى المناطق الصناعية بالمنيا، واستنكر خلو السريرية من المشروعات، وقال إن المناطق حتى الآن لا يوجد بها مصانع كبرى بالشكل المطلوب، ونحو ثلثي المنطقة خالٍ وغير مستغل، مشيرًا إلى أن الفترة القادمة ستشهد تواصلًا مع عدة جهات؛ لدفع عجلة الاستثمار، مشددًا على سحب الأراضي من المتقاعسين. وأكد البديوي حينها أنه جارٍ تنفيذ مطالب المستثمرين بتطبيق سياسة الشباك الواحد، حيث تم الاتفاق مع إحدى الشركات المتخصصة لعمل نظام إلكتروني للجهات المختلفة؛ لتيسير إجراءات الترخيص للمستثمرين من داخل المحافظة دون الذهاب الى عدة وزارات، وسيتم تنفيذ تلك الشبكة خلال عام على الأكثر، ووعدهم بحدوث طفرة في المنظومة الصناعية.